«أفريقيا 2018».. ومستقبل القارة السمراء

الإثنين، 10 ديسمبر 2018 05:29 م
«أفريقيا 2018».. ومستقبل القارة السمراء
عادل السنهورى يكتب:

داخل قاعة المؤتمرات الكبرى فى مدينة شرم الشيخ كان صوت أفريقيا عاليا مدويا .."نحن المستقبل"..و"جاء الوقت أن نملك ثرواتنا ومواردنا بأيدينا"..الوجوه السمراء الطيبة من شباب القارة ازدحمت بها جوانب القاعة التى تتسع لأكثر من 4 ألاف مقعد..الكل يتحدث لغة واحدة متناغمة بين القيادات وبين الشباب الذى جاء بافكاره وابداعاته من كافة دول القارة البكر الزاخرة بالثروات والموارد الطبيعية وقبل ذلك بشبابها.
 
من هنا كانت الفكرة الذكية من القيادة السياسية والخارجية المصرية النشطة أن يكون شعار المؤتمر جامعا ومعبرا عن التوجه الجديدة للسياسة المصرية منذ 2014 نحو قارتها ."أفريقيا 2018"..وهذه المرة ليس فقط تجمع على مستوى القيادات وانما على مستوى الشباب المبدع صاحب الأفكار الساعية نحو المستقبل والتنمية فى القارة.
 
ولما لا ..والاحصائيات والأرقام تكشف أن 60% من سكان القارة السمرة -1.2 مليار نسمة- هم من الشباب تحت سن 25 عاما.. والطبيعى أنه عندما يتواصل شباب القارة بالأفكار والابداعات فى مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة فسوف تزول كثير من المعوقات والعراقيل أمام استغلال موارد القارة الأفريقية التى يستغلها للاسف دول من خارجها.
 
فى هذا المقام يبرز دور مصر بقيادتها وريادتها وثقلها السياسى ورصيدها التاريخى لدى كافة دول القارة التى تحفظ لمصر دورها فى دعم دول أفريقيا فى التحرر والتنمية منذ الخمسينات والستينات..فمصر هى المؤهلة لقيادة القارة فى الموجة الثانية من التحرر وهى موجة التنمية من خلال التعاون المشترك وضخ الاستثمارات وامدادها بالخبرات والمعرفة وتأهيل شبابها والاستفادة ايضا من تجارب بعض دولها.
 
ولم يتجاوز قادة دول أفريقيا الذين تحدثوا أمام مؤتمر " أفريقيا 2018" عندما أكدوا أن المستقبل هنا على أرض هذه القارة السمراء..فمن ينظر لما يحدث فى العالم الآن يؤمن ويتقين أن أفريقيا سوف تبوح بأسرارها فى القريب العاجل والإصرار الذى نجده فى مصر ورواندا واثيوبيا والسنغال وغانا وجنوب أفريقيا على تقديم النموذج فى الاصلاح الاقتصادى والتنمية يؤكد ذلك تماما ..كما أن الاهتمام الذى تبديه دول كبرى مثل الصين أو قوى اقليمية فى المنطقة بالاستثمار فى أفريقيا يدفع الى ضرورة الاسراع فى التعاون المشترك بين القاهرة وباقى العواصم الأفريقية.
 
ومثلما لم تبخل مصر فى الستينات فى دعم أبناء القارة السمراء فى النهوض والتحرر فانها قادرة أيضا على احداث التنمية المطلوبة بأدوات العصر الحديث.. وهو ما نتج عن مؤتمر شرم الشيخ الذى اختتم فعالياته أمس الأحد واسفر عن قرارات مهمة أعلنها الرئيس السيسى، اضافة الى توقيع 30 اتفاقية فى مجالات الاستثمار وريادة الأعمال وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والبنية الأساسية واتفاقيات التعاون الفنى بقيمة 3.5 مليار دولار.
 
وأعلن الرئيس السيسى عن إنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار فى أفريقيا، وذلك لتشجيع المستثمرين المصريين لتوجيه استثماراتهم لأفريقيا، والمشاركة فى تنمية القارة والاستفادة من الفرص الهائلة المتوفرة فى قارتنا، والتفاوض مع المؤسسات الدولية - شركائنا فى التنمية - لدعم البنية الأساسية ركيزة التنمية الحقيقية، ومن ذلك الإسراع فى الانتهاء من طريق القاهرة – كيب تاون، وذلك لدمج أقطار القارة وتوسيع حركة التجارة بين بلداننا، وتحفيز وتيسير عمل الشركات الأفريقية فى مصر، لتحفيز الاستثمارات المشتركة والاستفادة من التطور المستمر فى الاقتصاد المصرى، وزيادة التعاون الفنى مع دول القارة فى مجالات الاستثمار فى رأس المال البشرى، والتحول الرقمى، وإدارة التمويلات الدولية، والحوكمة ونظم المتابعة والتقييم، وإنشاء صندوق للاستثمار فى البنية التحتية المعلوماتية، بهدف دعم التطور التكنولوجى والتحول الرقمى فى القارة، وذلك لبناء اقتصاديات حديثة قائمة على أحدث النظم التكنولوجية، والتعاون المشترك بين مصر وأشقائها من دول القارة، فى مجالات الحوكمة ومحاربة الفساد، من خلال تبادل الخبرات والتدريب والتأهيل للأجهزة المعنية فى القارة، لنشر ثقافة الحوكمة والقضاء على الفساد، وإطلاق المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2019-2022 فى إطار الاحتفال باليوم العالمى لمكافحة الفساد، وتفعيل نشاط الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، مع تقديم 250 منحة تدريبية للكوادر الأفريقية، العاملة فى مجال الوقاية من الفساد.
 
المؤتمر أو المنتدى حقق أهدافه ولكننا يجب أن ندرك أننا مازلنا فى البداية وعلينا الاستمرار وبقوة واصرار على المضى قدما فيه ..واحالة التوصيات التى أعلنتها الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى – التى تستحق التحية على مجهودها الرائع لعقد المنتدى- الى واقع عملى ملموس.. فالتوصيات مهمة للغاية ولعل أهمها، تفعيل الإجراءات المحفزة للتدفقات الاستثمارية من خلال آليات ضمان مخاطر الاستثمار عبر دول القارة، وتعزيز التعاون الأفريقى فى مجالات الاستثمار مع الشركاء فى التنمية ومؤسسات التمويل وبنوك الاستثمار على حسب اجندة القارة، وزيادة المشاركة بين القطاعين العام والخاص خاصة فى تنفيذ مشروعات شبكات الربط والنقل بما يعكس حجم الفرص والإمكانيات فى أفريقيا، والاستعانة بأدوات التطور التكنولوجى وما يشمله من ذكاء صناعى وتحول رقمى واستخدام نظم المعلومات والبيانات الضخمة وتوظيفهم لخدمة مجهودات التنمية وخلق أسواق جديدة وفرص عمل، والاستمرار فى تمكين المرأة اقتصاديا من خلال دعم برامج تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبرامج بناء القدرات والتأهيل والتدريب الفنى لشباب القارة، واستكمال مبادرات مكافحة الفساد وإرساء مبادئ الحوكمة والحكم الرشيد.
 
ما رايته وشاهدته فى "أفريقيا 2018"..يمنح الامل فى مستقبل أفضل لأفريقيا بقيادة مصرية واعية ومدركة للتطورات السياسية والاقتصادية فى العالم.. والكل ينتظر مصر عندما تتولى قيادة أفريقيا ورئاستها للاتحاد الأفريقى بداية العام المقبل..

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة