«مسنود على حيطة مايلة».. مليارديرات إردوغان تهربوا من دفع الضرائب
الأحد، 16 ديسمبر 2018 09:00 ص
يتعرض الاقتصاد التركي، لأكبر عملية هبوط يشهدها منذ 10 سنوات، وهي الكارثة الحقيقية التي عانى منها الأتراك، على مدار العام الجاري 2018 بعدما شهدت الليرة التركية هبوطاً مدوياً أمام الدولار الأمريكي منذ سبتمبر الماضي، وهو ما جعل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصدر مجموعة قرارات وصفها المتخصصون بالـ «العشوائية»، فمنها مطالبته الشعب التركي بضخ ما معهم من عملات أجنبية التي يدخرونها «تحت البلاطة»، بالإضافة إلى عدد من الإجراءات التقشفية.
المتخصصون قالوا إن تلك القرارات لن تسفر عن أي عملية إنقاذ لقيمة الليرة المتهاوية أو للانهيار الاقتصادي الذي كشف عنه تقرير وكالة «بلومبرج» الأمريكية، أكد معاناة تركيا من أزمة ائتمان قاسية صاحبت انخفاض قيمة الليرة بنسبة 40%، أدت إلى ارتفاع موجة إغلاق واسعة لـ 1000 مصنع ومؤسسة اقتصادية متفاوتة القيمة السوقية، كما كشف التقرير عن تراجع تركيا إلى المرتبة الأخيرة عالمياً، بعدما وصل معدل التضخم فيها إلى مستويات قياسية خلال شهر سبتمبر الماضي، بلغ 25.24%، وفقا لما ذكرته هيئة الإحصاء التركية.
الكارثة الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد في تركيا، غاب عنها رجال الأعمال و«المليارديرات» المقربين من الرئيس التركي، من قائمة أكبر «100» من دافعي ضرائب الدخل في تركيا، حيث لم تتضمن القائمة الرسمية للضرائب العام 2018 التي نشرتها وزارة المالية التركية، أسماء رواد الأعمال البارزين المعروف عنهم قربهم الشديد من إردوغان، وفي مقدمتهم قطب الإنشاءات الشهير «محمد جنكيز» رئيس شركة «جنكيز هولدينج» القابضة، و«ناجي جول أوغلو» مالك مجموعة شركات «جولين جروب»، إذ يعدا جنكيز وجول أوغلو، أحد أقطاب الدائرة الصغيرة لرجال الأعمال، المقربين من رأس السلطة في تركيا، حيث يوظفهم إردوغان في مشاريع الطاقة والبنية التحتية التي ترعاها تركيا التي صُممت لقيادة استراتيجية التوسع الاقتصادي التي وضعتها انقرة، وتسعا من خلالها لجعل تركيا واحدة من أكبر 10 اقتصاديات في العالم بحلول 2023.
يتشارك جنكيز وجول أوغلو، في مشروع بلغت تكلفته 11 مليار دولار، مع «نهاد أوزدمير» رئيس شركة «ليماك هولدينج» القابضة، والذي أتى في المركز الـ 14 في قائمة أغنياء تركيا بثروة تقدر بـ 1.7 مليار دولار، مشاركة مع «محمد نظيف جونال» رئيس مجموعة «إم.إن.جي جروب» الذي تقدر ثروته بما يقرب الـ 1.7 مليار دولار، وكذلك «أورهان جمال كالينجو» رئيس مجموعة «كاليون جروب»، ولم تتضمن قائمة دافعي الضرائب أيضًا، أسماء «أوزدمير، وكالينجو، وجونال»، وغالبا ما يصطحب إردوغان، رجال أعمالة الخمسة، معه خلال رحلاته الخارجية.
تستخدم الحكومة التركية، حيلة إطلاق مشروعات بناء أطلقت عليها اسم «مشاريع عملاقة»، فأعلن إردوغان عن إنشاء «مطار اسطنبول الجديد»، وهو أحد مشروعات البناء والتشغيل والنقل، الذي أقيم بمدفوعات تضمنها الحكومة، للتدقيق من قبل صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى، بسبب عوائد دخلها السخية وضمانات قروض الخزانة، ولم تكن هناك حاجة لبناءه، إلا محاولة من جانب أنقرة للحصول على أحد قروض صندوق النقد الدولي.
