بفلوسي يا كتاب!

السبت، 02 فبراير 2019 03:57 م
بفلوسي يا كتاب!
عنتر عبد اللطيف يكتب:

 
لم ينشر «فرانس كافكا» رائد الكتابة الكابوسية إلا القليل من أعماله فى حياته، حيث كان قد طالب بإحراق وإبادة كتاباته، إلا أن صديقه المقرب «ماكس برود » لم يستجب لوصية «كافكا» – من حسن  الحظ - ونشر أعمال الأديب التشيكي العظيم،  الذي كان يكتب بالألمانية من قبيل « المحاكمة والقلعة أو الرجل الذي اختفى» لتظل هذه الأعمال الخالدة علامة على الأدب العبثي، أو الكابوسي، وهو ما يكشف أن الرجل ربما لم يكن راضيا عن أعماله، وهو هاجس يظل يؤرق الأديب الحقيقي طيلة حياته.
 
منذ سنوات طفت على السطح ظاهرة الكاتب الذي ينتج عشر كتب في العام، لكن هذه الظاهرة كانت استثناء، لتتحول مؤخرا إلى قاعدة، وللأسف هناك من يشجعها طالما من يطلق على نفسه كاتب رفع شعار «بفلوسي يا كتاب»!
 
أشياء كثيرة في حياتنا أصحبت مجرد تأدية واجب ،فلماذا هناك دائما من يعتقد أنه قادر على «بيع الهوا في قزايز» طوال الوقت ، ولماذا أقحم البعض« الفهلوة» حتى في الأعمال الأدبية والإبداعية؟
 
أسئلة عديدة لم ولن نجد لها إجابات، في ظل غياب المعايير ليستبيح البعض كل شيء، وليتحول الإبداع الحقيقي إلى «طلق صناعي»!
 
ليس مجال الحديث هنا عن معرض الكتاب وما يعرض به من كتب، إلا أن بعض مبدعين هذا الزمان استسهل كتابة بعض «المطبوعات» لتطالعنا عناوينها فجة، مثل قتيل على قارعة الطريق لا يجد من يوارى جثته التراب.
 
العناوين الفجة تأتي في المرتبة الأول بعد من يزعمون كونهم «مبدعين» فالاستسهال كان وسيظل في كافة المجالات، لكنه مؤخرا أصبح هو الأصل والإبداع الحقيقي توارى خجلا مما يفعلون.
 
 ليس الإبداع أن أجمع بعض الموضوعات حتى بدون إعادة صياغتها، وأطلق عليها كتاب، وأفاخر بعرضها بمعرض الكتاب، فمعظم الأدباء كانوا يترددون ألف مرة قبل أن يسارعوا بنشر أول رواية أو عمل أدبي لهم.
 
في السنوات الأخيرة انتشرت ما تسمى بورش كتابة الأفلام السينمائية والأعمال الدرامية، منتج هذه الورش كان مثل الطعام الذي بدون ملح، مثل الماء لا طعم له ولا رائحة، لينفض الجمهور من حول هذه الأعمال، ويذهب ليبحث عن أبداع حقيقي، ميمما وجهه شطر الأفلام الأجنبية، والدراما السورية والتركية والهندية.
لن تتحق الصحوة الأدبية الحقيقة ، إلا بوعي حقيقي، وأن ننحى «الفهلوة » جانبا، وأن نؤمن بما نفعله، ونصنعه، ونسخر ما حبانا به من ملكات، كل في موقعه، ووفق موهبته، فالحكاية «مش لوي دراع»!
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق