خاص.. فتوى قضائية تحسم الجدل: هل غرامات مترو الأنفاق "قانونية" أم تخالف الدستور؟ (مستندات)
الخميس، 03 يناير 2019 09:00 م
جدل كبير أثير مؤخرا بين رجال القانون بشأن مدى مشروعية وقانونية الغرامات التي يتم فرضها على المخالفين من ركاب مترو الأنفاق والسكك الحديد، وهل تتصادم مع مادة الدستور التي تنص على عدم توقيه عقوبة إلا بحكم قضائي؟
وحصلت "صوت الأمة" على فتوى قضائية هامة انتهت فيها الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، إلى مشروعية قيام مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر بتقرير، أو زيادة الجزاءات ذات الطبيعة المالية غير الجنائية التي توقع على المخالفين من ركاب مترو الأنفاق للقواعد المنظمة لأداء مقابل الاستفادة من خدمة النقل التي يضطلع بها بشرط أن يتوفر لهذه القواعد صفة الإلزام، وذلك بنشرها تحقيقًا لعلانيتها وذيوع أحكامها، واتصالها بمن يعنيهم أمرها بما يكفل وقوفهم على ماهيتها، ونظاقها، وامتناع القول بالجهل بها.
وطلب رئيس جهاز تشغيل مترو الأنفاق إعادة النظر فيما انتهت إليه إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر، من رأي بعدم جواز تعديل العقوبة الموقعة على المخالفين من ركاب مترو الأنفاق إلا بالأداة التشريعية التي قررت تلك العقوبة، ومدى جواز تغليظ قيمة المخالفات المالية التي توقع على جمهور المخالفين من ركاب مترو الأنفاق.
وتنص المادة 95 من الدستور الحالي تنص على أن "العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون.
لكن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ذكرت أن كل جزاء مالي ينص عليه القانون، أو تقرره اللوائح لا يُعد على سبيل اللزوم عقوبة، أو جزاء ماليًا ذات طبيعة جنائية، حتى وإن أطلق عليه المشرع، أو مصدر اللائحة اسم "الغرامة" إذ يكون هذا الجزاء، أو هذه الغرامة محض تعويض مدني، أو غرامة مدنية، أو مصاريف إضافية، أو غير ذلك، ومرد الأمر في المقام، بصفة أساسية إلى طيعة الفعل الذي تقرر من اجله الجزاء المالي، أو الغرامة، ويجري بركيزة منه توقيع أي منهما، وما إذا كان يشكل جريمة جنائية، أم أنه مجرد تصرف مدني في علاقات الأشخاص ببعضهم بما في ذلك العلاقات العقدية، أو كان الفعل محض تعسف منهم في استعمال بعض حقوقهم، كما هو الحال في تعسف الخصوم في استعمال حقوقهم في إجراءات التقاضي.
تقول إن الدولة كسلطة عامة في مجال إدارتها للمرفق العام قد تسلك الطريق المباشر في الإدارة من خلال إدارته بنفسها بعمالها وموظفيها، وقد تسلك الطريق غير المباشر بأن تعهد بإدارته إلى هيئة عامة تنشأ خصيصًا لهذا الغرض، أو أن تعهد لأحد الأفراد، أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة بإدارته على الوجه الذي ينظمه القانون، وحال إتباع الدولة لأي من السبيلين المذكورين أخيرًا، وسواء أكان ذلك من خلالها أو مباشرة، أو من خلال الهيئة العامة الموكل إليها إدارة المرفق، فإن هذه الإدارة للمرفق العام يجب أن تتم تحت إشرافها، ومراقبتها، وتوجيهها، وذلك وفقًا لأحكام القانون والشروط والضوابط واللوائح التي توضع إعمالًا لهذا القانون، وذلك في ضوء من أن الدولة تبقى هي المسئولة عن التأكد من قيام المرفق العام بأداء الخدمات المنوطة به بانتظام واطراد وبالجودة اللازمة، وفقًا لشروط موضوعية منضبطة.
وذكرت في حيثيات فتواها أنه يحق لمجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر بوصفه القوام على إدارة مرفق سكك حديد مصر، ومترو الأنفاق، وضع اللائحة التنظيمية للمرفق، والموافقة على فئات الأسعار والتعريفات وأجور الخدمات التي تقوم بها الهيئة، وإجراء ما يلزم من تعديلات عليها، وتقرير ما يراه من تدابير، أو جزاءات ذات طبيعة مالية غير جنائية، يتم اتخاذها في مواجهة الراكب، أو تحميله بها حال إخلاله بالقواعد التنظيمية الموضوعة من قبل المجلس لتنظيم الانتفاع بخدمات هذا المرفق، بما يكفل حسن سير وانتظام العمل به، واستئداء مستحقاته، وجبر الأضرار التي تلحق به،.
واشترطت أن يتحقق لهذه القواعد والتدابير والجزاءات، وما يطرأ عليها من تعديلات، صفة الإلزامية بنشرها على نحو يتحقق علانيتها، وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها، بحسبانها التشريع الحاكم لذلك المرفق والانتفاع بالخدمات التي يقدمها، فيكون على كل من يدخل إلى محطات مترو الأنفاق للانتقال من خلاله احترام هذه القواعد، والنزول على مقتضاها، والحصول على التذكرة اللازمة لنقلة ما لم يكن حاملًا لتصريح، أو اشتراك يخوله ذلك قانونًا، لقاء نقله إلى وجهته التي تصل إليها القطارات، فإن لم يلتزم بذلك وقام بالركوب دون الحصول على التذكرة اللازمة، ودون أن يكون حاملًا لتصريح، أو اشتراك صالح يخوله الركوب، أو خالف القواعد المقررة في هذا الصدد يتم تحميله بقيمة التذكرة والجزاء المالي، فإن امتنع عن أدائهما، أو أحداهما، اتخذت ضده إجراءات المساءلة الجنائية لتوقيع العقوبة المنصوص عليها في المادة 170 مكررًا من قانون العقوبات، أو توقيع غير ذلك من العقوبات الجنائية المقررة قانونًا.