علية القوم وأولاد «الناس إللي تحت»!
الثلاثاء، 28 أغسطس 2018 12:33 م
لن أسهب في الحديث.. فعندما تكون الأمور واضحة وضوح المتحرش بضحيته في وسط البلد، فإن خير الكلام ما قل و«شَلّ». ولأننا اعتدنا على الشلل الرباعي والخماسي والسداسي، فهيا بنا نستكمل السلسلة.
( 1 )
بعد أيام من إلقاء الأجهزة الرقابية القبض على «سيادة اللواء رئيس حي الهرم» متلبسًا «صوت وصورة» بتقاضي رشوة. والقبض على «رئيس مصلحة الجمارك» بنفس التهمة.. كان هناك فرد أمن بأحد المستشفيات اسمه محمد جمال، وجد شنطة في استراحة المستشفى يداخلها 100 ألف جنيه، فسلمها إلى صاحبها الذي تبين لاحقًا أنه جمع هذا المبلغ لإجراء عملية جراحية لابنه!
محمد مرتبه 1200 جنيه.. والمبلغ الذي وجده كان من الممكن أن يغير حياته، لكنه فعل ما يجب فعله، في زمن اختلت فيه المعايير.. تربيته وأمانته رفضت غير تسليم المبلغ لإدارة الأمن، على الرغم من عدم وجود كاميرات في استراحة المستشفى، لكن كانت عين الله تراه.. واستكمالًا لنبله رفض حصوله على المكافأة القانونية!
( 2 )
قبل بضعة أيام من إلقاء القبض على «رئيس محكمة الزقازيق» برشوة 300 ألف جنيه.. كان هناك ساعي بريد اسمه «رضا أحمد»، وجد 40 ألف ريال سعودي، و5 آلاف دولار أمريكي، ما يعادل 285 ألف جنيه، في أحد مواقف الأقاليم بين الـ«تكاتك»!
وما أن عثر «رضا» على المبلغ حتى أعلن عنه عبر مكبرات الصوت الموجودة بالمسجد للتوصل لصاحبه، الذي تبين لاحقًا أنه غير الأموال من الجنيه إلى الريال والدولار، من أجل أداء عدد من أقاربه للحج.
«رضا» هو مثال يحتذي به في السلوك الإنساني ونموذج مشرف للأمانة رغم ضيق العيش. وحسب ما قال فإنه يتقاضى 2300 جنيه راتبًا شهريًا، ويعول طفلًا وطفلة، مؤكدًا أن الضعف لم يتسلل إلى نفسه مطلقًا.. واستكمالًا لـ«رضا» رضا، وجمال رضا، ونبل رضا، فقد رفض الحصول على أي مكافأة من صاحب الأموال.
( 3 )
لوزير العدل الأسبق، محفوظ صابر عبد القادر، تصريحات أثارت الرأي العام، منها أن «ابن عامل النظافة لن يكون قاضيًا»؛ لأنه يرى أن «ابن الزبال» غير لائق اجتماعيًا، وأن القاضي يجب أن تكون «عينه مليانة»!
هنا يجب ألا ننسى استبعاد أوائل خريجي كليات الحقوق، والشريعة والقانون دفعتي 2010، و2011 من التعيين في النيابة من أجل عيون أبناء المستشارين!
( 4 )
ما كاد يوم يمر إلا ونطالع في وسائل الإعلام أخبارًا عن القبض على «أولاد الذوات» و«علية القوم»، و«أصحاب المناصب الرفيعة»، بتهم الرشوة والفساد والاستيلاء على أراضي الدولة، أو الاتجار في المخدرات... إلخ.
رأينا وزراء ومحافظين يتساقطون.. رأينا مستشارين ورؤساء محاكم يسقطون في الوحل.. رأينا لوءات ورؤساء مدن وأحياء، وعمداء كليات وأعضاء برلمان يجلبون العار لذويهم.. بينما أولاد الفلاحين والزبالين، وأبناء الحالة الاجتماعية «غير اللائقة» يُكرمون لأمانتهم، وشهامتهم، ونبلهم..!
( 5 )
الفقر الحقيقي بين العينين، والغنى في القلب.. والفساد لا يعترف بالفوارق الطبقية ولا الحالة الاجتماعية.. «إللي متربي متربي».. فهل آن الأوان لأن نساوي بين أبناء الوطن، وتكون الكفاءة هي معيار الاختيار؟!
استقيموا يرحمكم الله.. بلا حالة اجتماعية بلا زفت بقى!