كارثة البذور «المفيرسة» تفتح ملف تراجع مساحات الفول والأرز: انقذوا «الطماطم»
الإثنين، 28 يناير 2019 07:00 صكتب- محمد أبو النور
على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة، لزيادة الرقعة الزراعية الخضراء عن طريق الاستصلاح والاستزراع الصحراوي، والزراعات المحمية من خلال الصوبات الزراعية، التي كان مشروع الـ100 ألف صوبة هو بدايتها، بمساحات جديدة تضاف إلى أرضنا الطيبة التي تنتج وتنثر الخير في ربوع الوطن.
وتمثل خطوط إمدادات الغذاء لأكثر من 100 مليون مصري، علاوة على ملايين الدولارات التي تدخل خزانة الدولة مع تصدير عددٍ من الحاصلات الزراعية، في خضم هذا الخير والتوسعات الزراعية، تطالعنا الأرقام والإحصائيات بتراجع عددٍ من المحاصيل الأساسية في التركيب المحصولي والدورات الزراعية منذ عشرات السنين.
2 مليون فدان قطن زمان
هذا الوضع يلخصه الحاج حسين عبد الرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، الذي أكد أن مصر كانت تزرع عام 1981 أكثر من 2 مليون فدان قطن، وكان القطن هو أكبر مصدر للعملة الصعبة فى مصر، وكانت صناعة الغزل والنسيج تقود الصناعات.
كانت بذرة القطن توفر الزيت والأعلاف،وقد انهارت تلك الزراعة، حتى وصلنا لعام 2018، وفيه أصبحت مساحة القطن 336 ألف فدان، ومن المتوقع بعد عدم وفاء الحكومة بوعودها في تسويق القطن، أن تقل مساحة زراعة القطن لعام 2019 وهو الموسم الحالي، لتصل لأدني مستوياتها منذ عقود، وبانهيار زراعة القطن تنهار صناعات الغزل والنسيج، وترتفع أسعار الأعلاف والزيوت التي نستورد منها حاليا 98% من احتياجاتنا السنوية، كما يتم إهدار تقاوي 100 فدان تقاوي إكثار، زُرعت عام 2018 وأنفقت عليها وزارة الزراعة الملايين من الجنيهات وهو ما يعتبر إهدار للمال العام.
سيطرة رجال الأعمال على استيراد التقاوي
وأوضح أبوصدام، أن الفول البلدي كان ثاني أكبر المحاصيل الغذائية المهمة مساحة، وكان لدينا الاكتفاء الذاتي منه، غير أنه كاد أن تنقرض زراعته من مصر حالياً، وقد تقلصت زراعته من 350 ألف فدان عام 2000 إلى 80 ألف فدان في عام 2018 وأصبحنا نعتمد بنسبة 80% على الاستيراد من الخارج.
زراعات الطماطم
بعد أن سيطر رجال الأعمال علي استيراد التقاوي واستيراد المحاصيل الزراعية، كما سيطروا علي التصدير بطرق مباشرة وغير مباشره، وأصبحوا يؤثرون علي صناعة القرارات المصيرية للزراعة بمصر، فوصلنا لاستيراد الأرز وتقليص مساحة زراعته، من مليون و 76 ألف فدان إلى 826 ألف فدان فقط بقرارات أقل ما يقال عنها أنها غير مدروسة.
انحياز واضح للشركة المستوردة
وأضاف الحاج حسين أن أحدث تطور في مسلسل تعجيز مصر زراعياً، بدأ في وضع محصول الطماطم في بؤرة الاهتمام للقضاء عليه بنفس طرق القضاء علي المحاصيل الأخرى، فوصلنا عام 2018لاستيراد طماطم من الأردن الشقيق، بفعل دخول تقاوي طماطم حاملة لفيروس تجعد والتفاف الأوراق، الذي انتبه إليه الدكتور عز الدين أبو ستيت، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي حينذاك، في 14/10/2018 وأصدر قراراً بوقف استيراد هذه البذور. والمعروفة بـ 023 لحين تقييمها.
وفي 15/11/2018، وأمام لجنة الزراعة بمجلس النواب، وفي حضور أصحاب الشركة المستوردة وغياب للفلاحين المضارين، وبعد هرج ومرج والسماح لعدد 3 من الفلاحين المضارين، بدخول اللجنة علي استحياء وسط معارضة شديدة من قيادات لجنة الزراعة بمجلس النواب، وانحياز واضح للشركة المستوردة، قرر وزير الزراعة الإبقاء علي عدم استيراد الصنف.
زراعات الفول البلدي
وقدمت الوزارة تقريرها الفريد بأن البذور حاملة للفيروس، وهو ما أجبر لجنة الزراعة علي تأييد قرار الوزير، الذي فوجئنا فيما بعد بأن القرار حبر علي ورق وأن الوزير سمح باستيراد الصنف علي أنه صنف حساس وليس مقاوم للفيروس، في بادرة غير محمودة للسير علي نفس طريق من سبقوه، لتدمير رابع أكبر محصول أساسي بمصر، الذي نتوقع أن يصل كيلو الطماطم خلال أيام لـ 10 جنيهات مساوياً بذلك أسعار التفاح، لنغرق في أزمة جديدة وارتفاع أسعار تنقل الطماطم من مرحلة الجنون إلي مرحلة ما بعد الجنون.
زراعات الفول البلدي
من ناحيته، أكد الدكتور محمد عبادى، أن السبب المباشر في تراجع زراعة هذه المحاصيل وغيرها، وانحسار مساحتها عاماً بعد عام، هو التخبط والتأخير في إعلان أسعار التوريد، سواء كان في القطن أو القمح أو الفول أو القصب، غير أن الأرز يتم تقليص مساحته نتيجة أزمة المياه، وحتى نعيد مساحات زراعات هذه المحاصيل مرة أخرى، ونجعل الفلاح والمزارع يقبل على زراعتها، لابد من إعلان أسعار التوريد مبكراً، وعدم ترك المزارع يضرب أخماساً فى أسداس ويدوخ السبع دوخات، أثناء توريد المحصول كما يحدث فى موسم القمح.
وتابع: إضافة إلى وضع أسعار مُربحة تحمل الفلاح والمزارع على زراعة المحصول وتفضيله عن غيره من المحاصيل، كما يحدث مع مزارعي بنجر السكر مثلاً. وتابع الدكتور عبادي حديثه قائلاً: «لن تعود هذه المساحات وهذه المحاصيل مرة أخرى للخريطة الزراعية ما لم يحصل الفلاح والمزارع على مقابل وحافز مادي يدفعه دفعاً لزراعة المحصول».