طهران تسقط في المكيدة الأمريكية الروسية.. هل تنسحب إيران من سوريا؟
الجمعة، 20 يوليو 2018 08:00 ص
على ما يبدو، أن روافد القمة التي جمعت بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد بدأت تظهر جلية على الوضع السياسي الدولي، خاصة وأن موسكو بدأت تتخذ خطوات جادة لدعم أمريكا في الضغط على طهران.
كانت أمريكا بدأت تتخذ إجراءات ضاغطة على إيران، وبدأت تنسحب من دعمها لملف النووي الإيراني، على عكس ما كانت تأمل إيران، وكان يتم وعدها به خلال فترة رئاسة باراك أوباما، ومن سبقوه من رؤوسا، ومفاوضتهم على ملف النووي الإيراني.
إلا أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، كان له رأي أخر في ملف النووي الإيراني- وربما كان هو القشة التي قسمت ظهر البعير- وبدأ الجانب الأمريكي ينظر إلى حقيقة طهران ودعمها للإرهاب، بالإضافة إلى محاولتها الدائمة لإثارة الأزمات الدولية، وتسترها على العناصر الإرهابية ودعمها بالمال الملوث.
كل ما سبق ربما كانت مؤشرات، لآن تتخذ القضية الإيرانية جزاء من اللقاء الذي جمع بين الرئيسين: «بوتين، وترامب»، على الأراضي الروسية، ويبدوا أن اللقاء قد وضع سيناريوهات محدودة لستقبل الوجود الإيراني في سوريا بعد التنسيق «الروسي ـ الأمريكي الملاحظ مؤخرا.
تجسد ذلك في الكرة الشهيرة التي ألقاها الرئيس فلاديمير بوتين في ملعب الرئيس دونالد ترامب، ما كشف في إحدى دلالته أن موسكو مستعدة للضغط على إيران بكل نفوذها للانسحاب من سوريا، ومع ذلك فإن القبول الإيراني لن يكون يسيرا ولا منظورا فى المدى القريب ما لم تتحقق حزمة من العوامل.
لذلك يرى مجتمع تحليل السياسات الروسي أن قمة هلسنكي أفرزت تفاهما ثنائيا حول وضع إيران في سوريا، ويمكن الدلالة على ذلك مما كتبه رسلان ماميدوف، في جريدة «جازيتا رو»، الروسية، ذلك أنه تصور توصل الرئيسين إلى ضرورة انسحاب إيراني مرحلي من كل مناطق حفظ التصعيد بما في ذلك جنوبي سوريا وتسليم المنطقة بالكامل إلى الجيش السوري.
في مقابل ذلك تحصل إيران على اعتراف أمريكي بحق الجيش السوري وشرعية دفاعه عن تلك المنطقة، بعد أن كان مطلب إسرائيل الأهم هو إبعاد أي قوات إيرانية بالقرب من حدودها، وهو ما استثمرته دمشق للمقايضة بين جنود إيرانيين وجنود سوريين.
السيناريو الأرجح في تلك الحالة أن تواصل إيران انسحابها شريطة سيطرة الجيش السوري على المنطقة وعدم خضوعها لأي أطراف مناوئة للوجود الإيراني في البلاد مع احتمالية التوصل إلى الإبقاء على المستشارين العسكريين الإيرانيين التابعين لمكتب المرشد على خامنئي على مقربة شديدة من دائرة صنع القرار في قصر الأسد.
بالرغم من أن روسيا لم تضمن مصالح إيران الإستراتيجية فى سوريا منذ انخراطها العسكرى المباشر فى الأزمة خريف 2015 إلا أن الحالة الراهنة تقضى بحتمية تقديم العطاءات الروسية الضامنة لهذا الحل كجزء من التوصل إلى تسوية شاملة مع البيت الأبيض الذى يبدو فى وضع حرج بعد أن ألقيت كرة كأس العالم فى ملعبه.
استنادا إلى تلك الحقيقة يرى عدد من المحللين الروس أن سوريا ليست مهمة للولايات المتحدة، فالأهم هو أوكرانيا لذلك تعمل على مواصلة محاولات مقايضة الملفين مع الروس، ومع ذلك فإن من مصلحة أمريكا إبعاد إيران قدر المستطاع عن حدود إسرائيل لذلك ستعمل بطاقتها القصوى للاستفادة من كل فرصة تحقق تلك الغاية فى إطار إستراتيجية واشنطن الدائمة حول أمن تل أبيب.
فى واشنطن يدرك البيت الأبيض أن الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى وإعادة العقوبات وتشديدة العقوبات على الشركات المتعاملة مع إيران ليس كافيا، وعليه فإن التصور الأمثل أمريكيا هو معاقبة إيران فى كل الملفات والخصم الجبرى الفورى من أرصدتها فى ساحات الصراع تلك.
بالرغم من كل تلك الحقائق يدرك الأمريكان أن الروس لن يتمكنوا ـ وفى الحقيقة لا يريدون ـ من الحصول على إبعاد كامل للقوات الإيرانية من الأراضى السورية فى إطار عملية التوازن الدقيقة التى تقوم عليها سياسة الكرملين فى سوريا، حيث يتم استخدام إيران للحصول على مكاسب من إسرائيل واستخدام إسرائيل كأداة عقابية للإيرانيين.
هذا الأمر أوضحه أكثر من محلل روسى (إيجور سوبوتين على سبيل المثال) الذى رأى أن الوجود الإيرانى سوريا مثل محور الارتكاز المركزى فى المحادثات بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فى موسكو.
وكتب تحليلا مطولا فى جريدة "نيزافيسيمايا جازيتا"، توصل فيها إلى أن المباحثات الروسية ـ الإسرائيلية شملت أعلى مستوى من التنسيق لتحديد مصير القوات الإيرانية فى سوريا، غير أن إيران ردت برفض الفكرة الروسية، وقال بالحرف الواحد: "طهران لا تميل إلى التخلى عن مواقعها ببساطة".
فى المحصلة فإن السيناريو الأكثر قابلية للتحقق هو الانسحاب الإيرانى التدريجى مقابل الحصول على اعتراف أمريكى بشرعية سلطة الأسد وهو اختراق سياسى كبير، فضلا عن الاحتفاظ بوجود مستشارى الحرس الثورى الكبار فى قلب دائرة صنع القرار بدمشق.