1500 عملية غير قانونية سنويا.. لماذا أثارت إعلانات «تجارة الأعضاء» غضب الأطباء؟
الخميس، 22 نوفمبر 2018 08:00 ص
«آي دكتور اللي مريض استأمنه على صحته يسرق كليته ويقول عملنا له جميلة، وأي أخلاق تسمح له بكدا.. يا دكتور بص في المرايا، وشوف ضميرك لما راح وصلك لحد فين».. بهذه الكلمات تسبب إعلان أنتجته هيئة الرقابة الإدارية على شاشات التليفزيون في إثارة غضب الأطباء، فضلًا عن الإشارة باتهامهم بسرقة أعضاء مرضاهم، الأمر الذي دفع نقابة الأطباء إلى مخاطبة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام للنظر في وقف هذه الإعلانات.
أعادت هذه الإعلانات، النظر إلى صدارة مصر قائمة الدول الأكثر انتشارًا في تجارة الأعضاء، فضلًا عن الخلط بين مصطلحي سرقة الأعضاء، والذي يعني إكراه المريض على أخذ أعضائه دون إخطاره، وتجارة الأعضاء التي انتشرت في مصر، نتيجة لتأخر صدور قانون نقل الأعضاء.
إحصائيات التحالف الدولي لمكافحة تجارة البشر الصادرة في منتصف عام 2017، تشير إلى أن مصر تحتل المركز الثالث عالميًا في تجارة وزراعة الأعضاء البشرية، بعد الهند والصين، حيث تشهد سنويًا 1500 عملية زراعة أعضاء غير قانونية، وقدر المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، تجارة الأعضاء البشرية بأنها تتجاوز آلاف العمليات سنويا.
إعلانات سرقة الأعضاء تنم عن الجهل الشديد
بدوره، أكد الدكتور أسامة عبد الحي، وكيل نقابة الأطباء، أن أطباء مصر في حالة غضب شديد من الحملة الإعلانية المنتشرة على الفضائيات ليل نهار تحرض ضد الأطباء وتتهمهم بسرقة أعضاء المرضى أثناء إجراء الجراحة، وهو الإجراء المستحيل عملياً وعلمياً.
وأضاف وكيل نقابة الأطباء، أنه لا يوجد ما يسمى بسرقة أعضاء لأن انتقال العضو من شخص لأخر يتطلب إجراءات طويلة ومعقدة من تحاليل وتوافق أنسجة، وهى العملية التي قد تستغرق أكثر من شهر، لافتًا إلى أن الكلام على إنشاء بنك للأعضاء على غرار بنك الدم أو القرنيات، يعتبر كلام ينًم عن جهل شديد، لأن الأعضاء مثل الكلى والكبد لا يمكن تخزينها أكثر من مدة لا تتجاوز ساعات معدودة.
إعلانات سرقة الأعضاء تضر بالسياحة العلاجية في مصر
وأوضح وكيل نقابة الأطباء، أن كل مهنة بها الصالح والطالح، ولكن النقابة بدورها لا تتهاون مع مقصر أو فاسد وتعاقب الطالح من خلال لجنة آداب المهنة، مؤكدًا أن هذا الإعلان فهو لا يسيء للأطباء فحسب، وإنما للمرضى وللمجتمع بإشاعة الرعب والذعر فيه، وهو بلا شك يضرب السياحة العلاجية المتراجعة أصلا في مصر، في حين أن الأردن وصل إيراد السياحة العلاجية بها إلى 2.3 مليار دولار !
تأخر قانون نقل الأعضاء سبب صدارة مصر فى تجارتها
واختتم الدكتور عبد الحي حديثه، قائلًا: «إنه لا يوجد سرقة أعضاء ولكن قد يوجد ما يسمى بتجارة أعضاء، وهو أمر مختلف حيث يكون ذلك باتفاق مسبق بين المريض والمتبرع، وللأسف ما جعل مصر في صدارة الدول التي ينتشر بها تجارة أعضاء هو التأخر في صدور قانون نقل الأعضاء، وحتى بعد صدوره لم يفعل، وأيضا الفقر الذي يدفع الناس لبيع أعضاءها».
