المعجنة.. رؤية لتصحيح مسار أمة ووطن ودعوة للتمسك بالأمل والتخلى عن اليأس

الأربعاء، 05 ديسمبر 2018 08:54 م
المعجنة.. رؤية لتصحيح مسار أمة ووطن ودعوة للتمسك بالأمل والتخلى عن اليأس
سعيد محمد أحمد يكتب:

تحت وطأة الظروف الصعبة، وحركة الحياة السريعة التى لم ترحم أحدا تشابكت فيها المصالح الصغيرة، لشرائح هى الأوسع انتشارا فى العديد من مجتمعاتنا العربية تحت مظلة الإحتياجات اليومية،  وأصبحت فى عالم اليوم دربا من الخيال فى أعين الأخرين متجاهلين، وربما رافضين حقيقة وجودها بوصفها معيبة ونقيصة، وتشكل خللا فى تركيبتها السكانية والأجتماعية والأخلاقية، لكونها كاشفه لحقيقة التغييرات داخل تلك المجتمعات من انحطاط أخلاقى ودينى لازمها منذ عقود طويلة انتظارا للحظة الفرج، وليظلوا رهينة للفساد والفقر والجهل الذى عشعش فى حياتهم، وأسهم فى سقوط كامل لكل القيم الأخلاقية والإنسانية والدينية النبيلة، ولتحل محلها الخزعبلات واختلاط الحابل بالنابل فى منظومة بائسة تحجرت معها أى فرص للإبداع والخلق والأجتهاد .  
 
 جاء العرض المسرحى الرائع والمبدع فى المضمون، وتحت عنوان "المعجنة" للدكتورسامح مهران، لتوصيف واقع مجتمعى بائس، جرى تشكيلة وتجميعة فى خلطة جهنمية تاهت فيها كل المعالم والتفاصيل عن طبيعة ذلك الواقع الذى جاء تعبيرا دقيقا لخضوعة للأدعياء،  وكأن حياة تلك الشرائح  المجتمعية أصبحت متعايشة فى "معجنة"، اختلطت بها كل الموبقات، ولتشكل مجتمعا غريبا لازال يتعايش معنا، منها ماهو معلوم، ومنها ما يجرى خفية وفق قواعد وقيم متدنية اعتادتها على مدى عقود طويلة، باعت فيها كل ما تملك بدءا من البيت الكبير، ومرورا  بمفهوم العيلة والأسرة غير عابئين، والبعض منهم باع بالفعل كل شىء بما فى ذلك العرض والوطن الأم .
 
المؤكد أن "المعجنة" ربما فرضت على واقعنا المجتمعى فى ظروف تاريخية استثنائية نتاج خلل فى الشفافية والرؤية والأفكار والأهداف والأستراتيجيات، وغياب مشروع قومى وطنى تلتف حولة الأمة لتنقذها من عثراتها، وبزوغ منطق جديد فى فرض السيطرة والتمكين، والإقصاء والإستحواز، وتغييب الأخر ورفض التشاركية، والعودة الى عصر " الفرعون" الحاكم والمتحكم والمتصرف الواحد فى مصير أمة، وليتفشى الجهل وغياب الوعى بين العديد من الشرائح الأجتماعية المختلفة، وتصبح فريسة سهلة للإتكالية وللإهمال والتراخى، ولأدعياء الدين ، وبدلا من إعتماد قيمة العمل والشرف والإجتهاد والبحث عن الرزق الحلال، استسهلت تلك الشرائح استحلال الحرام  بالدجل والشعوذة والمتاجرة بالدين انتظارا للفوز ب"التميمة ".
 
المعجنة. .. تشريح حقيقى لواقع مجتمعى موجود، وبشكل لافت للأنظار فى مجتمع فقد الكثير من قيمة المجتمعية، الخيانة الأسرية داخله تجرى بسرية من اعتداءات جنسية، وذنى للمحارم، وعلاقات مشبوهه لمجتمع مشوه عاش خلالها لفترة زمنية امتدت لسنوات عجاف عبرت عنه " ثورة25 يناير" وما لحقتها من تشوهات للأسلام ليسقطوا فى غيبوبة وشعارات عباءات المتاجرين بالعقيدة، مرحلة تاريخية جرى فيها ما جرى من انحلال أخلاقى ودينى سيطرعلى سلوكياتهم، وتصوروا أنها الحرية، والملاذ لحياة مطلقة بلا معاييرانسانية وأخلاقية، ولتتكشف حقيقة تلك "المعجنة" تباعا، وتبين أنها جمعت كل المتناقضات فى انتهازية كاملة لتحقيق مصالحها الأنية، عبر استثمارات فاسدة باع فيها من باع وقبض فيها من قبض وتستر فيها من تستر ع فساد وخراب للنفوس، بالفلوس والدهب والفضة.
 
الخاسر الأكبر فى تلك "المعجنة "، هو السقوط الأكبر للقيم الأخلاقية والإنسانية مستهدفا وطنا بأكملة، لتستيقظ تلك الأمة من غفوتها بعد مخاض عسير وتصحح مسارها، مسار أمة ووطن وأرض ودولة كانا على شفا الدمار، بإستعادة الحياة من جديد، والخروج من تلك المقبرة والمعجنة التى اتسمت بالسواد، إلى شمس جديدة تمكنت فيها تلك الأمة من العثور على المفتاح الحقيقى للحياة وللمستقبل، وضرب كل دعاوى الجهل والتطرف والغباء، بالوعى بأهمية العلم والإجتهاد والعمل الجاد عبر تبنى مشروع قومى لتحقيق الأمال ، والعودة إلى القيم الأخلاقية والدينية الصحيحة.
 
المعجنة... عمل مسرحى ابداعى وضع المجتمع أمام واقع حقيقى شوهه الكثير من الدعاه وأصحاب الأجندات والرايات الكاذبة ليستلهم من قيمنا الإنسانية والأخلاقية والدينية السمحة،فى فترة زمنية من تاريخنا المعاصر والحديث.
 
"المعجنة"، أداء مسرحى جيد وجديد رغم صعوبة النص إلا أنه حمل بداخلة الكثير من المضامين والرسائل المباشرة والغير المباشرة لإذكاء العقل والفكر، ودون الأبتزال والبعد عن السطحية، فى عمل استعراضى غنائى رائع ، وشارك فيه مجموعة من فناني المسرح، بطولة ناصر شاهين، إيمان رجائى، هايدى عبد الخالق، مروان عزب، محمد العزايزى، أسماء عمر، مريم، أشعار طارق على، موسيقى وألحان أحمد حمدى رؤوف، إضاءة وديكور وأزياء صبحى السيد، استعراضات ميزو، إخراج المبدع أحمد رجب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق