بلاها سُنَّة نبوية!
الخميس، 22 نوفمبر 2018 11:15 ص
لا صوت يعلو فوق صوت «تجديد الخطاب الديني»، وتنقية السُّنة النبوية الشريفة، كما يُنقَّى "الرز الأبيض" من الحصوات.. فالتنجيد غاية لا يُدركها إلا المنجِّد البلدي أو الإفرنجي.. وحتى نواكب القضايا المطروحة فقد تابعت بعض المطالبين بالاستغناء عن السُّنة، والاكتفاء بالقرآن الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
كما تابعتُ حديث بعض المثقفين المائلين إلى رأي الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بعدم الأخذ بكل الأحاديث النبوية؛ لأنها «لم تعد تتناسب مع زماننا»، أو أن تاريخ صلاحيتها انتهى، حسبما هو مُدوَّن على غلاف أمهات كتب التراث، ويجب حفظها بعيدًا عن متناول الأطفال، أو تناولها تحت إشراف طبيب علماني!
العبد لله ليس أقل تحمّسًا للتنجيد الفقهي، فأنا مع كل رأي يُوفِّر لنا سُنَّة نبوية «دايت».. أو سُنَّة نبوية خالية من الدهون والكوليسترول.. أو سُنَّة نبوية «سبايسي».. أو سُنَّة نبوية خالية من الشوائب، ومُصفّاة حتى آخر قطرة، ومُتوفِّرة بأسعار مُخفّضة في "السوبر ماركتس" والمُجمّعات الاستهلاكية، والأكشاك الصغيرة!
أنا مع توصيل السُّنة الجديدة - المُزمع إنتاجها - للمنازل مجانًا، أو بأجر رمزي، يُضاف على فاتورة الكهرباء أو الغاز، حسب استهلاك المسلم منها، مع إعفاء مهدودي ومعدومي الدخل من أيّة مصاريف إدارية!
أنا مع كتابة سُنَّة جديدة تتواكب مع سرعة العصر الحديث.. يعني سُنَّة تُحلِّل الخمر، وتُبيح الزنا والفواحش ما ظهر منها وما بطن.. سُنَّة "تخلّي الصلاة 3 فروض أو فرضين بس بدل 5 فروض. وتخلّي الصلاة من غير وضوء، خاصة في الشتاء. وتخلّي الصيام 5 أو ست ساعات بس في رمضان.. وتخلّي الحج في المنوفية أو أي محافظة تانية، بدل ما نضيَّع فلوسنا في السعودية.. وبلاها زكاة خالص، عشان الأزمة الاقتصادية إللي إحنا فيها.. كده هتبقى سُنَّة ميت فل وأربعتاشر"!
لكن هتقابلنا مشكلة.. هنعمل إيه في الآية إللي بتقول عن النبي صلى الله عليه وسلم: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)؟
وهنعمل إيه في الآية إللي بتقول: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)؟
وكمان هنعمل إيه في الآية دي: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً)؟
الله الله الله.. صحيح هنعمل إيه في الآيات دي وغيرها؟
بسيطة خالص.. قُدّامنا حلّ من تلاتة: الأول.. نلفّ ونرجع تاني في كلامنا ونعترف بغلطنا.. والتاني: نُصرّ على موقفنا ونعمل هوجة جديدة، ونطالب بحذف الآيات دي وغيرها؛ ليتناسب القرآن مع الوضع الجديد.. والتالت: نستغني عن القرآن كمان، ونلعب "كيلو بامية"!