يبدو أن لعنة أسعار النفط لن تترك البشر يومًا بعد الآن، فرغم أن الأوضاع الاقتصادية العالمية مستقرة على حالها إلا أن الأسعار لا تزال في حالة من الجنون صعودًا تارة وتارة أخرى هبوطًا بدون أية مقدمات منطقية أو تبريرًا علميًا.
فالتوتر السياسي والعقوبات المفروضة على إيران أحد أكبر مُصدري النفط في العالم لا تزال قائمة كما هي، كذلك نسب الاستهلاك للنفط مستقرة نسبيًا، وانخفاض إنتاج فنزويلا كما هو بينما الاكتشافات البترولية العالمية لم تحقق طفرات في الإنتاج، بالتزامن مع هدوء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تثير تصريحاته أسواق المال والنفط بين الحين والأخر، وتتسبب بحسب متابعون أمريكيين لتذبذب الأسواق العالمية.
النفط الأمريكي
في الولايات المتحدة الأمريكية، ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم سبتمبر بحوالي 27 سنتًا أي ما يعادل 0.4 % ليسجل برميل النفط 66.70 دولار، في حين زادت زادت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج «برنت» 5 سنتات ليصبح سعر البرميل 72.26 دولار، وذلك في وقت تلقت فيه الأسواق الأمريكية دعمًا من توقعات بنقص في أسواق الوقود في الأشهر المقبلة، إذ سجلت مخزونات الديزل وزيت التدفئة في أمريكا، أدني مستوي لها خلال الـ4 سنوات الماضية، ويأتي هذا قبل بدء ذروة الطلب على تلك الأنواع مع بداية موسم الشتاء.
ترامب يفكر في عقوبات على إيران
وتترقب الأسواق العالمية ما يخبئه الرئيس ترامب لواحدة من أكبر منتجي النفط حول العالم وهى إيران من عقوبات في يوم (12 نوفمبر) القادم، في ظل توقعات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لانسحاب نظيره الأمريكي من الاتفاق المبرم مع إيران في (2015)، الذي علقت الأخيرة ببناء عليه برنامجها النووي لتحصل على صفقة مع القوى الغربية لرفع عقوبات اقتصادية ودبلوماسية أصابت اقتصادها بالشلل التام.
النفط الإيرانى يلهب الأسعار عالميًا
ومع التوقع بأن تسبب العقوبات الأمريكية المستقبلية على حجم إنتاج إيران، أفرجت الولايات المتحدة يوم الاثنين الماضي، عن (11 مليون) برميل من مخزونها النفطي الاستراتيجي للتسليم في الفترة بين الأول من أكتوبر إلى (30 نوفمبر)، إلا أن العقوبات سوف تؤثر على إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، التي تضم إيران، من (32.1 مليون) برميل يوميا في المتوسط في (2018) إلى (31.7) مليون برميل يوميا في (2019)، بحسب ما أكده بنك «بي.إن.بي باريبا» الفرنسي.
ترامب
من يدرى بما يخبئه ترامب في رأسه حول مصير العقوبات على إيران، خاصة وأنه رئيس لا يمكن التنبؤ بما يفكر فيه فالبعض يراه شخصًا عاطفيًا انفعاليًا بينما يراه البعض يعمل على تحقيق أجندة اقتصادية تعيد بالثمار على بلاده وحدها دون العالم، وبين هذا وذاك يستمر الجدل حول سعر برميل النفط الذي يتعلق بكلمة واحدة من قائد البيت الأبيض، وهل ستستطيع فنزويلا أن تتعافي سريعًا كأحد كبار منتجي النفط في منظمة أوبك في أميركا اللاتينية، لأن تراجع إنتاج إيران وفنزويلا سيؤثر بشكل مباشر وسريع في الأسعار العالمية خاصة أن دول العالم مُقبلة على موسم الشتاء.
ماذا سيقرر ترامب لإيران؟
وانخفض إنتاج فنزويلا من الخام من حوالي (2.5) ملايين برميل يوميا في أوائل (2016) إلى نحو (1.5) مليون برميل يوميا بسبب التوترات السياسية والاقتصادية.
وإن اختلفت مع الرئيس الأمريكي ترامب، فلا مجالًا للشك أنه يعمل على تنفيذ شعاره الانتخابي وهو (America first)، أمريكا أولا، ليضع بذلك مصالح وطنه فوق مصالح العالم أجمع، ما جعله يقود أكبر عملية توتر للأسعار مرت على قطاع النفط منذ أربعينيات القرن الماضي، بعد أن أعلن عزمه وبالبدء بالفعل في إعادة خريطة الاتفاقيات الدولية واتفاقيات التجارة الحرة لتخدم الأجندة الأمريكية، مرتكزًا على إعلان حربًا تجارية على الصين، وانسحابه من اتفاقية النافتا، كما انه انسحب من اتفاقية التغير المناخى التي تمنعه من التنقيب عن النفط في ألاسكا.