"لص حلب" .. وأحلام العثمانلى والفارسى
الجمعة، 19 يناير 2018 03:56 م
" لص حلب" ليس شخصية وهمية يؤدى دورا فى فيلم روائي أو تاريخي، أو مصنف فني على طريقة " الفانتازيا " ، وربما يذكرنا ب" لص بغداد " برغم المفارقة التاريخية والخيال السينمائي، إلا أن وقائع بطل " لص حلب " حمل مقاربة واقعية لما يجرى على الساحة الإقليمية، وخاصة العربية منها، الجريمة ليست من نسج الخيال، بل هى جريمة سرقة مستقبل وحاضر مدينة تاريخية تعد أكبر المدن الصناعية السورية، وذلك عبر تفكيك مصانعها ومعاملها ونقلها بعلمه من مدينة حلب فى بدايات الأزمة السورية فى ظل ترحيب أنقرة ومؤيديها من الدواعش بفتح الحدود على مصراعيها للأرهابيين.
"لص حلب" الراعى التركى الرسمى لأكبر عملية ونهب وسرقة فى التاريخ بتفكيك ١٠٠٠ مصنعا سوريا، وفقا لمصادر رسمية سورية، وصرخات الكثير من رجال الأعمال السوريين، وعبر مصادر إعلامية متعددة مسجلة بالصوت والصورة، وهى تعبر الحدود فى "أرتال" من الشاحنات الضخمة تحمل على متنها العديد من المصانع والمعامل المفككة فى طريقها إلى تركيا، وبالتعاون مع مايسمى ب"الجيش الحر"..
تلك تطلعات تركيا فى محاولاتها الحثيثة لإحياء التاريخ الإستعمارى للأمبراطورية العثمانية فى العديد من الدول العربية، وسعيها بعودة " الأستانة " أو الباب العالى، وبالمفهوم الشعبى " الباب الواطى " لفرض أجندتها بإقامة قواعد عسكرية لها فى المنطقة العربية فى" قطر والصومال والعراق وسوريا والسودان أخيرا " وذلك عبر منح السودان جزيرة " سواكن " إلى الرئيس التركى لإقامة قاعدة عسكرية، إضافة إلى إقامة ميناء لصيانة السفن العسكرية.
والمؤسف فى المشهد تماثل وتطابق تطلعات وأحلام تركيا "العثمانية" مع أحلام ايران " الفارسية " فى المنطقة، فكما لتركيا تواجدا عسكريا ملموسا وملحوظا بل ونشطا فى كل من" قطر والصومال وسوريا والعراق والسودان "، وسعيه المريض مؤخرا فى "ليبيا"، والتى كشفت عنه وفضحتة "سفينتة" المحملة بالأسلحة فى طريقها إلى ليبيا، وتم ضبطها مؤخرا عبر قبرص بهدف تهديد الأمن القومى المصرى فى " ليبيا " خاصرة مصر الغربية، والتى لاتخرج فى مجملها عن مكايده للدولة المصرية وفشله الذريع فى كل مخططاتة، يسعى أيضا حليفه اللدود ايران بفرض هيمنته على المنطقة، والتدخل فى شئونها الداخلية عبر ما يسمى على غير الحقيقة " بالهلال الشيعى "، وهو فى حقيقة الأمر "هلالا فارسيا " لإستعادة أحلامهم بعودة دولة فارس،وما استخدامها للهلال الشيعى إلا حجة واهيه !! ولحماية الشيعة من من ؟ .
المؤكد أن الهدف إشعال حرب وهمية بين " الشيعة والسنة"، لتتحكم طهران حاليا فى خمس عواصم عربية هى "دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء والدوحة " عبر مجموعات محلية تدين لها بالولاء كما يجرى حاليا فى البحرين ، بفرض سياستها على كافة الأراضى التى تخضع تحت سيطرتها، وإستعادة النقاط الإستراتيجية التي تمكنها من فرض نفوذها على المنطقة .
وكما تلعب طهران تحت ستار الدين، تلعب أنقرة ذات المشهد عبر قيادتها لتيار جماعة الأخوان الإرهابية ، رغبة منها فى بسط نفوذها واستغلال الدين خدمة لأهدافها السياسية، فقبل سنوات مضت لم يكن لتركيا أى تواجدا عسكريا فى المنطقة لتصبح اليوم متواجده فى عدة دول عربية، وأن القاسم المشترك بين طهران وأنقرة الرغبة في استعادة الماضي الإستعماري في المنطقة العربية.
المشهد ليس غريبا على ذلك العاشق الواهم لإستعاده" حلم عثمان والباب الواطى" .. يسعى جاهدا وفق أحلامه المريضة وديكتاتوريته بفرض شباكه وفقا لأطماعه ومصالحه، والتى بدت فى جولته الأخيرة لكل من "السودان وتشاد وتونس"، وفى محاولة بائسة لا تخرج عن كونها مكايده للدولة المصرية بوهم تطويقها من الجنوب متناسيا أن مصر على مدى تاريخها الطويل لم يكن لها أطماعا خارجيا ولم تهدد أشقائها، وعلى خلاف أنقرة التى اتخذت ذات النهج الذى اتبعه أرودغان مع سوريا فى سلسلة الإتفاقيات الإقتصادية والتجارية والسياسة والعسكرية والأمنية والإعلامية، وتحت مسمى اتفاقات استراتيجية عالية المستوى، وانتهت إلى ما وصلت إليه سوريا اليوم من متآمر عليها ومحاولات الحثيثة الإستيلاء على مساحات من سوريا وتهديده بالتدخل العسكرى بمزاعم كازبة، وبهدف توسيع حلم "عثمان" .
فلص حلب الذى يدعى ويزعم منافقوه من جماعة الأخوان الأرهابية أنه الحاكم والفاتح، ويتخذ من الأسلام غطاء لتوسعاته ليتبين حجم فساده، وذلك وفقا لتصريحات المدعى العام التركى " معمر أكاش " الذى أعلن أنه تم استبعاده من التحقيقات لكونها نالت الأبن المدلل لأردوغان " بلال" وعددا من أقاربه وأبناء مسئولين من وزراء الداخلية الإقتصاد والبيئة .
ويؤكد مراقبون أن جولة أردوغان الأخيرة لكل من "السودان وتشاد وتونس" جاءت لدعم الاٍرهاب، ودعم مصالحه فى المنطقة بالتعاون مع حليفه الإستراتيجى اسرائيل، والذى تشدق مرارا ب"القدس" كذبا، وتبين أنه عنصر فاعل فى إثارة المشاكل فى المنطقة عبر قيامه بدور الشرطى لحماية ودعم تمويل تنظيم الحمدين للارهاب، وزيارة "تميم" مؤخرا إلى أنقرة والثانية له فى غضون شهر للتنسيق بينهما لخراب المنطقة، وتصريح أرودغان "الشهير" والذى مثل اعترافا منه بأن الإرهابيين الذين غادروا مدينة الرقة السورية تم إرسالهم إلى صحراء شبه جزيرة سيناء، فى مؤشر على وقوف جهات تعلمها أنقرة وراء دعم وتمويل التنظيمات الإرهابية الهاربة من سوريا فى أعقاب تحرير "الرقة" .
كانت وسائل إعلام روسية قد نشرت صورا فى ٢٠١٥ ،" لبلال" نجل أردوغان تجمعه بقيادات داعش فى أنقرة، كما اتهمت وثائق ويكيليكس الرئيس التركى بإستخدام التنظيم الإرهابى لابتزاز دول المنطقة.