هاربات من «سجن» حسن البنا
الأحد، 03 فبراير 2019 10:00 ص عنتر عبداللطيف
طال خداع الإخوان الجميع، وامتد إلى الفتيات والسيدات اللاتى وقعن ضحية لهذا التنظيم الإجرامى، بعد التحاقهن بما يسمى بـ«تنظيم الأخوات» داخل الجماعة الإرهابية.
العديد من المنشقات عن تنظيم الإخوان الإرهابى، اتفقن على أن الجماعة تستغل السيدات فى الأغراض السياسية، أقلها الدعاية الانتخابية، نظرا لاستطاعة العنصر النسائى أن يظل بعيدا عن رقابة الأجهزة الأمنية، ويستطيعن التحرك بسهولة دون رصدهن، ما سهل أيضا نقل المعلومات من وإلى قيادات الجماعة بالسجون عبر السنوات التى سبقت اندلاع أحداث 25 يناير، والتى أعقبها تغيير التكليفات والمهام لعناصر الجماعة النسائية ومن بينها التصدى للتظاهرات المعترضة على بقاء الجماعة الإرهابية فى الحكم، حيث كانت الجماعة تستخدم النساء فى التظاهرات وتدفع بهن إلى المقدمة وتزعم حمايتهن.
تقول إحدى المنشقات عن التنظيم الإرهابى: «الجماعة كانت تدفع بنا إلى مقدمة المظاهرات دون أى تأمين مع وعد بدعمنا حال سقوطنا فى قبضة الشرطة، إلا أن ذلك لم يحدث، فلم نجد عقب القبض علينا من الجماعة إلا نُكرانا وإهمالا»، لافتة إلى أنها عقب الانشقاق عن الجماعة الإرهابية انتابها شعور بالظلم واتخذت قرار الانشقاق عن هذه الجماعة، فقد دفعت ثمنا لم تكن تستحقه وسددت فواتير غيرها ارتكبوا الكثير من الأخطاء والحماقات.
آخر المنشقات عن تنظيم الأخوات هى «عزة عفيفى» زوجة الباحث «سامح عيد»، والذى كان عضوا بالجماعة قبل أن يتوب عن أفكارها.
انضمت «عزة عفيفى» إلى جماعة الإخوان وهى فى سن 19 عاما وهى خريجة كلية التربية قسم اللغة الفرنسية ونشأت فى أسرة محافظة دينيا واجتماعيا، حتى كان تجنيدها فى الجماعة رسميا منذ السنة الأولى فى الجامعة لتتولى هى نفسها مهمة تجنيد مزيد من «الأخوات» و«الزهرات»، واستقطابهن وفق قولها، فكيف تلقت نبأ خروج زوجها من الجماعة؟، تحدثت الزوجة والقيادية السابقة فيما يسمى بالأخوات المسلمات عن بداية ارتباطها بزوجها ومعارضتها فى بادئ الأمر انشقاقه عن الجماعة: رفضت بشدة خروجه من الجماعة، وأخبرته أنه ليس بعنقك بيعة، فلقد أصبح كما يقال بالعامية «سايب»، ليستمر بسبب ذلك توتر العلاقة الزوجية بيننا لما يقارب العام، حتى بدأت مضايقات الجماعة لى تمهيدا لعزلى.
وتابعت «عفيفى» فى تصريحات لها: «لم يمنعنى زوجى من الاستمرار بالجماعة، بعد أن تركها وقال لى إنه سوف يصدر كتابا كنقد ذاتى للجماعة، ومن الممكن أن تكونى بعد ذلك شخصية غير مرغوب فيها داخل التنظيم، ومن الممكن أن يتهموكى بالعمالة لأجهزة أمنية».
وتستطرد «عفيفى» لتروى كيف أنها لم تصدق ما أخبرها به زوجها فى البداية «لا أنكر أننى كنت أحبهم جدا حتى أكثر من أخوة الدم، إلا أن الحرب النفسية التى مارسوها ضدى بعد استقالة زوجى من الجماعة جعلتنى أعمل عقلى»، متابعة: «اعتبروا زوجى خرج من الملة، وخيرونى بين العودة للجماعة، أو الاستمرار مع زوجى، وأتذكر أننى ظللت سنة كاملة أتعالج من الاكتئاب والانهيار العصبى بسبب الحرب النفسية التى مورست ضدى، وكان السبب الرئيسى فى علاجى وتجاوزى الأزمة والصدمة زوجى، لأنه علمنى كيف أعمل عقلى ولا أكون تابعة، وأننا بشر ولسنا ملائكة».
