سلسلة الخلع (5).. المختلعة والمخلوع بين الشرع والقانون
الخميس، 04 أكتوبر 2018 12:00 ص
«الخلع»..كما عرفه القانون هو أن تُطلق الزوجة نفسها شريطة أن تُعيد ما أعطاها الزوج من مهر بشرط أن يكون الزوج دون أن تصدر منه إساءة إليها، أو دون عيوب، أما في حالة إذا ما كانت الزوجة متضررة من الزوج عليه أن يعطيها كل حقوقها دون نقصان، وهو يطبق في دول كثيرة منها مصر الذي بدا فيها في عام 2001.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» يرصد الخلع بين الشرع والقانون من شروط صحة حكم الخلع، والخلع بالنسبة بحضانة الصغار، والعدة الخاصة بالمخلوعة ونسب الصغير، وميراث المخلوعة، والخلع بالنسبة لغير المسلمين-بحسب الخبير القانونى والمحامى عبد الحميد رحيم.
اقرأ أيضا: الخلع.. بين المعنى والاصطلاح (الحلقة الأولى)
جاء نظام الخلع الذي وضع من قبل المشرع في المادة (20) من القانون رقم (1) لسنه 2000 والذى صدرت بشأنه أحكام قضائية كثيرة، مما جعل الكثير يتسأل عن الآثار الناتجة عن دعوى الخلع تمثلت فى التالى: هل يجوز للزوجة إذا حكم ضدها برفض دعوى الخلع ان تعيد رفع دعوى أخرى بالخلع طلاق رجعي او بائن؟ وما هو من نوع البينونة - صغرى أو كبرى وما آثارها؟، وما تأثير الخلع على حضانة الأولاد ونفقتهم ورؤيتهم وضمهم، وهل يجوز أن يتزوجا مرة أخرى؟ وهل تعتد المختلة بالخلع وما نوع العدة ومدتها؟، ومتي ينسب الأولاد الى الزوج إذا أتت بهم الزوجة بعد الخلع؟ وما حكم التو راث بينهما بعد الحكم بالخلع؟، وهل يطبق نظام الخلع على غير المسلمين؟، وهل يجوز أن تجمع الزوجة بين دعوى الخلع ودعوى التطليق؟، وبهذا يُجيب «رحيم» على كل هذه التساؤلات كالتالى:
1-إن نص المادة (20) من القانون رقم (1) لسنة 2000 تشترط لتوقيع الخلع شرطين :
الأول: أن تتنازل الزوجة عن جميع حقوقها المالية والشرعية وترد للزوج الصداق الذي أعطاه لها والمقصود هو مقدم الصداق الذي قبضت أو قبضه وليه.
الثاني: أن تقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة الزوجية مع زوجها وانه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقييم حدود الله بسبب هذا البغض .
شروط صحة حكم الخلع
صحة الحكم بالخلع يلزم أن تعرض المحكمة الصلح على الطرفين وفى حالة عدم توافر أى شروط من شرطي الخلع سالفي البيان كان ترفض الزوجة رد معجل الصداق أو لعدم إمكانها ذلك أو تتمسك بحقوقها المالية الشرعية أو لا تقر بأنها تبغض الحياة مع زوجها وتخشي ألا تقيم حدود الله، فإن الحكمة تقض بعدم قبول الدعوى بحالتها، ويمكن مرة أخرى إقامة دعوى الخلع متي تمكنت من استكمال شرطي قبول الدعوى سالفي الذكر، لأن المرأة التى لا يمكنها رد الصداق حالا قد تتمكن من ذلك فى المستقبل القريب أو البعيد-الكلام لـ«رحيم».
والمرأة التي لا تقرر أنها تبغض الحياة مع زوجها، وأنها لا تخشى ألا تقييم حدود الله معه، كأن تكون مدفوعة للخلع بسبب خطأ ارتكبه الزوج فى حقها وهى لا تزال على محبته ومودته، قد يتوافر لها البغض والكره، فيما بعد ومن ثم فإن الحكم بعدم قبول دعوى الخع ليس هو نهاية المطاف بينهما، وهو كطلب التطليق إذا فشلت المرأة فى المرة الأولي كان لها أن تُعيد طلب التطليق مرة ثانية-طبقا لـ«رحيم».
اقرأ أيضا: سلسلة الخلع (2).. ما الحكمة من تقرير نظام الخلع وشروطه القانونية؟
-2 إذا حكمت المحكمة بالخلع دون أن تعرض الصلح على الطرفين امتثالا لنص المادة ( 20 ) من القانون رقم (1) لسنة 2000 فإن الحكم يكون باطلا، ولكن لأن النص قد حظر الطعن فى الحكم فإنه لا مناص من القول بحق المحكوم عليه من طلب ابطاله بدعوى مبتدأة إما من المحكمة ذاتها «بهيئة اخرى»، لأن النص منع الطعن فى الحكم ودعوى الإبطال ليست من قبيل الطعن فى الاحكام .
