بعد التزام بغداد بالعقوبات الأمريكية.. هل يكون طلاقا بائنا بين العراق وإيران؟
السبت، 11 أغسطس 2018 06:00 م
في الفترة الماضية شهد جنوب العراق تظاهرات حاشدة، أسفرت عن مقتل عدد من المواطنين وإصابة المئات ، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والبنى التحتية في محافظات الجنوب.
المظاهرات العراقية بدأت من البصرة، وامتدت حتى وصلت بغداد في مناطق ذات كتل شيعية كبيرة، اتهمت إيران بأنها السبب وراء تفاقم الأوضاع، لتسببها في أزمة وقف صادرات الكهرباء عن العراق.
وعلى الرغم من محاولات طهران المضنية لإبعاد تهمة التورط في تفاقم الأوضاع في جنوب العراق عن نفسها، تعامل العراقيون من الساعات الأولى للتظاهرات على أنها متهمة في تدهور الأوضاع، وتجلى ذلك في الشعارات التي رددها المتظاهرون: «إيران برّه برّه»، كذلك عمدوا إلى إحراق صور زعماء روحيين إيرانيين، وإغلاق منفذ «شلامجة» الحدودي معها.
وأصر مسؤولون في البصرة على اتهام إيران بأنها السبب حتى في شح مياه الشرب وزيادة الملوحة والتلوث في شط العرب، واتهم القاضي وائل عبد اللطيف عضو كتلة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، اتهام إيران وسوريا معاً بخلق أزمة المياه في العراق وقال في إحدى مداخلاته «إن أبناءنا يقتلون في سوريا وهي تقطع المياه عنا مع إيران».
المعادلة السياسية التي يتعامل بها النظام الإيراني مع العراق، هي أن العراق لن يكتب له الاستقرار ما لم تستقر جارته الكبيرة إيران والعكس صحيح، كذلك لن تستقر طهران ما لم تحسم الأزمات في المنطقة لصالحها أو لصالح حلفائها سواء في اليمن وسوريا.
الأمر يبدو أكثر اختلافا الآن، بعد تصريحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالتزامه تطبيق العقوبات الأمريكية على طهران، ما اعتبره سياسيون «طلاق بائن» بين الدولتين.
العبادي قال الثلاثاء في مؤتمر صحفي إن بلاده ضد العقوبات الدولية في المطلق، فالعراق دفع أكبر ثمن للعقوبات الظالمة، فرضت عليه لمدة 13 سنة، ودفعنا ثمنها الباهظ"، مضيفا: لن نتفاعل مع العقوبات لكننا سنلتزم بها لعدم توجيه العراقيين للضرر ولحماية شعبنا لا نستطيع الخروج عن المنظومة الدولية والخاصة بالاقتصاد العالمي ولن نستطيع إيقاع الضرر بمصالح شعبنا.
الخزانة الأمريكية، ألزمت المصارف العراقية بوقف تعاملاتها مع المصارف الإيرانية، وهددت بتجميد أموال تلك المصارف والبنوك في حال التعامل مع إيران ووضعها في القائمة السوداء.
بالطبع فإن تصريحات العبادي مرفوضة للقوى الشيعية المدعومة إيرانيا، خاصة من الميلبيشيات المسلحة، حيث هددت تلك القوى بكسر الحصار الأمريكي عن طهران بأي ثمن.
وأعلنت كتائب سيد الشهداء الشيعية، أن العمل جارٍ لكسر الحصار المفروض على إيران، والذي فرض عليها نتيجة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية، في مايو الماضي،
وانتقد البيان، موقف رئيس الوزراء، حيدر العبادي، ووصفه بالمحبط وموقف الخذلان، إزاء ما قدمته إيران للعراق على حد تعبيره. وأضاف أنه لولا إيران لما كان العبادي في سدة الحكم، مشيراً إلى أن من واجب الحكومة العراقية الوقوف إلى جانب إيران لكسر الحصار الاقتصادي.
الأمر لم ينتهى عند هذا الحد، بل رفض البرلمان الإيراني تصريحات العبادي، وقال رئيس البرلمان محمود صادقي، إنه يجب على العراق دفع تعويضات لإيران بقيمة 1.1 مليار دولار.
وتابع على «تويتر»، الخميس: «إيران لم تطالب بتعويضات الحرب في السابق لأنها أخذت بنظر الاعتبار ظروف العراق الصعبة»، متابعًا أما الآن فرئيس وزراء العراق بدلا من التعويض يسير مع العقوبات الأمريكية ضد طهران.
وعلى مدار اليومين الماضيين، أشارت تقارير عراقية، أن العراق أوقفت تحويلاتها المالية مع إيران تنفيذًا للعقوبات الأمريكية المفروضة عليها، فيما بدأت بتنشيط مباحثاتها مع السعودية والكويت للحصول على مصادر جديدة للطاقة الكهربائية، بعد توقف الإمدادات الإيرانية.
ونقلت صحيفة المدى العراقية عن مستشار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن البدائل الجديدة التي تبحث عنها حكومة بغداد ستقلل من حجم الضرر الناجم عن العقوبات الاقتصادية على طهران في السوق العراقية.
وتابع مظهر محمد أن العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران ستنعكس سلبا على حجم النشاط التجاري بين طهران وبغداد، مؤكدا في الوقت ذاته توقف التحويلات المالية بين البلدين.
الوضع الاقتصادي في إيران يزداد سوءا، فالعراق كانت أهم المنافذ الإيرانية للسوق الإيرانية، وبعد دخول المجموعة الأولى من العقوبات حيز التنفيذ الإثنين الماضي، تستهدف العناصر المهمة للاقتصاد الإيراني، منها التعاملات الإيرانية بالدولار الأمريكي وتجارة الذهب والمعادن الأخرى وبعض المعدات الصناعية، والمعاملات التي تشمل الريال الإيراني وإصدار الديون السيادية الإيرانية، ما يزيد من زعزعة استقرار الريال الذي فقد أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار الأمريكي في الأشهر الأخيرة.
وحسب أخر التقارير الاقتصادية، واصلت أسعار الدولار الأمريكي ارتفاعها بالأسواق غير الرسمية في إيران رغم سريان سياسات مصرفية جديدة اتخذتها قبل أيام حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، في محاولة بائسة للحد من أزمة النقد الأجنبي، وتدهور قيمة العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها.
تجاوزت قيمة الدولار حاجز 10600 تومان إيراني - التومان يساوي 10 ريالات-، وسط تقلبات تعم سوق العملات الأجنبية، وتوقف عدد من الصرافات عن البيع والشراء للمتعاملين.
ورغم ما أعلنت عنه إيران من سياسات اقتصادية لمواجهة تفاقم الأوضاع، منها تدشين سوق ثانوية لتداول النقد الأجنبي، إلا أن تقارير وصفحات تواصل اجتماعي أكدت إتاحتها لعملات مزورة لتغطية العجز الدولاري.
قالت صفحات تواصل اجتماعي إنها عملات إيرانية في السوق العراقي، من فئة 100 دولار مزور في السوق، وبعد محاولات كثيرة تبين أن الدولار المزور مكتوب عليه (GD)، بينما الأصلي مكتوب عليه (God).
العملة المزورة