وأضاف الدكتور أسامة عبد الحي، أن هناك 16 دولة عربية إسلامية سبقتنا منذ سنوات في إصدار قانون نقل وزراعة الأعضاء ومنها السعودية، الأمر الذي لا يمنع أن نقتضي نفس خطى الدول المتقدمة للحد من استغلال البشر في مصر.
المستشفيات الحكومية تنقل الأعضاء إلى الأقارب من الدرجة الأولى
في هذا الصدد، قالت النائبة إيناس عبد الحميد وكيل لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إن إعلانات الرقابة الإدارية لا تتهم الأطباء بالاتجار في الأعضاء، لأنه لا يوجد مستندات بهذا الأمر، وقد يكون ألقى القبض على أطباء متاجرين في الأعضاء في وحدة طبية واحدة، الأمر الذي لا يمثل واحد في المليون في نسبة الأطباء الموجودين في مصر.
وأكدت إيناس عبد الحميد لـ«صوت الأمة»، أن إعلانات التليفزيون لم تقدم آي معلومة علمية أو طبية سليمة، لافتة إلى أن عملية الزائدة التي أشار لها الإعلان لا تستغرق سواء ثلث ساعة، في حين عمليات نقل أعضاء كالكلى والكبد تستغرق ساعات لإتمامها، فضلًا عن نقل الكلى داخل مستشفيات يتوافر فيها الثلاجات الخاصة بحفظ الأعضاء، والتي لا تتوافر في غالبية مستشفيات مصر، لهذا فإن إتمام مثل تلك العمليات يتطلب وجود المريض والمتبرع للنقل الفوري للعضو بعد إتمام التحاليل والتأكد من توافق الأنسجة.
لا يجوز نقل الأعضاء فاجئة
وتابعت إيناس أنه: «لا يجوز نقل الأعضاء بشكل مفاجئ منطقيًا وعلميًا، وإجرائيًا وجراحيًا، أما ما يتم بين الأطباء في المستشفيات هي تجارة أعضاء بها سماسرة، ومثل هذه العمليات لا تتم إلا في المستشفيات الخاصة، لأن الحكومية لا تنقل الأعضاء إلا إلى الأقارب من الدرجة الأولى».
وأضافت: أننا طالبنا في وقتً سابق رئيس الوزراء السابق بسرعة إصدار اللائحة التنفيذية لقانون زراعة الأعضاء، لأن القانون تم إصداره في مارس 2010، وتم تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الصحة لتشكيل اللجان المنبثقة المعنية بإدخال بيانات المرضى لمعرفة الأعضاء المطلوبة، ولجان أخذ الأعضاء، إضافة إلى لجان تفريغ الجثث بعد وفاة الإنسان، مشيرة إلى أن فترة حكم الإخوان ألغت هذا القانون استنادا إلي أن زراعة الأعضاء حرام شرعًا .
هل قانون زراعة الأعضاء يخالف الشرع؟
وفي هذا الصدد، قال عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر، إن الجثة ملك إلى الله سبحانه وتعالى وصاحبها أمين عليها، ولا يجوز الاتجار بها أو بيع عضوا منها، وإنما إذا كان هناك ضرورة يجوز أن يتبرع الإنسان بجزء من أعضائه ليستفيد بها الحي، بشرط أن لا تؤثر على المنقول منه، فإذا أثر على المنقول منه فيحرم نقلها.
هل ينظر المجلس الأعلى للإعلام إلى إعلانات سرقة الأعضاء؟
وعن النظر في شكوى نقابة الأطباء بمنع بث الإعلانات المسيئة إلى الأطباء، أكد أحمد سليم، الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لـ«صوت الأمة»، أن المجلس تلقى شكوى نقابة الأطباء بخصوص إعلانات مكافحة فساد سرقة الأعضاء في المستشفيات، وسيتم النظر بجدية في هذا الأمر، والرد عليهم في أقرب وقت.