بعد ظهوره أول مرة في مصر.. تعرف على أسباب ارتداء القضاة للروب الأسود
السبت، 01 ديسمبر 2018 12:00 م
فى الواقع أن تاريخ 28 نوفمبر 2018 سيكون بمثابة اليوم الذى سيسجله تاريخ العدالة، وذلك لظهور قضاة الدائرة 11 إرهاب بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد شرين فهمى، بالزى الرسمى الجديد للقضاة، والذى وافقت عليه الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف ومجلس القضاء الأعلى، منذ شهرين، وهو عبارة عن روب أسود اللون، وبطانة صفراء اللون فى نهايته، بالإضافة إلى وشاح القضاة التقليدى.
ومن المعلوم أن القاضى يجلس على منصته العالية كى يستمع إلى المرافعات والشهود ويدير الجلسات من عليها، ويصدر الأحكام بـ«إسم الله»، يرتدى فى ذلك التوقيت ملابس رسمية عليها وشاح مميز، اعتاد الجميع رؤيته، إلا أن بعد ذلك التاريخ 28 نوفمبر 2018 سوف يعتاد الجميع على رؤية القاضى وهو مرتدياَ روباَ أسود مثل المحامى الذى يترافع أمامه.
28 نوفمبر 2018، أصبح ذكرى الثوب أسود اللون الزي الرسمي الذى سيصبحون متعارف عليه لتمييز القضاة عن غيرهم بين داخل، تماما كما يرتدي الطبيب الثوب الأبيض، فقد بدأ هذا التقليد على مستوى العالم منذ حوالي سبع مائة عام في إنجلترا، عندها أصبحت العباءة الزي الموحد للقضاة في إنجلترا خلال عهد الملك إدوارد الثاني الذي حكم البلاد منذ عام 1327م حتى 1377م.
نبذة تاريخية عن ثوب القضاة الموحد
خلال تلك الفترة، كان الزي موحداً للأكاديميين لأكثر من قرن، ولم يقتصر ارتداء الثوب أو العباءة في قاعات المحكمة فقط، بل أيضا كان القاضي يرتدي العباءة في مناسبات عديدة كزيارة الديوان الملكي، وكان لون ثوب القاضي يأتي على ثلاثة ألوان: البنفسجي خلال فصل الصيف، الأخضر لفصل الشتاء، والقرمزي للمناسبات الخاصة. فعادة ما تلقى القضاة الثوب كجزء من منحة الملك، ودخلت التغييرات على اللون ومكان ارتداء الثوب منذ عام 1534م، حيث كان آخر ظهور للثوب أخضر اللون وفقا للمبادئ التوجيهية الجديدة والتي أملت أيضا بارتداء الثوب في أوقات معينة خلال عام 1635م، وكان الدليل التوجيهي الجديد قد اقترح على القضاة ارتداء ثوب أسود مع الفراء خلال فصل الشتاء وثوب بنفسجي أو قرمزي اللون خلال فصل الصيف.
فيما يرى المستشار محمد السحيمى، رئيس محكمة سابق، أن الانتقال لارتداء الثوب الأسود قد بدأ في النصف الثاني من القرن السابع عشر في إنجلترا، ولم يُعرف على وجه التحديد سبب التغيير، على الرغم من وجود نظرية تقترح أن اللون الأسود للقضاة ترافق مع فترة الحداد بعد وفاة الملك، وما رسّخ ذلك هو وفاة الملكة ماري عام 1694م ، فيما يُشير آخرون إلى ارتباط اللون الأسود بوفاة الملك تشارلز الثاني عام 1685م كبداية لهذا التقليد.
أسباب اللون الأسود
وظهرت المبادئ التوجيهية-وفقا لـ«السحيمى» فى تصريح لـ«صوت الأمة»- التي أمرت القضاة بارتداء ثوب أسود اللون في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، حيث ارتدى القضاة الإنجليزيون رداءً مكوناً من وشاح أسود اللون وغطاء قرمزي عند الحكم في القضايا الجنائية، أما القضايا المدنية فغالبا ما ارتدوا رداءً أسود اللون من الحرير.
عندما ترأس القضاة الإنجليز المحاكمات المدنية والجنائية في المستعمرات الأمريكية، نقلوا هذا التقليد إلى الأمريكان، وبعد أن نجحت الثورة الأمريكية في الإطاحة بالاستعمار البريطاني وتأسيس حكومة أمريكية، واصل القضاة ارتداء العباءة السوداء والشعر المستعار الأبيض تقليدا للقضاة الإنجليز خلال فترة استعمارهم، واستمر قضاة الولايات المتحدة بارتداء الثوب الأسود في قاعة المحكمة على الرغم من عدم وجود قاعدة تنص على ذلك، حتى في المحكمة العليا في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من إجماع المؤرخين على أن الأمر كان تقليدا لا أكثر، البعض الآخر اعتبر الحفاظ على ارتداء العباءة نوعا من السلطة والهيبة للقاضي.-هكذا يقول رئيس المحكمة السابق.
لكن وفي الولايات المتحدة، القاضي ليس مُجبرا على ارتداء الرداء الأسود دائما، فالقاضية شاونديا سيمبسون في منهاتن تخلت عن الرداء تماما خلال الحكم في دعوى قضائية، وعند سؤالها عن السبب، قالت أنها لا تمتلك الوقت لعقد جميع أزرار الثوب، كما أن القاضي بروس ألين عادة ما يترك ارتداء الثوب عند جلوسه على مقاعد البدلاء في ولاية نيويورك، ولا يرتديه إلا إن كان بين لجنة المحلفين في قاعة المحكمة، ولم يقتصر ارتداء الثوب الأسود على قضاة إنجلترا وأمريكا فقط، بل أصبح تقليدا عالميا يتبعه العديد من قضاة الدول المختلفة حتى بعض الدول العربية في الشرق الأوسط.