المشكلة تصل للبذور.. أزمة توريد الذهب الأبيض تهدد قطن الإكثار
السبت، 29 ديسمبر 2018 07:00 مكتب ــ محمد أبو النور
مازالت أزمة توريد القطن لموسم 2018، تلقي بظلالها السوداء على الفلاحين والمزارعين، الذين زرعوا مساحات من القطن تُقدّر بنحو 336 ألف فدان، استجابة لنداء الحكومة المتمثل في وزارات الزراعة والمالية والصناعة وقطاع الأعمال، وعلى الرغم من أننا على بُعد ساعات قليلة من انتهاء الموسم، والبدء في عام 2019، إلاّ أن محصول القطن ما زال في منازل وبيوت وساحات و«أجران» الفلاحين بالقرى، بعد أن فشلوا ويأسوا من بيعه إلى التجار أو توريده للشركات، ويزيد الأمر مأساوية وجود إنتاج لنحو 100 ألف قنطار«قطن إكثار»، وهو المحصول الخاص بتوفير البذور لموسم 2019، الذي تكفلت به وزارة الزراعة.
الحكومة تلاعبت بالفلاحين
وتعليقا على هذه القضية الشائكة، قال الحاج حسين عبد الرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين: «تركنا مزارعي القطن فريسة للتجار، وباعوا قنطار القطن بوجه بحري بـ 2300 جنيه للقنطار، وكانت الحكومة قد وضعت سعر ضمان 2700 جنيه، وتعهدت بألا يقل السعر عنه، وأشار أبو صدام إلى أن المزارعين اتبعوا قرارات وتعليمات الوزارة، وامتنعوا عن زراعة الأرز ليزرعوا 336 ألف فدان قطن، منها 305 ألف فدان بوجه بحري، ولكن الحكومة خذلتهم وهو ما يؤدي إلى انتكاسة في زراعة القطن عام 2019، بعد أن ظهرت بوادر انتعاشة عام 2018، متوقعا مستقبلاً مظلما لزراعة القطن المصري، وأوضح نقيب عام الفلاحين أن الدولة تخطط لتصبح المساحة متناسبة مع احتياجات السوق المحلي، من حيث المساحة والنوعية لعجز وزارة الزراعة عن توفير عباءة مالية لتسويق الأقطان.
مستقبل ضبابى لمحصول ناصع البياض
وأضاف أبوصدام، أنه يطالب نواب البرلمان بسؤال وزير الزراعة عن عدم الوفاء بتعهدات الوزارة بشراء الأقطان، وعن مصير 100 ألف فدان قطن إكثار زُرعت لتكون تقاوي لعام 2019 ، وتكلفت الملايين من الجنيهات، وكذلك طلب الإحاطة إلى وزيري الزراعة والري، عن تسببهما في تحمل ميزانية الدولة ملايين الدولارات لاستيراد الأرز، بحجة توفير المياه والخسائر الكبيرة الناجمة عن تقليص مساحة زراعة الأرز، ومصير المياه التي يزعمون أنه تم توفيرها، وهل تساوي تلك المياه حجم الخسائر التي تكبدتها الدولة من عُملة صعبة؟ لاستيراد الأرز وتبوير الأراضي الزراعية القريبة من البحر، وفقد الخبرات الزراعية في زراعة الأرز، فضلاً عن الخسائر التي لحقت بالفلاحين نتيجة زراعة الذرة والقطن، وإشاعة السخط واليأس وسط أوساط المزارعين، نتيجة لغرامات المخالفات الزراعية والخسائر المتوالية لعدم تسويق الذرة والقطن.
الزراعات التعاقدية
وأشار الحاج حسين، إلى أن سياسة وزارة الزراعة الحالية، ما زالت تتسم بالعشوائية، ومستقبل الفلاحين والزراعة أصبح ضبابيا وسادت حالات عدم الثقة وانتشار المبيدات والتقاوي المغشوشة، وتفاقمت أزمات احتكار المستلزمات الزراعية لعدم تفعيل قانون الزراعات التعاقدية، وتخلي الجمعيات الزراعية عن دورها في توفير التقاوي بأسعار وكميات مناسبة.
النائب رائف تمراز وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب
ولفت أبو صدام، إلى أنه مهما وفرت الدولة من احتياجات غذائية، فإنه لا بديل عن القطاع الزراعي، لأنه يستوعب 35% من الأيدي العاملة وأن دماره سيصيب البلاد بالشلل، وعدم الاهتمام به يفقدنا كل عام خبرات زراعيه تكونت من مئات السنين، مطالبا بخطة زراعية جديدة وزمنية لتحديد الأهداف والعمل على تحقيقها.
ماذا يزرع الفلاح؟
من ناحيته، تعجب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، مما يعانيه الفلاح والمزارع من أزمات متلاحقة تقع فوق رأسه موسمياً. وقال: «الفلاحين والمزارعين مساكين وغلابة، ولا يعرفون ماذا تريد الحكومة منهم بالضبط، تخبرهم ازرعوا قطن، فيزرعوا قطن وفى نهاية الموسم لا يجدون من يشترى المحصول، ويظل القطن في البيوت وحلقات الجمعيات مثل (الميّت) الذي يحتاج إلى تغسيل وتكفين ودفن، لأن وجود القطن في منازل المزارعين كارثة، وعرضة لوصول المياه أو اشتعال النيران فيه، وفي الحالتين خرب ودمار على المزارعين.
ممدوح حماده رئيس الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي
وتابع «تمراز»: «كان الفلاح يزرع أرز ولكن المساحة تم تقليصها إلى نحو مليون فدان، وهو ما ترك أثره على آلاف المزارعين الذين تم حرمانهم من زراعة المحصول، الذي كان يعود عليهم بالربح والنفع، ويعود على الأرض بامتصاص الأملاح منها، والآن أصبحت الخيارات محدودة أمام المزارعين، والسؤال: ماذا يزرعون إذا كان كل محصول يزرعونه به مشاكل ويعجزون عن بيعه أو توريده؟
أيام زمان
وفى الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي، قال رئيسه الحاج ممدوح حماده: «إننا عرفنا الدنيا وتلقينا تعليمنا، وتعليم أولادنا على أن الأرز يتم زراعته في الوجه البحري لنظافة وتقوية التربة،كما تربينا على زراعة وفرحة القطن منذ الصغر، والآن أكثر من محصول يغادرنا بتقليص مساحته حسب تعليمات وزارتي الزراعة والري، نظراً لأزمة المياه، ومحصول آخر يتعرض للأزمات سنوياً وهو القطن نتيجة لعدم وجود من يشتريه أو جهة يتم التوريد إليها».
القطن لايجد من يشتريه
كل ذلك في رأي الحاج ممدوح، يؤدي إلى ابتعاد المزارعين عن زراعة المحاصيل التي تجلب لهم المشاكل ويعجزون عن بيعها وتوريدها لأن الفلاح والمزارع في النهاية يزرع وينتظر أن يجنى ما أنفقه على زراعته، في ظل ارتفاع الأسعار بجميع مستلزمات الإنتاج.