مئوية زايد.. واتحاد الإمارات
الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018 06:07 م
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي: الناس صنفان، موتى في حياتهم.. وآخرون ببطن الأرض أحياء
من الناس من قد رحل عنّا، ولكنه ما زال متواجدًا بأعماله وإنجازاته وسيرته الحسنة، غير قابل للنسيان وعصيًّا عليه، وهناك من هو حي بين الناس، لكنه في عِداد الأموات، فلا يتذكّره أحد ولا يفيد أو ينفع أحدًا غير نفسه.
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي نحتفل بمرور 100 عام على مولده هذا العام، ينتمي وبامتياز إلى النوع الأول من البشر، فهو ما زال حيًّا بما فعله من معجزة حقيقية فوق أرض الإمارات التي تحوّلت في سنوات قليلة خلال حكمه من أراضٍ رملية شاسعة إلى إمارات خضراء غنّاء تنعم بالخير والنماء والاستقرار، بفعل إصرار الرجل وعزيمته وحلمه لوطنه.. حتى أصبحت الدولة التي عمل على اتحادها ووحدتها في العام 1971، مقرونة باسمه "دار زايد الخير".. فقد جاءت وحدة الإمارات السبع في ظل ركام هزيمة يونيو 1967، وتراجع الحلم والمشروع القومي وتواري أنصار الوحدة العربية. لكن الحلم والإيمان بالوحدة والعروبة كان يسكن زايد وراشد وإخوانهما حكام الإمارات؛ فجاءت دولة الإمارات العربية المتحدة كبقعة ضوء مُشرقة وساطعة وسط كومة الأحزان العربية؛ لتؤكد أن الحلم لا يموت، وأن الإرادة التي وُلدت على ساحل الخليج العربي ما زالت صُلبة ومُتمسِّكة بحلم أمتها العربية.
سيرة "زايد" ليست سيرة شخص فقط، لكنها سيرة وطن وأُمّة.. قصة إنسان جاء من عمق الصحراء؛ ليُحقِّق الحلم المستحيل في النهضة والتنمية.
وُلد الشيخ زايد تقريبًا في 6 مايو 1918، وتوفِّي في 3 نوفمبر 2004، وأصبح رئيسًا لدولة الإمارات العربية المتحدة منذ العام 1971 حتى وفاته (لمدة 33 عامًا) وترك وراءه إرثًا لأبنائه، قوامه الحكمة والمحبّة والتسامح وأعمدته العمل والصبر والكفاح وهي الصفات والخصائص التي كانت وراء ميلاد الوطن وبنائه ونهضته وشموخه، وبات الثاني من ديسمبر احتفالاً مُبهجًا بعيد الاتحاد، وبالرجل الذي نادى بالوحدة والاتحاد، رغم تخوّف البعض من مستقبله، ورغم التحديات التي واجهته.
لم ينكفئ "زايد" داخل حدود الدولة الوليدة بمواردها الطبيعية الهائلة، أو ينعزل عن قضايا أُمّته العربية التي كانت تستعد للحرب وتحرير الأرض من دنس العدو الصهيوني.. كان في قلب المعركة، وأعلنها صريحة مع نشوب حرب أكتوبر 1973 بأن "البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي".
كان زايد رجل أفعال لا أقوال.. ومواقفه وأياديه البيضاء في كل مكان من وطننا العربي، وكان أقسى ما أحزنه عندما وقعت حرب الخليج عقب الغزو العراقي للخليج، فلم يحزن لخسارة المال وإنما أوجعه الشِّقاق الذي نشأ بين العرب والمسلمين، ولذلك لجأ إليه الجميع، لجأوا إلى خبرته وحنكته وحكمته في حل الأزمات ومداواة الجراح العربية، فاستحق عن جدارة أن يكون حكيم العرب.
تحيه له في مئويته.. وتحية لأبناء "زايد"، فهم خير خلف لخير سلف.. وتحية لدولة الإمارات العربية المتحدة في يومها الوطني وعيد اتحادها.