هل نجد استثمارات البترول المصرية في جنوب السودان قريبا؟
السبت، 17 نوفمبر 2018 05:27 م
كل الدراسات الحديثة والاستثمارات الفعلية للشركات العالمية توضح يوما بعد يوم أنه ما زالت القارة السمراء لم تكشف عن أسرارها وكنوزها بعد، ولطالما اختفت هذه القدرات فى وجود التنازعات القبلية وتجارة السلاح المباحة والقرصنة على السلطة وتصدير الإرهاب الأسود من خلال أصابع الاستعمار القديم والاستعمار المستمر من احتكار لأماكن الثروة النفطية والتعدينية والتى أوضحت أن الاحتياطى العالمى فى القارة الأفريقية يصل إلى 13 % فى النفط والغاز الطبيعى نحو 17 % والذهب نحو 21 % والحديد 16%.
وقد أدى انتشار بعض الدول الأوروبية بشركاتها العالمية التى تدير سياستها تجاه القارة السوداء إلى تقاسم ثروات البترول والغاز الطبيعى فى دول كثيرة أفريقية، جعلت عدم الاستقرار بها أحد أسباب الحفاظ على تلك الثروات فيها.
وتعتبر جنوب السودان بعد الانفصال عن السودان بكل الموارد النفطية الضخمة، تواجه دولة الميعاد التى حلم بها شعب دولة جنوب السودان، أزمات اقتصادية لم تكن تتوقعها من قبل، جراء الانخفاض الحاد فى أسعار النفط.
فقد كانت دولة جنوب السودان الوليدة، التى أنهكتها الحروب والفقر والنزاعات الإثنية فور نشوئها، تعوّل على النفط لتحقيق الرفاهية والتنمية وأن النفط لم يحمل لشعب جنوب السودان إلا المزيد من الفقر والحروب بسبب ساسة قدّموا مصالحهم الذاتية أمام كل التطلعات.
وهناك خطرالتحديات التى تواجه الحكومة فى ظل انخفاض أسعار النفط عالميا وتدنى مستوى إنتاجه بسبب الحرب الدائرة فى المناطق الواقعة شمال البلاد المنتجة له، وأن الإيرادات غير النفطية المتمثلة فى قطاع الجمارك زادت حاليا بنسبة 3 %، وتوقع ارتفاع هذه النسبة خلال الأشهر القادمة.
وتصل تكلفة استمرار الحرب الدائرة فى البلاد أو قد تزيد على 158 مليار دولار إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام عاجل ينهى الحرب خلال هذا العام، وكانت سياسة الحكومة المصرية داعمة للغة الحوار بين الأطراف المتصارعة وكثيرا ضمت القاهرة فى أحضانها المفاوضات للوصول لحالة استقرار وتنمية الاقتصاد المنشود فى جوبا وما حولها وأيضا فى زيارة القيادة السياسية التى حملت كثيرا من الحلول والتوصيات لتهدئة الأطراف المصارعة والمكوث على طاولة واحدة تدرس أحوال الموطنين والاقتصاد الداعم للتنمية.
ويعتبر البترول والغاز الطبيعى من المدخرات الكثيفة التى تزخر بها جنوب السودان، وما زال الاستكشاف والتنقيب وكذلك الإنتاج لدى الحقول القديمة فقط دون التوسعات التى تشمل مساحات شاسعة لم تصلها أى استثمارات بعد ويستثنى من ذلك الاستثمارات القديمة الحديثة للصين وماليزيا والتى تعتبر من الحقول القوية والتى تدعم احتياجات الدولتين من البترول الخام من بداية السبعينيات حتى الآن.
والسؤال يطرح نفسه برغم بعد المسافات لكل من الصين وماليزيا إلا أن شركاتهما نجحت من خلال خبرات وكوادر هذه الدول على تأمين اقتصادياتها.. ولكن هنا السؤال: أين الاستثمار المصرى والذى قد يكون تطبيقه فى هذا التوقيت أكثر احتياجا وأقوى نفعا لكلا الدولتين؟، خاصة بعدما أعلنت عنه حكومة جنوب السودان لطرح قطع امتيازات جديدة إثر الخلاف مع الكثير من الشركات الأوروبية والآسيوية.
لذلك فإننا نرى أن الفرصة سانحة الآن وأكثر احتياجا للظروف التى يمر بها الاقتصاد المصرى، خاصة لوقف فاتورة دعم استيراد الوقود، والتى قد تصل إذا ارتفع البرميل لـ 60 دولارا إلى 114 مليار جنيه مصرى، وبالتالى وقف نزيف استيراد الوقود واستبداله باستيراد الزيت الخام كالذى لجأت الحكومة إليه الآن لتوفير فرق زيادة التصنيع لسلع الوقود المستورد وتوفير 40 % من قيمته.. وقد يكون أحد الحلول التى أطرحها نصل إلى الاكتفاء بما نحتاجه من البترول الخام إذا لجأت الحكومة إلى توفير 10 مليارات جنيه من فاتورة استهلاك الدعم وضخها فى شراكة قطع امتيازات فى جنوب السودان أو من خلال طرح شركة مصرية لعمليات البحث والتنقيب والإنتاج للاكتتاب فى البورصة أو فتح شراكة مع دول مثل الإمارات والكويت، اقتداءً بالتجربة الناجحة لقطاع البترول المصرى فى حقل فيحاء بالعراق. هناك كثير من المقومات التى تدعم نجاح هذا المشروع فى جنوب السودان:
مصر لديها كوادر خبرات مصرية فى الشركات المحلية والعالمية من أبنائها تستطيع إنجاح هذه المشروعات.
تستطيع مصر أن تربط ما يمكن إنتاجه مستقبلا بخط شمال السودان لأقرب نقطة حدودية مصرية لحلايب أو شلاتين إلى أسوان.
تستطيع مصر حماية أماكن أنشتطها من البحث والتنقيب وإنتاج النفط وكذلك خطوطها بالمشاركة بقوات مصرية – جنوب سودانية.
تستطيع الدولة المصرية من خلال تحكم وتطبيق زمنى أن يكون لدينا اكتفاء من سلع الوقود بالحصول على الزيت الخام مباشرة من جنوب السودان فى خلال سنتين.
معظم الأماكن النفطية لقطع الامتيازات المطروحة لديها دلالات نفطية من الموجات الصوتية والسيزمية الحديثة، وبذلك تقل معاملات الأخطار فى إيجاد اكتشافات اقتصادية.
وتبعا لسرد الظروف الاقتصادية التى تمر بها دولة السودان وعودة الروح الدبلوماسية مع شمال السودان تبقى لغة المصالح التى تفيد كل الأطراف من الإخوة السودانيين والمصريين معا، هى التى تدعم متانة العلاقات واستمرار التعاون البناء لرفع اقتصاد السودان بشماله وجنوبه، وكذلك الاقتصاد المصرى، وبالتالى أردت أن أعطى منظورا ودراسة مبدئية للقيادة السياسية لدعم هذه الفكرة من الاستثمار السريع فى جنوب السودان لتحقيق سياسة اكتفاء مصر من الوقود فى مدة لا تزيد على سنتين.
إن النموذج الحديث الذى طبقته مصر مع السودان والتوقيع على أكثر من 12 اتفاقية تشمل كل أنواع الاستثمارات وفى مختلف المجالات، أكبر دليل على أننا كمصريين قادرين على تحقيق منافع كثيرة للدول الأفريقية، ولتكن استثمارات البترول المصرية بداية دخول مصر للدول الأفريقية تمثل أسرع الاستثمارات فيها.. وإلى تكملة.