أيقونة الوفاء من صنع "هاتشيكو".. الكلب الذى انتظر صاحبه 10 سنوات

عاش البروفيسير هتسابورو أوينو، أستاذ قسم الزراعة فى جامعة طوكيو، وحيدا إلى أن نشبت صداقة بينه وبين كلب يدعى "هاتشيكو" عام 1924 م، ومعاملته الطيبة لهذا الكلب جعلته يتعلق به إلى حد الجنون، فكان يصطحبه معه كل صباح إلى محطة القطار، وهو فى طريقه إلى عمله، ويعود ليجد صديقه المخلص فى انتظاره بالمحطة فى موعد عودته إلى المنزل، ويرافقه حياته اليومية.

العلاقة التى نشبت بين البروفيسير والكلب كانت محل انتباه أهالى المدينة الذين اعتادوا على تواجدهما سويا، إلى أن جاء اليوم الذى انتظر فيه الكلب الوفى صاحبه ولم يأت، وظل يبحث بعينيه هنا وهناك بين المارة عن صديقه، ولم يعثر عليه، فظل منتظرا ولكن دون جدوى، فكيف يعود البروفيسير بعد أن أصابته جلطة توفى على أثرها فى محل عمله، وتم دفنه بالفعل هناك.

وقف الأهالى أمام الكلب مكتوفى الأيدى، فلقد عجزوا عن إخبار "هاتشيكو" بوفاة صديقه، فحاولوا أن تنشب علاقة صداقه بينهم وبين الكلب، ليكف عن الانتظار ويكمل حياته الطبيعية، ولكنه رفض، وظل واقفا فى محطة القطار 10 سنوات متواصلة، آملا فى وصول صاحبه.

تحولت حالة الحزن إلى شفقة غزت قلوب الأهالى، فكانوا يقدمون له الطعام يوميا، ويحاولون إسعاده بشتى الطرق، ولكن عيناه ظلت حزينة على فراق رفيقه، وبدأت قصة الكلب تنتشر بين الأهالى، وتتحدث عنها وسائل الإعلام والصحف، ليكون أيقونة للوفاء والإخلاص، حتى أن قصته درست فى المدارس، فلمست قلوب الجميع.

وقبل وفاة الكلب بعام واحد، قرر مجموعة من الفنانين تكريمه على وفائه الذى لم يشاهدوا مثله من قبل، فصنعوا له تمثالا أمام محطة القطار بحضور "هاتشيكو"، وتحول هذا اليوم إلى حفل تتحدث عنه اليابان بأكملها والعديد من بلدان العالم، وصار تمثاله مزارا للكثيرين، ليكون مثالا للحب والوفاء.

إلى أن جاء اليوم الذى يتوفى فيه هذا الكلب بعد 10 أعوام من انتظار رفيقه، والذى لم يمنعه من استكمال الانتظار سوى الموت، فعم الحزن على المدينة بأكملها يوم وفاة هذه أيقونة الوفاء، وبعد وفاته قرر أحد الفنانين استبدال تمثاله بتمثال برونزى، ليظل ذكرى خالدة يتعلم منها الجميع الحب والوفاء والإخلاص الذى من الصعب أن نجده فى قلوب البشر، مثلما تمكن من قلب هذا الكلب.