اشترى رجال الأعمال الـ5 المقربون من رئيس تركيا، أكبر صحف وقنوات تلفزيونية في تركيا، مما يضمن لأردوغان الظهور وقت الذروة في دائرة الضوء، من خلال وسائل الإعلام الموالية له، حيث امتلك «كالينجو» صحيفتي «صباح، وصباح اليومية» اللتين لعبتا دورًا مهماً في تغطية أحداث مقتل الصحفي السعودي «جمال خاشقجي» في إسطنبول الشهر الماضي، وتضمنتا كل التسريبات المتعلقة بالحادث، إلى جانب قنواته التلفزيونية، والتي تم اختيار توقيتاتها بعناية، لتبثها وسائل الإعلام الدولية الكبيرة مثل «نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وشبكة سي.إن.إن»، لتدويل الحادث، وضمان استخدام إردوغان لهذه التسريبات كاوسيلة ضغط سياسي على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي بات كابوسا مزعجا يؤرق منام الرئيس التركي ويقف حائط صد في المنطقة العربية أمام حلم الاستيطان العثماني .
لم تتضمن القائمة، «دميرأوران» صاحب «دميرأوران هولدينج» القابضة، الذي توفي يونيو الماضي، حيث استولت شركته الرائدة في مجالات السياحة والغاز والصناعات الثقيلة، على الصحف التركية المتبقية ومجموعة قنوات «دوغان هولدينج» التلفزيونية القابضة، هذا العام لتصبح أكبر مجموعة إعلامية في تركيا، والتي تشتمل على صحيفة «حرييت» الأكثر مبيعا في تركيا، وقناتي «كانال دي، سي.إن.إن تورك».
قائمة أكبر دافعي الضرائب الأتراك، لم تتضمن كذلك اسم رجل الأعمال «أحمد شاليك» الذي عَين «بيرات البيرق» صهر إردوغان، رئيسًا تنفيذيًا لشركته «شاليك هولدينج» القابضة، الذي تولى في يوليو الماضي وزارة الخزانة والمالية بعد دمجهما، وكذلك «علي كيبار» صاحب مجموعة «كيبار هولدينج» القابضة.
كذلك لم تضم القائمة، «إرمان إيليجاك» الذي صنفته مجلة فوربس ثاني أغنياء تركيا، حيث تلغ ثروته 4 مليار دولار، ويمتلك مجموعة «رنيسانس هولدينج»، التي تسيطر على مشروعات بناء ناطحات السحاب في تركيا، وروسيا، وآسيا الوسطى، وكذلك أعمالها في مجال الطاقة، حيث تنتج وتبيع الكهرباء منذ 2007.
التقرب من إردوغان، ومساعديه السياسيين، يعني الحصول على الغنائم والثروات في عقود الدولة التركية، وهو ما كشفت عنه «منظمة العدل الدولية» في تقريرها الصادر عن «مؤشر مدركات الفساد لعام 2018»، حيث ذكرت أن أكثر من 40% من المشتريات العامة داخل تركيا لم تخضع للقوانين ذات الصلة، وأن 28% من هذه المشتريات التي خضعت لشروط قانونية لم يُعلن عنها في عطاءات مفتوحة، وهو ما جعل تركيا تحل في المرتبة الـ81 على المؤشر.
وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها: «المشتريات العامة المفتوحة والنزيهة أصبحت استثناءً، بدلًا من أن تكون هي القاعدة، وما يُثير القلق بنفس القدر هو بلوغ الافتقار إلى الشفافية في إنفاق الميزانية آفاقًا جديدة»، في إشارة إلى «صندوق الثروة السيادية التركي» الذي يُشرف على الأصول التي تمتلكها تركيا، التي تقدر بـ 40 مليار دولار، والذي لا يخضع للرقابة العامة بعد تأسيسه في شهر أغسطس 2016، وتولى إردوغان رئاسته بمرسوم رئاسي أصدره في يوليو الماضي، وعين صهره «البيرق» نائبًا له.