تأخر رحلات الحجاج.. هل منع الشخص من الصعود للطائرة دون سند يستوجب التعويض؟
الجمعة، 27 يوليو 2018 11:02 ص
مع اقتراب موسم الحج وحدوث الكثير من المشاكل المكررة كل عام داخل المطار من تكدس وتأخر مواعيد الطائرات بل وقد يصل الأمر إلي إلغاء، ومنع لبعض الأشخاص من السفر والصعود للطائرة بدون سند، وذلك بعد انهاء كافة الاجراءات وحجز تذاكر السفر، وأحياناَ ما يكون السبب تأخر إقلاع الرحلات المخصصة لنقل الحجاج سوء الأحوال الجوية فوق المطارات المتجهة إليها تلك الرحلات، أو لأسباب أخرى.
عدد من المراقبون يؤكدون أنه فى حالة حدوث مثل تلك الأزمات فإن الشركات المختصة تتبع حزمة من الاجراءات الفنية المعينة تنصح بها المنظمات العالمية مثل «الأيكاو» منظمة النقل الجوى التابعة للأمم المتحدة، و«الإياتا» منظمة شركات الطيران العالمية، والتي تتضمن تسكين الركاب في فنادق قريبة من المطار إذا ما تأخرت الرحلات.
من هنا يثور تساؤل الكثير من الأشخاص عن مدي احقيتهم في مطالبة سلطات المطار بالتعويض إذا ما تم منعهم من الصعود للطائرة دون سند أو سبب؟
المسئولية التقصيرية
يُجيب المحامى والخبير القانون أحمد الأسيوطى، أنه فى البداية تقوم هذه المسئولية كقاعدة عامة علي توافر الخطأ في مسلك الجهة الإدارية سواء كان الخطأ صريحا في حدود القرار الاداري أو كان الخطأ مفترضا في خصوص المسئولية عن الأعمال المادية، ولابد من توافر كافة عناصر المسئولية التقصيرية في حق الجهة الادارية «سلطات المطار» فلابد من حدوث ضرر ناتج عن هذا الخطأ، وأن تكون هناك علاقة سببية بين الخطأ والضرر الذي حدث.
وبحسب «الأسيوطى» فى تصريح لـ«صوت الأمة» فقد أكدت المحكمة الادارية العليا هذا النهج، وقضت للمدعي بالتعويض جراء منعه من الصعود للطائرة دون سند أو سبب وفق حيثياتها الآتية:
حكم الإدارية العليا
ومن حيث أنه عن ركن الخطأ المادي فإن المحكمة تطمئن إلي أن الطاعن كان قد تلقي دعوة شخصية لحضور المهرجان العالمي للشباب بدولة كوريا، وارسلت له إدارة المهرجان بطاقة الدعوة وتأشيرة الدخول وتذكرة السفر بالطائرة، وتوجه الطاعن الي ميناء القاهرة الجوي بتاريخ «......» وحصل علي تأشيرة الخروج وشرع في شحن حقيبته علي متن الطائرة وحصل علي ايصال الشحن رقم «....» - إلا أن ضباط المطار أوقفوا اجراءات سفره وأعادوا له حقيبته ورفضوا إبداء ثمة أسباب حتي غادرت الطائرة، وعندما توجه إلي قسم شرطة النزهة لتحرير محضر بالواقعة امتنع المسئولون عن اثبات الواقعة، ولم يجد الطاعن سوي ساحة القضاء يستصرخه ما عاناه من اجراءات تعسفية من قبل رجال الشرطة طالبا التعويض عما اصابه من اضرار بسببها.
اقرأ أيضا: هل يجب على الرجل تحمُّل تكاليف حج زوجته؟.. علي جمعة يجيب
ومن حيث أن موقف رجال الشرطة علي النحو السالف بيانه يمثلا عملا ماديا مخالفا للقانون خاصة وأن جهة الادارة قد أفادت بعدم صدور قرار بمنع الطاعن من السفر، ومن ثم يكون ركن الخطأ قد توافر من خلال الأعمال المادية التي قام بها عمال الادارة دون سند من القانون، ومن حيث أنه عن ركن الضرر فمما لا شك فيه أن ثمة ضرر أدبي قد تحقق من جراء خطأ عمال جهة الادارة الذين حالوا بين الطاعن وسفره لحضور المهرجان المنوه عنه، ومن حيث انه وقد توافرت عناصر المسئولية الادارية علي النحو السالف بيانه فإن المحكمة تقضي للطاعن بألف جنية تعويضا عن الضرر الأدبي الذي ألم به ورأبا للصدع في نفسه.
