أباطرة الدروس الخصوصية Vs وزير التعليم.. من ينتصر في معركة امتحانات أولى ثانوي؟

الأحد، 20 يناير 2019 10:00 ص
أباطرة الدروس الخصوصية Vs وزير التعليم.. من ينتصر في معركة امتحانات أولى ثانوي؟
امتحانات اولى ثانوى
أمل غريب

انطلقت مطلع الأسبوع الماضي، امتحانات الثانوية العامة التراكمية التي تقرر أن تكون تجريبية، بهدف تدريب الطلبة على طريقة الأسئلة التي تم تصميمها وفقا للمنظومة التعليمية الجديدة التي وضعتها وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بهدف تطوير التعليم في مصر، وهو المشروع القومي الذي يتبناه الرئيس عبد الفتاح السيسي في إطار خطة بناء الإنسان المصري.

المشهد العام للأسبوع الأول من انطلاق الامتحانات التجريبية لطلبة الصف الأول الثانوي، التي تستمر حتى الخميس 24 يناير الجاري، لاقى عددا من التحديات التي واجهتها وزارة التعليم، كان البطل الأول فيها هو تسريب الامتحانات بشكل يومي، ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، التي يرتبط بها كل الطلبة بشكل كبير، مما أحدث نوع من التشتت بين الطلبة وأولياء الأمور، خاصة وأنه لأول مرة في مصر يتم تطبيق نظام امتحان الكتاب المفتوح، أوكما يعرف بـ «الأوبن بوك»، الذي رحب به الطلبة على الرغم من عدم اعتيادهم على مثل هذا النظام، واعتبره البعض منهم «فخً» نتيجة لاعتيادهم على عدم الثقة في أي قرار حكومي بشأنهم واعتمادهم على تلقي كل معلوماتهم من خلال صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي دائما ما تشككهم في أي قرار حكومي، حتى وإن أصدرت الوزارة نفي رسمي لأي من الشائعات التي تتدواولها منصات الفيس بوك وتويتر وحتى مجموعات الواتس آب.

طلبة اولى ثانوى بعد الامتحان
طلبة اولى ثانوى بعد الامتحان

الشفافية التي تعاملت بها وزارة التربية والتعليم، بقيادة الدكتور طارق شوقي، وصدقه بما وعد في تطبيق نظام «الأوبن بوك» في امتحان الصف الأول الثانوي، واعتماد تصميم الامتحان على نظام الفهم وليس الحفظ والتلقين تقيس الفهم والمهارات الحقيقة للتعلم من خلال أسئلة «حرة ومفتوحة» يستخدم فيها الطالب الكتاب، بهدف تغيير أسلوب الطالب ومن ثم تغيير طريقة التقويم التي تستهدفها الثانوية الجديدة، كان بحقا شهادة نجاح تكتب للمنظومة التعليمية الجديدة التي تطبقها الوزارة، ومر اليوم الأول لامتحان اللغة العربية بسلام، ولاقى الامتحان صدى واسع بين طلبة المرحلة، حتى أن النسبة الأكبر منهم كانت راضية عن طريقة وضع الأسئلة التي اعتمدت على الفهم والتمييز وليس الحفظ والتلقين، كما لاقت استحسانهم نوعية الأسئلة المقالية التي خرجت عن النظام المألوف الذي اعتادو عليه على مدار السنوات الماضية، وعلى الرغم من انتشار بعض «الكومكس» على صفحات الفيس بوك سخرت من نوعية الأسئلة، وتفاعل الطلبة مع تلك السخرية، لكنه كان هناك إصرارا من جانبهم على خوض التجربة الجديدة والتعرف عليها عن قرب فكانت نسبة دخول الامتحانات وأداء الاختبارات على مدار الأسبوع الأول 98%، بالرغم من أن الامتحانات تجريبية ولن تحسب ضمن مجموع درجات الطالب المؤهلة لدخول الجامعة، أو النجاح والرسوب لهذا العام.

على الجانب الأخر، كان لبعض الطلبة، تحفظات على تجربة الامتحان في حد ذاتها، كان ذات صلة بعدم تتعلق بعدم تدريبهم قبل الامتحانات على نوعية الامتحانات وكيفية التعامل معها سواء في المدرسة أو مراكز الدروس الخصوصية، إلا انهم اعتبروها بداية حقيقة للتطوير، وطالبوا بضرورة تغيير شكل المناهج والابتعاد عن التكدس والحشو، للتناسب مع الشكل الجديد لهذه المنظومة، إلا أنهم وجدوا متعة في مسألة استعانتهم بالكتاب داخل لجان الامتحان، مما أكسبهم شعورا بالمسؤلية وعدم الرهبة التي تعودوا عليها على مدار السنوات الماضية، واتجاه البعض منهم للاستعانة بوسائل الغش المختلفة خوفا من الرسوب أو تدني المجموع.

أما «التسريب» فكان البطل الثاني في مشهد امتحانات الصف الأول الثانوي، فبدأت مواقع التواصل الاجتماعي في نشر صورا لورقة الامتحان وانتشرت في نطاق محدود، ولم يتفاعل معها في بداية الأمر وتشككوا في صحتها، إلا أنهم تفاجؤا بأنها نفس الورقة التي تسربت إليهم ليلة الامتحان، مما أحدث لديهم ارتباك شديد، كان سببه أن الامتحانات المسربة حقيقية وليست «فخً» في نفس الوقت الذي سمحت فيه وزارة التربية والتعليم بالاستعانة بالكتاب المدرسي.

