القانون بيقول إيه؟.. الكلمة النهائية في تراجع الشهود عن أقوالهم أمام المحكمة
الثلاثاء، 20 نوفمبر 2018 09:00 م
الشاهد فى القضايا سواء الجنايات، أو الإرهاب، أو الجنح، وغيرها يُعتبر بمثابة الدعامة الأساسية فى إقامة الدليل أو نفيه، حيث تستند عليه المحكمة فى أحكامها، ففى حال اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود دائما ما تحكم بالإدانة فى الدعاوى التي تنظر أمامها، إلا أنه فى كثير من الأحيان ما يتراجع الشاهد عن أقواله أمام المحكمة.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصدت الموقف القانونى للشاهد فى حال تراجعه عن أقواله أمام المحكمة وتغيير تلك الأقوال التى أقر بها أمام النيابة أو أثناء سير التحقيقات، هل يُعرض ذلك الأمر الشاهد للمسألة القانونية من عدمه؟، أم أن هذا التغيير يكون فى صالح التحقيقات؟.
للفصل فى تلك الإشكالية، الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائى، والمحامى بالنقض، أن مسألة تراجع الشاهد أن أقواله التى سبق الإدلاء بها أمام جهات التحقيق أو النيابة العامة يُعتبر أمر وارد لا تحكمه أية قواعد تُذكر، وذلك لأن الحكم فى نهاية المطاف للمحكمة وحدها وفقاً لما قد يستقر فى عقيدتها وتطمئن له المحكمة من هذه الأقوال، حيث أن للمحكمة أن تأخذ بشكل قاطع بما تراه يتفق وظروف الدعوى ووقائعها من أقوال الشهود مهما كانت، سواء كانت متفقة مع ما سبق وشهدوا به فى التحقيقات أم لا.
اقرأ أيضا: كبسولة قانونية.. 4 حالات يجوز للشاهد الامتناع فيها عن أداء الشهادة
الشهادة فى معناها القانونى-بحسب «الجنزورى» فى تصريح لـ«صوت الأمة»- هى فى حقيقة الأمر كل ما يدلى به أى مواطن أو شخص من أقوال ذات صلة بالواقعة محل التحقيق، أمام جهة التحقيق والمحكمة، وأن من يُطلق عليهم فى القانون بـ«شهود إثبات» هم من تستند المحكمة أو جهة التحقيق إلى أقوالهم فى إدانة المتهم بارتكاب تلك الواقعة، وذلك على عكس «شهود النفى» الذين تنفى أقوالهم ارتكاب المتهم للواقعة، «فى الغالب تكون أقوال شهود النفى أمام المحكمة، ويكون الاستماع إلى شهادتهم بناء على طلب الدفاع عن المتهم، بعد موافقة المحكمة على حضورهم للشهادة».
والقانون المصرى أعطى للمحكمة سلطة كاملة فى تكوين تلك العقيدة تجاه أقوال الشهود التى تدلى أمامها، أياً كانت هذه الأقوال، سواء اتفقت مع ما سبق أن أدلوا به أمام النيابة أو جهة التحقيق أو اختلفت عنه، ويصبح الأمر برمته متروكاً لها فى الأخذ بهذه الشهادة من عدمه وفقاً لما تطمئن إليه، فهذا هو أساس الفرق بين القاضى المدنى والجنائى، فالقاضى الجنائى قاضى وجدان يعيش ظروف الدعوى التى هو بصدد الفصل فيها ليكون حكمه متفقاً وما يطمئن له وجدانه ويثبت فى يقينه، ويشمل ذلك أقوال الشهود وكل ما ورد فى التحقيقات، وكذا ما يبديه الدفاع من دفوع-وفقا لـ«الجنزورى».
فيما اتفق المحكم الدولى والمحامى بالنقض رجب السيد قاسم، مع رأى الدكتور «الجنزورى»، مؤكداَ أن مسألة عدول «شهود الإثبات» عن شهادتهم أمام المحكمة لا يؤثر على سير القضية، فقد تأخذ بشهادتهم التى أدلوا بها فى تحقيقات الشرطة وإذا تبين لها عدم جديتها أو وجود تلاعب بها تأخذ بأقوالهم أمام النيابة، بصفتها جهة تراعى الجدية والموضوعية، والعبرة فى الحكم فى النهاية تكون بالأدلة التى تستند إليها المحكمة.
اقرأ أيضا: هل يشترط بلوغه سن الرُشد؟.. شروط يجب توفرها في الشاهد أمام المحكمة
ووفقا لـ«قاسم» فى تصريح خاص فإنه فى حالة قيام شهود الإثبات بتغيير شهادتهم أمام المحكمة عن التى أدلوا بها فى تحقيقات النيابة، فلرئيس المحكمة أن يواجههم بتلك الشهادات المختلفة، وسبب تغييرها فى تحقيقات النيابة العامة، ولكن دون مساءلة قانونية للشاهد، حيث إنه وفقاً لنص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن المحكمة لها السلطة المطلقة فى تكوين عقيدتها، ولكى يتحقق ذلك فإنها تحقق فى أدلة الدعوى تحقيقاً كاملاً أو جزئياً وفقاً لما تراه مؤدياً لتحقيق هذه النتيجة، وهى الوصول للحقيقة المجردة، التى تمكنها من تكوين عقيدة سليمة عن ظروف الواقعة وأدلتها.
وبحسب ما استقر عليه القضاء لمحكمة النقض فإن المحكمة لا تتقيد بأقوال شهود الإثبات فى أى مرحلة من مراحل التحقيق، سواء محاضر الضبط أو أقوالهم بتحقيقات النيابة العامة أو فى شهاداتهم أمام المحكمة، حيث أن قانون الإجراءات الجنائية أعطى للمحكمة السلطة المطلقة فى تكوين عقيدتها سواء فى تقديرها لأدلة الثبوت أو للعقوبة.