لا عودة لمن كفروا بمصر.. واللي ناسي نفكره
الخميس، 04 أكتوبر 2018 10:30 ص
هل تسمح لي أن أشتم أمك وتسامحني؟
هل تسمح لي أن ألعن أبوك وتتغاضى؟
هل تسمح لي أن أُحرّض على قتلك وعائلتك والمسامح كريم؟
هل تسمح لي أن أُحرّض العالم ضدك وأطالبه بفرض عقوبات عليك وتتهاون معي؟
إنها يا سادة يا كرام بعض الأسئلة البسيطة التي دارت في عقلي وطيّرت النوم من عيني، بعدما سمعت ما تناولته بعض القنوات عن مبادرة، يزعم إعلامنا الوطني أنها مُتداولة في الوقت الراهن بين إعلاميي الإخوان الهاربين في تركيا، ممن عملوا في قناة الشرق التي تقتلنا بالأموال القطرية، وتديرها الاستخبارات التركية، يتدارسون فيما بينهم فكرة العودة لمصر وعفا الله عمّا سلف.
توقفت كثيرا أمام موقف الإعلام الوطني الذي يمكن أن يقبل مجرّد عرض ما تتداوله حفنة شباب ظلوا على مدار 6 سنوات كاملة يُحرّضون العالم ضد مصر، وينشرون الأكاذيب، ويُثيرون الفتن ضد أبناء هذا الشعب بحجج لم يُنزل بها الله من سلطان، ويُثيرون منظمة "هيومان رايتس ووتش" وغيرها من الجهات المشبوهة ضد الحكومة المصرية، بمزاعم وجود اختفاء قسري واعتقال وتعذيب.
تعجبت من أن البعض يتخيلون أنه يمكن أن يقبل هذا الشعب فكرة العودة الإخوانية، بعدما تحمّل عناء الضغوط الاقتصادية التي تمر بها بلده من أجل الوقوف بجانبها أملاً في النهوض بها والخروج من النفق المظلم الذي أدخلته فيه تقارير الإفقار الاقتصادية التي صنعها أتباع جماعة الإخوان، لإسقاط دولة وقفت على قلب رجل واحد ضد الفاشية الدينية لجماعة إرهابية، ورفضت الوقوع فريسة في مخطط تقسيم مصر وأرضها وشعبها، تنفيذًا لأجندة الهلال السُّنّي الذي ترعاه تركيا، وحلم عودة الخلافة العثمانية مرة أخرى، وسيطرة أردوغان على المنطقة، وهو ما كلّف هذا الشعب دماء ذكية سالت فداء لهذا الوطن، دفاعًا عن شعبه وحماية لأرضه من دنس جماعة الإخوان وأذرعها الإرهابية.
ألم تُدشَّن فضائيات جماعة الإخوان الإرهابية بملايين الدولارات لتنفيذ مخططات التقسيم؟ ألا يعلم كل العاملين في تلك الفضائيات أن أموال الرواتب التي يحصلون عليها شهريًّا على مدار سنوات خُصِّصت لهم بغرض النيل من مصر والتحريض عليها وتركيعها وإسقاطها؟ ألم يكونوا على علم بأن الساعات التي يُخصِّصونها لبث برامجهم على تلك القنوات هي مرجعية الجماعات الإرهابية للاستمرار في تنفيذ عملياتها القذرة التي حصدت وتحصد أرواح الأبرياء؟ ألم يكونوا على علم بأن جماعة الإخوان تقف خلفها أجهزة استخبارات تُدير معركة الإرهاب على أرض بلدهم؟ ألم يكونوا على علم بأن كل حرف في كل كلمة يقولونها طلقة نار في صدر الشعب؟ ألم يقبلوا ببيع وطنهم من أجل حفنة أموال مُلوّثة بدماء أبناء وطنهم؟ ألا يذكرون تهديد زميلهم محمد ناصر لزوجات ضباط الشرطة بأن مصير أزواجهن القتل؟ ألم يسمعوا معتز مطر وهو يطالب المجتمع الدولي بحصار مصر؟ ألم يُشاركوا بمداخلات مفبركة لسبّ مصر؟ ألم يُحرّضوا ليل نهار على ثورة 30 يونيو ويختلقوا كل الأخبار الكاذبة والتحليلات المُضلِّلة ويُطالبوا المصريين بالخروج والغضب والثورة في مصر، وينعموا بالعيش هناك في أحضان أسيادهم أردوغان وتميم ويقبضوا رواتبهم بالدولار ويطالبون الشعب بالثورة.. يا للسخرية!