 تسريب الامتحانات، أغضب طلاب الصف الأول الثانوي وأولياء الأمور، كونهم يرغبون في التغيير والتطوير بشكل حقيقي يغلق معه صفحة النظام التعليمي القديم الذي تسبب في إرهاق الطلبة ذهنيا والأسر ماديا، لاعتماده على الدروس الخصوصية التي افقرتها وكانت سببا في تراجع اقتصاد الأسرة، لاستنزافها مبالغ طائلة من دخل أولياء الأمور، كما رفض نسبة كبيرة من الطلبة مجرد الاطلاع على الامتحانات المسربة، واعتبروا الموضوع تحديا لمجهودهم الذي بذلوه على مدار الشهور الماضية، وما تكبدته أسرهم من أموال دفعوها على الدروس الخصوصية فقرروا اختبار قدرتهم على الاستيعاب والتحصيل وعدم الاستهانة بمجهودهم، في نفس الوقت الذي اعتمدت فيه النسبة الأخرى على حفظ اجابات الامتحانات المسربة، بتشجيع من أولياء أمورهم على الرغم من عدم احتياجهم لذلك، استسهالا وخوفا من المجهول، الأمر الذي فسره خبراء تربويون، بأن اعتماد الطلبة على الامتحانات المسربة، سيتسبب في فشلهم ورسوبهم في امتحانات التيرم الثاني، بسبب عدم تعرضهم للتجربة بشكل سليم، مما افقدهم الهدف الحقيقي من الامتحان وهو الاعتماد على قياس الفهم في ظل اعتماد النظام الجديد على «الكتاب المفتوح».

واجهت وزارة التربية والتعليم «تسريب» امتحانات الصف الأول الثانوي، بفتح تحقيقات عاجلة للكشف عن المتطورين فيها واتخاذ الإجراءات القانوينة ضدهم، مع التشديد على أن تطبيق المنظومة الإلكترونية في امتحانات أخر العام بعد تسلم الطلبة للـ«تابلت» سيوقف هذه التسريبات.

نموذج من الامتحانات المسربة
نموذج من الامتحانات المسربة

وزير التربية والتعليم vs التسريبات والتشويه

أما البطل الثالث، في مشهد امتحانات الصف الأول الثانوي، فكان «التشويه»، الذي اعتمد في الأساس على تشويه المنظومة الجديدة لتطوير التعليم، بدأت في نشر شائعات حول أن وزير التربية والتعليم هو من سرب الامتحانات للطلبة أو على الأقل سمح بذلك، من أجل إثبات نجاح نظامه الجديد من خلال ما سيتم رصده من درجات مرتفعة لكل الطلبة قد تكون لم تحدث من قبل، وبالنظر للأمر، نجد أن اعتماد امتحانات النظام الجديد على «الأوبن بوك» ينسف هذه الشائعة من الأساس، فلم تلقى هذه الشائعة صدً واسع بين قطاع عريض من الطلبة، فما كان من أصحاب المصالح، إلا نشر شائعة أخرى عن لعبة جديدة لوزير التربية والتعليم، من خلال ورقة «استطلاع رأي» سيتم تمريرها على لجان الامتحانات لجمع توقيع الطلبة على إقرار بإعادة الامتحانات مرة أخرى نظرا لسهولتها، وأن الطلبة تريد الامتحانات الصعبة، مما سيترتب عليه إعادة الامتحانات.

الأمر الذي نفاه الدكتور طارق شوقي، جملة وتفصيلا في تصريح خاص لـ«صوت الأمة» وقال: «نحن لا نضع المتاريس العسكرية لمنع الغش، ليظهر للناس أنها ظاهرة مرضية، خصوصا وأن الامتحان بلا درجات وهدفه التدريب فقط، فإن أراد الطالب الاعتماد على الغش، في هذه الحالة فهو قراره الذي يعبر عن حالة مرضية لا تهدف إلى التعليم من الأساس، ولا يخدع بها إلا نفسه، أما امتحانات الترم الثاني الإلكترونية فلن تكون في متناول أحد، ولهذا قررنا الاعتماد عليها في المستقبل، ونحن نخوض حرب ضارية».

 

Capture
 

 

WhatsApp Image 2019-01-19 at 6.15.13 PM
استمارة استطلاع الرأي 

أولى ثانوي VS ملوك السنترات وأباطرة الكتب الخارجية 

ربما يلخص المشهد الأخير، أهم ملامح تعارض النظام التعليمي الجديد، مع مصالح قطاع عريض يكسب المليارات، سواء ملوك الدروس الخصوصية أو اباطرة الكتب الخارجية، على حساب جيل كامل من الطلبة، حيث ستتسبب الثانوية التراكمية في تراجع سوق السنترات التعليمية التي تستنزف أموال أولياء الأمور، كما أن طبيعة الأسئلة وتصميمها الجديد المعتمد على قياس الفهم ومهارات التعلم، لن يكون للكتاب الخارجي الذي اعتاد على تقديم المعلومة للطالب في شكل كبسولة، أي وجود، فالطالب لديه كتاب الوزارة ولا يستطيع الحصول على الإجابة منه إلا إذا كان فاهما للمنهج الذي تم تدريسه له، فما الفائدة من الكتاب الخارجي المعتمد على الحفظ ؟ وهو ما يتعارض مع فلسفة الأسئلة الجديدة، فهل ينجح طلبة المنظومة التعليمية الجديدة في التحدي الذي أمامهم وبناء مستقبلهم على أساس الفهم أم سيتركون انفسهم لعبة في أيدي أصحاب المصالح وجامعي المليارات؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق