محاصيل مصر في خطر.. تقلبات الطقس والبرودة والصقيع تهدد الزراعات حول العالم
الثلاثاء، 08 يناير 2019 12:00 م
يسود العالم حالياً طقس بارد، تزداد حدته فى أوروبا وآسيا وخاصة في الشمال، وكذلك بأمريكا الشمالية وعلى وجه الخصوص في كندا وشمال الولايات المتحدة الأمريكية، ويتسبب ذلك فى خسائر على الزراعة العالمية تتجاوز مليارات الدولارات سنوياً، بينما تخف حدة البرودة والصقيع والخسائر كلما اتجهنا جنوباً، وفى مصر تعانى الحاصلات الزراعية من خضروات وفاكهة فى الشتاء، نتيجة لبرودة الجو وتقلبات الطقس يومياً وأسبوعياً، من شدة رياح ترابية إلى رياح شديدة البرودة، وصولاً إلى موجات الصقيع الحادة، التى تؤدى إلى تدمير الحاصلات وخاصة تلك التى يتم زراعتها وإعدادها للتصدير.
تقرير منظمة الأغذية والزراعة
وللتحذير من ذلك، أصدرت منظمة الأغذية والزراعة العالمية"الفاو" تقريراً، في 15 مارس عام 2018، ترصد فيه الكوارث الطبيعية التي تأتي بخسائر قيمتها مليارات الدولارات سنوياً للمزارعين في الدول النامية، وكذلك الجفاف وهو العامل الأكثر تدميراً، من بين مجموعة من العوامل التي تشمل أيضاً، الفيضانات وحرائق الغابات والعواصف والآفات النباتية، وتفشي الأمراض الحيوانية وتسربات المواد الكيماوية والتكاثر السريع للطحالب.
وقال التقرير إن الكوارث الطبيعية فيما بين 2005 وحتى 2015 كلفت القطاعات الزراعية في اقتصاديات الدول النامية حوالي 96 مليار دولار نتيجة خسارة أو تضرر الإنتاج النباتي والحيواني، وحسب التقرير الذي نُشر في مؤتمر بهانوي عقدته الحكومة الفيتنامية بالتعاون مع الفاو، فإن نصف هذه الخسارة أو ما يساوي 48 مليار دولار حدثت في آسيا.
الجفاف أزمة مستمرة
ويعتبر الجفاف، والذي ضرب المزارعين في مختلف مناطق العالم شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، عامل التهديد الأكبر للزراعة، فما نسبته 83 % من مجمل الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الجفاف، التي وثقها تقرير الفاو تكبّدها قطاع الزراعة، بتكلفة بلغت 29 مليار دولار، لكن التقرير يبيّن أيضاً بالتفصيل الثمن الباهظ الذي يدفعه الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي وسبل معيشة الناس نتيجة مجموعة كبيرة أخرى من التهديدات غير الجفاف، وقال المدير العام للفاو وقتها جوزيه جرازيانو دا سيلفا:"تواجه القطاعات الزراعية،والتي تشمل إنتاج المحاصيل والإنتاج الحيواني والغابات ومصائد الأسماك وتربية الحيوانات البحرية،الكثير من المخاطر،مثل التغير المناخي وتقلبات الأسواق والآفات والأمراض وأحوال الطقس المتطرفة،وهو أمر مهم جداً لضمان التنمية المستدامة،والتي تعتبر حجر الأساس للسلام والتكيف مع التغير المناخي".
الكوارث فى العالم
وفي كل من أفريقيا ومنطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي، كان الجفاف هو الكارثة الطبيعية الأسوأ إذ تسبب بخسائر في المحاصيل والثروة الحيوانية بلغت 10.7 و13 مليار دولار أمريكي على التوالي في هاتين المنطقتين خلال الفترة بين عام 2005 و2015،كما تسببت آفات المحاصيل والأمراض الحيوانية أيضاً بالكوارث التي كلفت المزارعين في أفريقيا الكثير،إذ تجاوز حجم خسائرهم 6 مليارات دولار أمريكي خلال نفس الفترة،ويبين التقرير أن الخسائر الاقتصادية في هذه الدول الجزرية الناجمة عن الكوارث ارتفعت من 8.8 مليار دولار أمريكي في الفترة بين 2000 و2007 إلى أكثر من 14 مليار دولار أمريكي بين عامي 2008 و 2015.
وأشار التقرير إلى أن هناك 2.5 مليار شخص في العالم يعتمدون على الزراعة لتوفير سبل معيشتهم،ويوفر صغار المزارعين ورعاة المواشي وصائدو الأسماك والمجتمعات المعتمدة على الغابات أكثر من نصف الانتاج الزراعي العالمي، ونظراً لافتقارهم للمال والأصول، فإنهم الأكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن الكوارث التي تدمر أو تضر بالحصاد والمعدات والإمدادات والثروة الحيوانية والبذور والمحاصيل والأغذية المخزونة.
د محمد فهيم وكيل مركز معلومات تغيير المناخ بمركز البحوث55
الموسم الشتوى
من جهته أكد الدكتور محمد فهيم، المدير التنفيذي السابق لمركز معلومات تغير المناخ، بمركز البحوث الزراعية، أنه من المعروف أن الموسم الشتوى لتصدير الحاصلات الزراعية المصرية للخارج يبدأ من آخر شهر ديسمبر وينتهى فى شهر مارس، وهي فترة الشتاء في مصر وأوربا أيضا، وهى الفترة التي تشهد مواجات حادة فى الصقيع وزيادة فى سرعة الرياح الباردة كذلك،ومن هنا يتوجب على المزارعين أن يكونوا على علمٍ بعددٍ من الأمور الخاصة بالزراعة والالتزام بها، وهي أولاً الحفاظ على جودة المنتج نفسه ومواعيد القطف أو الجمع أو الجنى أو التقليع، لأن زيادة حدة الصقيع والبرودة تؤديان إلى إطالة فترة نضج المحصول،والذى يحتاج أسبوعاً مثلاً تتضاعف الفترة الزمنية إلى أسبوعين.
ومن هنا يتراجع الإنتاج ويؤدى ذلك لعدم الوفاء بالالتزامات والاحتياجات التصديرية أو التصدير فى وقته، ولذلك يجب أن يتخذ المزارعون مجموعة من الإجراءات، حتى يتم الحفاظ على المحصول من التلف والدمار خلال هذه الموجات الحادة، وهذه الإجراءات تتمثل فى أن يقوم المزارعون والفلاحزن، بضرورة تعويض النبات عن احتياجاته الغذائية، بعد فترة انخفاض امتصاص النبات للعناصر الغذائية، وكذلك حماية النبات من الصقيع، حتى لاتحترق أوراق وأزهار وثمار النبات، ومن الأمور المهمة جداً فى وقاية النبات أو المحصول،أن يتم ضبط عمليات الرى حتى يتم تلاشى آثار الصقيع،كما يمكن أيضا الرش ببعض المركبات التى تزيد الطاقة داخل النبات،وأحياناً الرش بمركبات ضد انتشار بعض الأمراض الفطرية أو البكترية،ومن البنود المهمة فى هذه الحالة اختيار التوقيت المناسب لهذه العمليات،وبعد أن يلتزم المزارع بكل هذه الإجراءات،ومن المفترض أن تكون هناك مؤسسة موجودة للإنذار المبكر عن هذه الظروف المناخية غير الطبيعية أو الحادة التى تؤثر على النباتات والمحاصيل،وتصدر نشرات للمزارعين تحذرهم وتفيدهم فى مثل هذه الظروف.