سوريا × 24 ساعة.. خريطة جديدة ترسم ملامح الصراع على الأراضى السورية
الجمعة، 11 يناير 2019 03:00 م
تطورات جديدة تشهدها الساحة السورية تهدد مناطق خفض التصعيد بل وتنذر بمعركة كبرى مرتقبة، بعدما وقعت فصائل سورية موالية لتركيا اتفاقا مع "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقا) يعطي الأخيرة سيطرة كاملة على محافظة إدلب شمال غربي البلاد، وقد نشرت حسابات مرتبطة بالتنظيم على موقع "تويتر" صورا تظهر بنود الاتفاق ، كانت مكتوبة بخط اليد، ومؤرخة بـ 10 يناير 2019.
بنود الاتفاق
وقد نص البندان الأول والثاني على وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة 9 أيام، وتبادل الموقوفين على خلفية الأحداث الأخيرة، في إشارة إلى المعارك التي خاضها الطرفان مؤخرا، أما البند الثالث فنص على تتبع المنطقة من الناحية الإدارية لحكومة الإنقاذ، مما يعني عمليا بسط النصرة لسيطرتها الكاملة على محافظة إدلب، علما أن ما يسمى حكومة الإنقاذ شكلتها جبهة النصرة في المحافظة.
مناطق خفض التصعيد، شكلتها كل من روسيا وإيران وتركيا بعدما توصلتا في عام 2017 إلى اتفاق عرف بـ"مناطق خفض التصعيد"، لخفض حد القتال بين قوات النظام والفصائل المسلحة، لكنه لم يشمل تنظيمي داعش والنصرة، المصنفين تنظيمين إرهابيين، ويتيح للدول الأعضاء ضربها بالسبل التي تراها مناسبة، وفي 2018، توصلت تركيا وروسيا إلى اتفاق المنطقة العازلة في محافظة إدلب، ما جنبها معركة ضخمة، لكن كما الاتفاق السابق، استثنيت النصرة.
توقعات مأساوية
إن القضية في إدلب تتعلق بقرار الحكومة التركية التي كانت تتفرج عن اقتتال جبهة النصرة والفصائل الموالية له، وسمحت بتمدد هذا التنظيم، بحسب ما يرى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، حيث يعتبر أن الاتفاق بين النصرة والفصائل السورية يعني إعطاء ضوء أخضر للحكومة السورية وروسيا لضرب إدلب ونهاية اتفاق خفض التصعيد.
مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة أكد فى تقرير له أن هناك 3 ملايين شخص يعيشون في إدلب، بينهم نحو مليون نازحون من مناطق أخرى في سوريا، ويعيش هؤلاء النازحون في 11 مخيما في ظروف مأساوية للغاية، فاقمت منها أخير الأحوال الجوية السيئة، حيث غرقت العديد من خيم النازحين هناك بفعل السيول.
تركيا دائما تكذب، فبالرغم من أن أنقرة صرحت في العلن أن النصرة جماعة إرهابية، فإن "عناصر مخابراتها يلتقون بشكل دوري مع ممثلين عن التنظيم في معبر باب الهوى الذي يربط بين إدلب وتركيا، وقد عملت تركيا على سحب العديد من مقاتلي الفصائل الموالية لها في إدلب، من أجل الاستعداد لمعركة الاقتتال العربي الكردي في شرق نهر الفرات، إذ يبدو أن أنقرة تحتاج إلى عديد كبير لمواجهة قوات سوريا الديمقراطية، كما أن عدد من مسلحي الفصائل الموالية لأنقرة يتجمعون في منطقة عفرين، التي استولت عليها أنقرة مع الفصائل السورية بعد طرد الأكراد منها في عام 2018.
النصرة
الكاتب والباحث السياسي السوري، طارق عجيب، يرى أن تنظيم جبهة النصرة منصفا إرهابيا على مستوى العالم، وهذا ما يعطي الدولة السورية وروسيا الحق في ضربه وهو أمر طبيعي، وأن اتفاق خفض التصعيد أباح للدولة المشاركة فيه قتال تنظيمي داعش والنصرة، لأنهما لم يكونا جزءا من الاتفاق، كبقية الفصائل السورية، كما أن اتفاق خفض التصعيد انتهى عمليا في سوريا، باستثناء منطقة صغيرة بالجنوب بالقرب من قاعدة التنف التي يسيطر عليها الأميركيون ومحافظة إدلب، التي ستخرج تلقائيا مع سيطرة النصرة.
إن تواطئ تركيا مع النصرة ما أتاح لها السيطرة على إدلب، فالدور التركي يتعزز بوجود طرف يقلب الطاولة ويثير الفوضى في المنطقة مثل النصرة، إذ بانتقاء أسباب الإرهاب لا يبقى لتركيا سوى دور محدود يتمثل في ضمان الاتفاق، كما هو الحال بالنسبة لاتفاق خفض التصعيد.
قمة بوتين وأردوغان
الباحث السياسي الروسي، يفغيني سيدروف، يرى أن أي تحرك عسكري روسي سوري في إدلب ضد النصرة مرتبط بالقمة المرتقبة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في يناير الجاري، وأنه يمكن أن يتوقع أن تطرأ متغيرات على موقف البلدين بشأن التعامل مع النصرة بعد القمة، والاتصالات العسكرية والاستخبارية والدبلوماسية بين الطرفين.
على أرض الواقع من المبكر التنبؤ بالتطورات التي ستترتب على اتفاق سيطرة النصرة على محافظة إدلب، فلا تبدو حاليا مؤشرات لعملية عسكرية روسية سورية مشتركة في إدلب، وقد يقتصر الأمر على ضربات انتقائية لمواقع الإرهابيين، كما أن هناك الكثير من الغموض يكتنف الدور التركي في هذا المجال، إذ وافقت في المقابل على مطلب روسيا باستثناء جبهة النصرة من الاتفاق.