المفتي «النصاب» في مهرجان الجونة!
الجمعة، 21 سبتمبر 2018 06:58 م
لم أصدق عيني وأنا أرى صورة المدعو «مصطفى راشد» بصحبة رجل الأعمال نجيب ساويرس، مدير مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثانية، وتساءلت- بيني وبين نفسي: ما علاقة هذا «المُعَمم» بالسينما؟ ومَنْ الذي دعاه إلى الحضور؟ وما الرسالة المراد إيصالها من تداول صورة كهذه؟ وما الغرض من دعوته من الأساس؟ وهل هي دعوة بريئة، أم لأغراض أخرى في نفس القائمين على المهرجان «العائلي»؟
عشرات الأسئلة التي تلاقحت وتوالدت وترعرعت في ذهني، وأنا أرى صورة هذا المدعو، الذي كان يلقب نفسه بـ«مفتي أستراليا»، ويمنح نفسه ألقابًا دولية «فخمة»؛ ليوهم متابعيه بأنه «حاجة كبيرة»، بينما هو لا شيء.. مجرد «نصاب» يستخدم الدين مطية للحصول على شهرة زائلة، ومكاسب شيطانية، وتحقيق أغراض وأهداف خبيثة، تضرب الدين في مقتل، تحت ستار «تجديد الخطاب الديني»، وإعادة تنقية كتب التراث الإسلامي.
ما علاقة مصطفى راشد بالسينما، ومهرجان «الأفخاد العارية»؟ هل جاء الرجل- لا مؤاخذه- لتجديد الخطاب الديني في مدينة آل ساويرس السياحية؟ هل حضر خصيصًا من أستراليا للتقريب بين المذاهب السينمائية الفنية؟ هل دُعِيَ لحضور المهرجان ليحكم بين الأفلام المتنافسة «بشرع الله»؟ أم دعاه آل ساويرس لـ«هداية الفنانات» الكاسيات العاريات، المائلات المميلات؟
أفيدوني يا آل ساويرس، لماذا دعوتم هذا المدعو، غير المصطفى وغير الراشد، لحضور مهرجانكم؟ ولماذا حرصتم على التقاط الصور معه، والغالبية العظمى من متابعيه يعلمون أنه «نصاب» و«محتال»، ويتلاعب بالدين الإسلامي لخدمة أجندات ومؤسسات أجنبية مشبوهة؟ ثم ألا يكفي أن المدعو محمد عبد نصر، الملقب بـ«الشيخ ميزو» ينهل من معينه المشبوه، ويتخذه إمامه ومرجعيته؟
ربما لا يعلم كثير من القراء أنني سبق وأن «فضحت» هذا المستشيخ على رؤوس الأشهاد، إلا أنه وأمثاله لا يملكون قطرة دم، ولا يعرفون حمرة الخجل، فنراهم يتبجحون وينتشرون ويتوغلون، مستغلين أي فرصة للظهور ومخاطبة الجماهير اللاهثة عن الاستسهال، والباحثة عن أي شخص يتمسح في الأزهر الشريف، ويرتدي زيَّه المميز؛ ويفتي لهم بما يريدون، لا بما يقول الله ورسوله، ويأتي بما لم يأتِ به الفقهاء الأوائل ولا الأواخر!
التقيتُ هذا «المفتي النصاب»- وأنا هنا متحمل العواقب القانونية لهذا الاتهام- ثلاث مرات، آخرها في حوار استمر لما يقرب من الساعات الأربع.. وقبل التسجيل معه أصر على أن يهاديني بهدايا جلبها معه في حقيبة كبيرة، عبارة عن تيشرتات، وساعات، وألعاب إليكترونية.. صحيح لم تكن باهظة الثمن، لكنها كانت محل تساؤل فيما بعد..
