أردوغان.. إذا وعد أخلف.. الإدارة الأمريكية تراجع نفسها في آليات قرار الانسحاب من سوريا
الثلاثاء، 08 يناير 2019 11:00 ص
أعطت الحكومة التركية وعودا عدة للإدارة الأمريكية باستكمالها حرب القضاء على تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، فور الانسحاب الأمريكي، وتعويض ذلك، وهو ما حدث قبل 3 أسابيع.
غير أن الأيام أظهرت غير ذلك، وبددت هذه الثقة، ليكتشف الأمريكيون أن حليفهم التركي يحاول خداعهم، فبعد إعلان ترامب عن قراره سحب نحو ألفين من القوات الأمريكية في سوريا، قال في تغريدة إن نظيره التركي قد أكد له بأنه سيستأصل فلول داعش من سوريا، لكن التصريحات التي خرجت من أنقرة بعد القرار الأميركي، والتحضيرات التي جرت على الأرض أشارت فقط إلى اتجاه واحد، وهو محاربة المجموعات الكردية التي ساهمت ضمن قوات سوريا الديمقراطية بشكل فعال في هزيمة التنظيم الإرهابي، بدعم من واشنطن.
شبكة سكاي نيوز الإخبارية، قالت في تقرير إن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار قال حينها إن الجيش التركي سيدفن المسلحين الأكراد، بينما تعهد أردوغان بالقضاء على الإرهابيين الأكراد، مضيفة أن واشنطن وجدت نفسها في شرك خادع نصبه الحلفاء الأتراك لها، فبينما تصب سياستها في محاربة التنظيم الإرهابي الأخطر في المنطقة، تريد أنقرة استغلال الفراغ الأميركي بترسيخ وجودها العسكري في سوريا لتحقيق أهدافها الخاصة، البعيدة عن محاربة الإرهاب.
القرار الأمريكي بات ينفذ على وهن، فبعدما كان القرار بأن يجري الانسحاب من سوريا سريعا، عاودت إدارة ترامب الحديث عن انسحاب حذر، وقال في تغريدة يوم الاثنين: "سنغادر سوريا بوتيرة ملائمة، على أن نواصل في الوقت نفسه قتال تنظيم داعش، والتصرف بحذر والقيام بما هو ضروري بالنسبة لباقي الأمور".
التعليقات الأمريكية الأخيرة، أظهرت تلاشي الوعود التركية بالقضاء على داعش، وأن هدفها القضاء على الأكراد المدعومين في الأساس من واشنطن. مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون أكد بأن ترامب لن يسمح لتركيا بقتل الأكراد، مضيفا: "هذا ما قاله الرئيس، وهؤلاء هم من حاربوا معنا".
لكن التصريح الأخطر الذي خرج من بولتون كان الأسبوع الماضي، وجاء بعدما عقد اجتماعا مع مسؤولين أتراك، كان عندما قال إنه سيسعى "للكشف عن أهدافهم وقدراتهم وإن ذلك لا يزال غير مؤكد".
بحسب التقرير، تظهر المواقف الأمريكية الجديدة شكوكا واسعة إزاء التزام تركيا بمحاربة الإرهاب، خاصة أن العديد من التقارير الغربية قد لفتت إلى استفادة أنقرة من تنظيم "داعش"، بل ودعمها له بمبدأ "عدو عدوي صديقي"، نظرا إلى عداء التنظيم للمقاتلين الأكراد.
وتحذر تقارير وجهات دولية من تبعات الانسحاب الأمريكي من سوريا، وتنامي قدرات داعش، نظرا لكون تركيا حليف استراتيجي للتنظيم، مجلة "فورين بوليسي" نقلت عن مسؤول أمريكي، قوله إنه في حالة الانسحاب الأمريكي من سوريا، سيتخذ "داعش" تركيا بمثابة قاعدة إمداد خلفية لمعاركه المقبلة، وهو أمر ليس بالمستغرب، فالأراضي التركية هي الممر الأكبر لمسلحي التنظيم، وعن طريقها تمكنوا من إطلاق حملتهم في الأراضي السورية، وذلك قبل أن تصبح تركيا أيضا ملجأ للفارين من التنظيم بعد هزيمتهم على يد الأكراد "أعداء تركيا".
ويحاول بولتون الضغط على تركيا للحصول منها على ضمانات بعدم مهاجمة الأكراد، وهي الضمانات التي قال إنها "شرط" لانسحاب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تعزيزات عسكرية هائلة وصلت إلى قاعدة التحالف الدولي في ريف حلب الشمالي الشرقي، في إطار تعزيزات مستمرة في مناطق شرق الفرات، وترافق ذلك مع وصول نحو 200 شاحنة تحمل معدات عسكرية وذخيرة إلى قواعد تابعة للتحالف في مناطق شرق الفرات، قادمة من إقليم كردستان العراق.
وأظهرت أنقرة ترددا مثيرا للجدل في بداية الحملة الدولية ضد تنظيم "داعش"، حيث رفضت الانضمام إلى عمليات التحالف الدولي في سبتمبر 2014، وهو موقف يتسق مع تقارير دولية كشفت عن حصول التنظيم المتطرف على مواد أولية لصنع المتفجرات وإمدادات لوجستية من 13 شركة تركية، بحسب تقرير لمؤسسة أبحاث التسلح في الصراعات نشر عام 2016.
وقبل ذلك، اعتمدت الحكومة التركية سياسة "الحدود المفتوحة" بالنسبة للمقاتلين الذين وفدوا من بلدان عديدة للانضمام إلى تنظيم "داعش"، عندما أقام عاصمة له في مدينة الرقة وسيطر على كامل الحدود مع تركيا دون أن يشكل ذلك أي قلق لأنقرة.