إن الطلاق الذى يقع بالخلع هو طلاق «بائن» ومؤدى ذلك أن الرجل لا يجوز أن يرجع مطلقته المختلعه منه، ويكون للطرفين أن يتزوجا مرة أخرى بعقد ومهر جديدين إذا اتفقا سويا، ولكن هذا الزواج لا يكون جائزا اذا كانت الطلقه التى اجراها القاضي بالخلع هى المكملة للثلاث - كائن يكون الرجل قد طلق امراته قبل اختلاعها منه مرتين فجاءت طلقة الخلع الثالثة، فتكون البينونه هنا بينونة كبرى فلا تحل له إلا بعد أن تتزوج رجلاً اخر ويعاشرها معاشرة الازواج ثم يطلقها وتنتهي عدتها فيمكن أن تتزوج رجلها الأول الذى خلعته .
بالنسبة بحضانة الصغار
-لا تأثير للخلع على حضانة الصغار ولا على نفقتهم فالأم لها حضانة صغارها حتى السن القانونية «15 عام للذكر ويخير والانثى حتى تتزوج»، ونفقتهم واجبة على أبيهم كما أن للأم أن تحصل على أجر حضانة من الأب لأن أجر الحضانة لا يسقط بالخلع وللأب رؤية أولاده وله ضمهم فى حالة بلوغهم السن القانونية وتشمل نفقة الأولاد المسكن والمأكل والملبس ومصروفات الدراسة العلاج طبقا لحالة الاب يسر أو عسرا-هكذا يقول «رحيم».
ولا تأثير للخلع على ما يكون بين الطرفين من معاملات مالية أخرى كأن تكون دائنة أو مدينة له، فلكل منهما مطالبة الاخر بديونه او بوديعته، ولها أن تطالبه بأعيان جهازها إذا كانت هى التي اشترته من مالها، حملته إلى بيت الزوجية.
العدة الخاصة بالمخلوعة ونسب الصغير
- يجب على المرأة المختلعة أن تعتد لمدة ثلاثة قروء أى حيضات من تاريخ الحكم بالتطليق بالخلع، فلا يجوز لها أن تتزوج خلال هذه المدة حتى تتأكد من خلو الرحم، فإذا كانت حبلى فإن عدتها تتراخى حتى وضع الحمل وينسب المولود إلى المطلق متى وضعته فى حدود سنة من تاريخ توقيع الخلع .
ميراث المخلوعة
وبالنسبة للميراث فإنه يشترط للتوارث بين الزوجين أن يكون الزواج قائما بعقد شرعي صحيح سواء حصل دخول أم لم يحصل ويعتبر العقد قائما للمعتدة من طلاق رجعي أو المطلقة طلاقاً بائنا إذا طلقها الزوج فى مرض موته قبل صدور الحكم بالخلع، ومات فى خلال المرض فى أثناء عدتها، فإذا طلقت خلعا فإنه لم يوقع الطلاق خلعا فإنه لم يوقع الطلاق بنفسه وهي راضية بالخلع فلا تقوم فكرة التهرب من نظام المواريث فى حق الزوج ومن ثم فإن المطلقة خلعا لا ترث ولو مات الرجل فى عدتها، أما إذا مات أحد الطرفين أثناء نظر دعوى الخلع وقبل الحكم فيجري التوارث بينهما طبقا للنصيب الشرعي لكل منهما-وفقا لـ«رحيم».
اقرأ أيضا: سلسلة الخلع (3).. متى تقبل محاكم الأسرة الدعوى بلا أسباب أو طعون؟
الخلع بالنسبة لغير المسلمين
-ويسرى نظام الخلع-الكلام لـ«رحيم»- على المسلمين وغير المسلمين المختلفى ديانة او ملة او طائفة فاذا تزوج مسلم من مسيحية كان الزوجان قد اختلفا ملة او طائفة، كأن يتزوج كاثوليكي من أرثوذكسية، أو بروتستانتية أو كان لها أن تطلب بخلعه طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية، كذلك إذا كان إحديهما مختلفا فى الطائفة عن الأخر ففي هذا الصدد تسرى أحكام الشريعة الإسلامية على التفريق بين الطرفين ومنه نظام الخلع طبقا لنص المادة الثالثة فقرة (2) من القانون (1) لسنة 2000 باعتبارها الشريعة العامة .
ولا يقال أن الشرائع المسيحية لا تعترف بالخلع، ذلك أنه لا يعدو أن يكون صورة من صور التطليق ولكن بشروط خاصة، وإذا كانت هذه الشرائع لا تعتبر المهر شرطا فى العقد، ولم يكن الزوج قد أوفى لزوجتة بمهر ما فإن المحكمة لا يجوز أن تطالبها بدفع مال لزوجها فى دعوى الخلع .