حينها عرفني مصطفى راشد بنفسه باعتباره «خطيب مسجد سيدني بأستراليا»، وأنه- كما زعم- حاصل على درجة الدكتوراه من الخارج، إلا أنه رفض الإفصاح عن اسم الجامعة الأجنبية التي منحته الدكتوراه في «الشريعة الإسلامية»!
خلال لقائي «المسجل» معه، وبعد إطلاعي السريع على «إصدارين» ألَّفهما، تأكدت أن «عِلم» الرجل «لا يتخطى مرحلة الإعدادية»، وأن معلوماته «اللغوية والدينية» لا ترقى إلى مستوى طالب أزهري كان يحضر المحاضرات وهو«نائم».. ففي الكتاب الذي أسماه «ديوان شعر»، لم «يتمرد» على القواعد والقوالب الشعرية فقط؛ بل تمرد على قواعد اللغة، وتمرد على خلق الله أيضًا.. فلم يكتفِ بـ«نصب الفاعل»، بل اغتاله تمامًا.. ولم «يرفع المضاف» فقط، بل «سحله» شر سحله!
الأخطاء الفادحة في إصداراته- التي أحتفظ بها إلى الآن- دفعتني لسؤاله: هل أنت مَنْ راجعت هذه الكتب أم شخص آخر؟ فأجاب بثقة «المبتز»: أنا.. فلما أخبرته بفداحة الأخطاء التي لا يقع فيها تلميذ في المرحلة الابتدائية، عاد وألقى باللائمة على مراجع ومدقق الكتاب!
حاول «راشد»- خلال الحوار- تفنيد «فتاواه المشبوهة»، خاصة تلك التي زعم فيها أن «الحجاب ليس من الإسلام»، وأن «الإسلام لم يُحرم الخمر»، وأن «الحج إلى جبل الطور بسيناء مقدس عن الحج في بيت الله الحرام بمكة»، وأنه «لا يوجد ما يسمى بصحيح البخاري»، وأنه «يجوز الإفطار لمن يعمل إذا بلغت درجة الحرارة 30 درجة فما فوق؛ لأنه توجد خطورة على صحة الإنسان بامتناعه عن شرب المياه طوال النهار»، وأن «القُبلة، والمداعبة بين الرجل والمرأة- حتى ولو كانا أجنبيين- لا تفسد الصيام»!
ومع تأكيد «الشيخ السينمائي» على «تحريم التدخين»، إلا أنه أفتى بأن «تدخين السجائر والشيشة في نهار رمضان لا يُبطل الصيام»؛ فسألته ساخرًا: إذن مضغ اللبان «الدكر» في نهار رمضان لا يُبطل الصيام؟ فأجاب بنعم، محاولًا إقناعي بأن الشريعة الإسلامية حددت المفطرات في «الأكل والشرب» فقط، وأن اللبان- لامؤاخذة- «الدكر» ليس «أكلًا ولا شُربًا».. فهممت أن أسأله: «إذن تدخين البانجو والحشيش لا يفطران»؛ قياسًا على تدخين السجائر، إلا أنني لم أفعل خشية رد فعلي إذا ما أجاب بنعم.. وحمدت الله أن اللقاء انتهى دون خسائر في الأرواح!
ما ينطق به «راشد»، لا يبعد كثيرًا عن الآراء التي خرج علينا بها بعض الجهلاء، والنصابين الذين يتاجرون بكل شيء، وفي أي شيء.. وليس بخافٍ على أحد- حتى على بسطاء المعرفة- أن ما يروج له «المفتي النصاب»- ويتبناه السائرون في فلكه- لا يمكن تسميته بـ«الفتوى»، وإنما «آراء شاذة» تهدف إلى «فرقعة إعلامية»، والحصول على شهرة سريعة، ولو بالتشكيك في «ثوابت الدين»، دون علم أو دراية؛ مستغلًا جهل الناس، وبحثهم عن «الاستسهال»، أو «الاستهبال» في تطبيق دينهم!