نعم، كانوا يعلمون ويوافقون ويشاركون في كل الأحداث التي آلمت هذا الشعب، وأحزنت هذا الوطن، لكنهم بعد طرد كبير أصنامهم أيمن نور لهم من جنة قناة الشرق، ليس لوطنيتهم أو بسبب استفاقتهم من غيبوبتهم لا سمح الله، ولا لأنهم ذاقوا مرارة الحرمان في الغربة، أو لأنهم يفتقدون أهلهم وأسرهم، بل لأنهم اختلفوا معه على تقسيم الأرباح، وكيف عانوا من تدنّي مرتباتهم وسط غلاء المعيشة في تركيا، حتى أن أحد العاملين المفصولين من القناة اشتكى من عدم قدرته على دفع مصروفات ابنه الجامعية التي تتكلّف مبالغ طائلة، واضطر ابنه للعمل إلى جانب الدراسة، لكنه تعثّر بسبب طول ساعات العمل ومشقّته، فلم يستطع المذاكرة ورسب في سنته الدراسية التي كلّفته آلاف الدولارات، ووقف يتحسّر على أمواله التي ضاعت بسبب ارتفاع تكلفة الدراسة في الجامعات التركية، وضياع مستقبل ابنه، وهو الذي ينتقد ليل نهار نظام التعليم في مصر، ويُحرّض الشعب ضد الدولة. هل تذكّر الآن أن البلد الذي يُحرّض أهله يُعلّم أبناءه مجانا، وقد لا يُنفقون طيلة تعليمهم ما يدفعه هو لابنه في سنة واحدة بإحدى جامعات تركيا؟!
أيها السادة الإعلاميون، بحسبة بسيطة، هل يمكن أن نُجري استفتاء بين شهداء الجيش والشرطة والمدنيين، نعم، بين الشهداء وليس عائلاتهم ولا أولادهم الذين ذاقوا مرارة اليُتم في عمر الزهور، وليس أمهاتهم اللواتي شُقّت صدورهن حُزنًا على فلذات أكبادهن، ولا زوجاتهم اللائي ترمّلن واتّشحن بالسواد حُزنًا على فراق أزواجهن، ولا أصدقائهم الذين صُدموا من فراق أحبابهم، نعم أقصد استفتاء بين «الشهداء». تخيّل أنك تُجري استفتاء بينهم وتُوزِّع عليهم ورقة بخانتين للاختيار: الأولى «✓» والثانية «✖». اطلب منهم رأيًا بشأن عودة هؤلاء الشباب، هل تخيّلت للحظة كيف ستكون إجاباتهم؟ أقول لك حتى لا تُرهق نفسك بعناء التفكير.. سيبصم كل شهيد بدمه على خانة «✖»، وهو تتملّكه الحسرة على دمائه التي سالت من أجلك وأجلي وأجل عائلته وزوجته وابنه وأمّه وأبيه، من أجل تراب وطن أقسم على حمايته وفدائه بروحه، من أجل مستقبل أطفال لهم الحق في العيش بكرامة، من أجل امرأة مصرية يرفض أن تُباع في أسواق النخاسة أو تُجبر على جهاد النكاح أو تُغتصب من شُذّاذ الآفاق والوافدين من كل ركن مهمل في العالم، ومن أجل ألا يُذلّ رجل وهو يرى حُرمة بيته تُنتهك وتُغتصب بينما يقف صامتًا، خوفًا من سلاح في يد إرهابي مجرم.
فضلا أيها الإعلاميون والمتعاطفون، استعيدوا ذواكركم ولا تكونوا من سريعي النسيان، وأوقفوا دعوات الفتنة بعودة أنصار جماعة الإخوان الإرهابية وأتباعها. وصُمّوا آذانكم عن قذارات كلماتهم، وغُضّوا أبصاركم عن فاحشة يُغلّفها الشيطان بالعسل ويحشوها بالسمّ، رحمة بدماء شهدائنا، ورأفة بقلوب توقف نبضها حُزنًا. يا سادة الإعلام رفقا بهذا الوطن.