إرهاصات نشأة تنظيم الأخوات بدأت بتاريخ 22 يوليو 1933، حيث نشرت فى مجلة الجماعة ما أطلق عليه «أول لائحة للأخوات المسلمات»، وتضمنت أنه: «فى غرة المحرم سنة 1352هـ، 26 أبريل سنة 1933م، تألفت فى الإسماعيلية فرقة أدبية إسلامية تسمى «فرقة الأخوات المسلمات»، الدروس والمحاضرات فى المجتمعات الخاصة بالسيدات والنصح الشخصى والكتابة والنشر وعبر كلمات مختصرة حددت اللائحة طبيعة هذا التنظيم، قائلة: «تعتبر عضوة فى الفرقة كل مسلمة تود العمل على مبادئها، وتقسم قسمها وهو: «عليَّ عهد الله وميثاقه أن أتمسك بآداب الإسلام، وأدعو إلى الفضيلة ما استطعت»، ونصت اللائحة على أن المرشد العام هو رئيس التنظيم النسائى للأخوات المسلمات، ويتصل بعضواتها بوكيلة عنه، ونصت على أنه: «كل عضوات التنظيم، ومنهن الوكيلة، أخوات فى الدرجة والمبدأ، وتوزع الأعمال التى يستدعيها تحقيق الفكرة عليهن، كل فيما يخصه، وتعقد عضوات الفرقة اجتماعا أسبوعيا خاصا بهن يدون فيه ما قمن به من الأعمال خلال الأسبوع الماضى وما يرونه فى الأسبوع الآتى، وفى حالة ما إذا كثر عدد العضوات يصح أن يقتصر هذا الاجتماع على المكلفات بالأعمال منهن».
وتعد لبيبة أحمد أول رئيسة لقسم الأخوات المسلمات فى جماعة الإخوان المسلمين، وهى ناشطة سياسية واجتماعية، وقد عملت تحت إمرة رئيس القسم الشيخ عبداللطيف الشعشاعى، والمشرف عليه من مكتب الإرشاد صالح عشماوى.
تزوجت «لبيبة» من عثمان مرتضى الذى ترقى فى المناصب القضائية، حتى أصبح قاضيا فى محكمة الإسكندرية وحصل على لقب الباشا، وكان على علاقة وثيقة مع الخديوى عباس حلمى الثانى، وتم تقليده رئيسا لمجلس الخديوية فى يناير 1914، وقد ولدت لبيبة أحمد فى القاهرة عام 1870 لأب يدعى أحمد عبدالنبى يعمل طبيبا.
أما القيادة الإخوانية الشهيرة زينب الغزالى، فقد لعبت دورا مهما من خلال عضويتها فى تنظيم الأخوات وتعد من أهم عضوات التنظيم النسائى، وأول من ألقى الضوء على هذا التنظيم، من خلال كتابها «أيام من حياتى»، الذى كشفت فيه كيف رفضت التعاون مع الإخوان فى البداية، ثم انضمت إلى الجماعة، ليجرى تكليفها بدور سياسى مهم، من قبل قيادات الجماعة، لمحاولة إبرام صفقات مع حزب الوفد، والقوى السياسية على الساحة فى نهاية أربعينيات القرن الـ20، وتحديدا مع الزعيم مصطفى النحاس باشا، وقادت زينب الغزالى أيضا، التحركات عقب حل جماعة الإخوان، فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حيث جرى صدام بين الدولة والجماعة، وصدرت أحكام بالإعدام ضد الكثير من قيادات الجماعة، ما أدى إلى تحول «الغزالى» إلى عدو لدود للدولة المصرية، ويزداد نشاطها واهتمامها بشئون المعتقلين، وكفالة أسرهم، كما أنها لعبت ذات الدور الذى تلعبه كثيرات فى تنظيم الأخوات، وهو تبادل المعلومات بينهن وبين العناصر الهاربة.
يذكر أن زينب الغزالى ولدت عام 1919، بمركز ميت غمر فى محافظة الدقهلية، وكان والدها من علماء الأزهر، وانضمت فى شبابها للاتحاد النسائى، الذى كانت ترأسه هدى شعراوى، وفى عام 1937 أسست «الغزالى» حركة «السيدات المسلمات».
وتعد «عزة الجرف» تلميذة «زينب الغزالى»، والتى برز دورها بالسلب خلال عضويتها ببرلمان الإخوان فى عهد المعزول محمد مرسى، حيث طالبت بزواج البنات فى سن الطفولة منعا للتحرش والاغتصاب، كما رفضت تحديد سن معينة للزواج وطالبت بتنفيذ ختان الإناث دون تطبيق أى عقوبات على من ينفذه.
عزة الجرف الشهيرة بـ«أم أيمن» متزوجة من القيادى الإخوانى بدر محمد بدر.
وعقب الإطاحة بالجماعة الإرهابية من الحكم فى 30 يونيو 2013 وخلال اعتصام رابعة المسلح، صعدت «أم أيمن» على المنصة وأخذت تردد «النصر صبر ساعة، اثبتوا والخير جى، والليلة عودة ريسنا للاتحادية معزز مكرم» حسب زعمها، لتختفى بعد ذلك عقب فض الاعتصام، ثم تعود وظهرت بعدها فى حلقة مع الإعلامى «طونى خليفة» لتؤكد أن سر تيقنها من عودة مرسى كان بسبب: «أن مرسى جاءها فى الحلم، وأكد لها أنه سيعود غدا ليحرر مصر بمساعدة الشعب المصرى» حسب زعمها.