وللمرأة أن ترفع دعوى الخلع وترفع دعوى التطليق، لأن لكل منهما أسبابا وإجراءات تختلف عن الأخرى، ولها أن ترك احدى الدعويين إلى الدعوى الأخرى فإذا صدر حكم بالخلع أو لا يجب الحكم فى دعوى الطلاق بانتهائها، لأن من شروط دعوى التطليق أن تكون المراة زوجة وهى لم تعد كذلك بحكم الخلع النهائي، أما إذا صدر حكم ابتدائي في دعوى التطليق أولا تعين على المحكمة التى تنظر دعوى الخلع أن توقف الدعوى إلي أن يحكم نهائيا فى دعوى التطليق فإذا حكم نهائيا بالتطليق اعتبرت دعوى الخلع منتهية، أما إذا صدر حكم يرفض دعوى التطليق فإن دعوى الخلع تستأنف سيرها الطبيعي بعد الغاء وقفها.
الخلع الذي جاء به الكتاب والسنة؟
الخلع الذي جاء به الكتاب والسنة أن تكون المرأة كارهة للزوج تريد فراقه، فتعطيه الصداق أو بعضه فداء نفسها، كما يفتدي الأسير، وأما إذا كان كل منهما مريدا لصاحبه، فهذا الخلع محدث في الإسلام.
وَقَالَ بعض الفقهاء: «إذا كانت مبغضة له مختارة لفراقه فإنها تفتدي نفسها منه، فترد إليه ما أخذته من الصداق، وتبريه مما في ذمته، ويخلعها، كما في الكتاب والسنة واتفق عليه الأئمة.
وسئل أحد الأئمة عن امرأة مبغضة لزوجها طلبت الانخلاع منه، وقالت له: إن لم تفارقني وإلا قتلت نفسي، فأكرهه الولي على الفرقة، وتزوجت غيره، وقد طلبها الأول، وقال: إنه فارقها مكرها، وهي لا تريد إلا الثاني؟
فكانت الإجابة:
إن كان الزوج الأول أكره على الفرقة بحق مثل أن يكون مقصراً في واجباتها، أو مضراً لها بغير حق من قول أو فعل كانت الفرقة صحيحة، والنكاح الثاني صحيحاً، وهي زوجة الثاني، وإن كان أكره بالضرب أو الحبس وهو محسن لعشرتها حتى فارقها لم تقع الفرقة، بل إذا أبغضته وهو محسن إليها فإنه يطلب منه الفرقة من غير أن يلزم بذلك، فإن فعل والا أمرت المرأة بالصبر عليه إذا لم يكن ما يبيح الفسخ.
اقرأ أيضا: سلسلة الخلع (4).. الأسئلة الشائكة في ماذا بعد الخلع من المسلمين للأقباط؟
سؤال أخر
وسؤال أخر عن رجل اتهم زوجته بفاحشة، بحيث أنه لم ير عندها ما ينكره الشرع إلا ادعي أنه أرسلها إلى عرس، ثم تجسس عليها فلم يجدها في العرس، فأنكرت ذلك، ثم إنه أتي إلى أوليائها وذكر لهم الواقعة، فاستدعوا بها لتقابل زوجها على ما ذكر، فامتنعت خوفا من الضرب، فخرجت إلى بيت خالها، ثم إن الزوج بعد ذلك جعل ذلك مستندا في إبطال حقها، وادعي أنها خرجت بغير إذنه: فهل يكون ذلك مبطلا لحقها؟ والإنكار الذي أنكرته عليه يستوجب إنكاراً في الشرع؟
فكانت الإجابة:
قال اللّه تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ» [النساء: 19]، فلا يحل للرجل أن يعضل المرأة، بأن يمنعها ويضيق عليها حتى تعطيه بعض الصداق، ولا أن يضربها لأجل ذلك، لكن إذا أتت بفاحشة مبينة كان له أن يعضلها لتفتدي منه، وله أن يضربها. هذا فيما بين الرجل وبين اللّه.
وأما أهل المرأة فيكشفون الحق مع من هو فيعينونه عليه، فإن تبين لهم أنها هي التي تعدت حدود اللّه وآذت الزوج في فراشه، فهي ظالمة متعدية، فلتفتد منه، وإذا قال: إنه أرسلها إلى عرس ولم تذهب إلى العرس فليسأل إلى أين ذهبت؟ فإن ذكر أنها ذهبت إلى قوم لا ريبة عندهم وصدقها أولئك القوم، أو قالوا: لم تأت إلينا، وإلى العرس لم تذهب، كان هذا ريبة وبهذا يقوي قول الزوج.
وأما الجهاز الذي جاءت به من بيت أبيها فعليه أن يرده عليها بكل حال، وإن اصطلحوا فالصلح خير، ومتى تابت المرأة جاز لزوجها أن يمسكها ولا حرج في ذلك، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا لم يتفقا على رجوعها إليه فلتبرئه من الصداق، وليخلعها الزوج، فإن الخلع جائز بكتاب اللّه وسنة رسوله، كما قال اللّه تعالى: «فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عليهمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ» [البقرة: 229].