الحكم الصادر من المحكمة الادارية العليا في الطعن رقم 6164 لسنة 42 ق.ع بجلسة 18/6/2000).
أحقية التعويض
وبهذا الحكم فقد أرست المحكمة الادارية العليا مبدأ هاما ألا وهو أحقية من تم منعه من السفر والصعود للطائرة دون سند من الواقع أو سبب من القانون في الحصول علي تعويض مناسب وجابر للضرر سواء أدبي أو مادي، مؤكداَ أن المقنن أو المشرع المصري نظم عملية سبل التقاضي أمام القضاء المدني في حالة إذا قام المسافر بالتعاقد مع أحد شركات النقل الجوى أو البحري أو البرى لنقله من مكان إلى مكان أخر، فقد يعتقد المسافر أنه ليست ثمة علاقة تعاقدية بين الناقل والراكب ولكن هذا التصور غير صحيح إذ بمجرد شراء المسافر التذكرة من إحدى شركات النقل فإنه تنشأ بهذه التذكرة عقد نقل برى أو بحري أو جوى وهذا العقد كسائر العقود يترب حقوق كما يرتب التزامات على طرفيه-وفقا لـ«الأسيوطى».
اقرأ أيضا: كل واحد يعرف حقه.. هل يحق للزوجة منع زوجها من السفر وفاء لـ «دين النفقة»؟
إلتزامات شركة النقل
ومن أهم الالتزامات التي يجب أن يرتبها العقد على شركة النقل أنه يلزمها بنقل المسافر في موعد معين من ميناء الإقلاع ليصل به إلى ميناء الوصول وخلال هذه الرحلة فإن الناقل يلتزم بالحفاظ على روح المسافر وأمتعته ووصوله في الموعد المتفق عليه، ونظراً لأن هذا العقد يحتاج إلى تفصيل فإننا هنا نتحدث عن مشكلة تأخير الناقل وعدم التزامه بنقل المسافر في الموعد المتفق عليه وقد تعرض لها المقنن المصري في المادة المادة (289/1) من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 فنص على أنه «يسأل الناقل عن الضرر الذي يترتب على التأخير في وصول الراكب أو الأمتعة أو البضائع»-طبقا لـ«الأسيوطى».
قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999
وكذا المادة (292/1) من ذات القانون تنص على: « لا يجوز فى حالة نقل الأشخاص أن يجاوز التعويض الذى يحكم به على الناقل الجوى مائة وخمسين ألف جنيه بالنسبة للمسافر إلا إذا إتفق صراحة على تجاوز هذا المبلغ»، وكذلك نصت المادة (293/1) من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 ينص على أنه : « إذا أقيمت دعوى التعويض على أحد تابعى الناقل أو احد وكلائه جاز له التمسك بتحديد المسئولية المنصوص عليها فى المادة 292 من هذا القانون إذا ثبت أن الفعل الذي أحدث الضرر وقع منه أثناء تأدية وظيفته» .
التعويض عن ضياع الأمتعة وتأخر الطائرة
والمشكلة-بحسب «الأسيوطى» تظهر بوضوح عندما يطلب المسافر تعويضه عن الضرر الذي أصابه نتيجة تأخير طائرته أو فقد أمتعته وهنا جعل المقنن المصري عبء الإثبات على الناقل غير انه دائما ما يدفع الناقل ويرتكن إلى اتفاقية مونتريال ليلقى عبء الإثبات على المسافر غير أن جميع السوابق القضائية ترتكن إلى القانون التجاري المصري واتفاقية مونتريال حيث أن القضاء المصري يجعل مجرد التأخير عن الإقلاع يؤدى إلى ضرر الأدبي للمسافر وما على المسافر إلا أن يثبت الضرر المادي الواقع عليه وبهذا فقد جمعت السوابق القضائية بين اتفاقية مونتريال والقانون التجاري المصري.
اقرأ أيضا: السياسة ممنوع والزعل مرفوع.. ماذا تحمل رسائل وزارة التضامن لحجاج الجمعيات؟
تعديل الحد الأقصى للتعويض
وفى النهاية، أكد أننا بحاجة إلى تعديل الحد الأقصى للتعويض حيث أن مبلغ التعويض الآن لا يتناسب غالبا مع الضرر الذى قد وقع على المسافر خاصة في النقل الجوى كما أن الأمتعة التي يتم فقدها غالبا تتجاوز مبلغ التعويض، ولذا نرى أنه على المقنن التدخل للحفاظ على حقوق المسافرين من شركات النقل التي طالما ما يكون عقدها من عقود الإذعان وما على المسافر إلا أن يخضع لشروطها دون اعتراض.