في وقت سابق شهدت ليبيا توترات واشتباكات عسكرية، تسببت في بعض الأحيان في تعطيل تدفقات النفط وإمدادات الأسواق العالمية من النفط الليبي، ما مثّل ضغطا قويا على سوق النفط العالمية.
ترافق مع شهدته ليبيا مع تمديد أوبك قبل أسابيع لقرارها الصادر في العام 2017 بخفض الإنتاج اليومي 1.8 مليون برميل، ومع تراجع المنظمة عن قرارها السابق، وإقرارها لزيادة الإنتاج مليون برميل، وعودة الاستقرار إلى ليبيا، ربما نكون بصدد تهدئة كبيرة تخفف من توترات سوق النفط، وتدفع درجة حرارة المشتعلة في الوقت السابق إلى المعدلات الآمنة.
التحول الأخير الذي شهدته ليبيا تمثل في نجاح القوات المسلحة الليبية في فرض سيطرتها على منطقة الهلال النفطي، الغنية بحقول البترول، وطرد الميليشيات الإرهابية التي كانت تسيطر عليها، ووضعها تحت سلطة الحكومة الليبية المؤقتة، وهو ما قال عنه رئيس المؤسسة الوطنية للنفط التابعة للحكومة الليبية المؤقتة، فرج سعيد الحاسي، إن عملية إنتاج وتسويق النفط ستكون من اليوم فصاعدًا في أيدٍ أمينة، متعهدًا بإيصال الأموال المتحصلة عن تسويق النفط الليبي إلى مصرف ليبيا المركزي في البيضاء، برئاسة علي الحبري.
المهندس فرج سعيد الحاسي
في تصريحاته عقب تسلم حقول منطقة الهلال النفطي، قال "الحاسي" في مؤتمر صحفي من ميناء السدرة، إن أموال النفط تخص كل الليبيين على حد السواء، والقوانين الليبية تحدد أوجه الصرف وتحافظ عليها، وعلى جانب مقابل أعلن الناطق باسم الحكومة الليبية المؤقتة، حاتم العريبي، تسلُّمَ الموانئ النفطية، تنفيذًا لقرار القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر.
المشير خليفة حفتر والإرهابي إبراهيم الجضران
وقال العريبي في تصريحات عن الخطوة، إنها "خطوة مستحقة، والأموال كانت تذهب إلى طرابلس وتُصرف على الميليشيات والاعتمادات المزاجية، ولم تتحصل المنطقتان الشرقية والجنوبية على درهم واحد منها"، متابعا خلال المؤتمر الصحفي من ميناء السدرة: "الحكومة الليبية المؤقتة تتعهد بألا تحرم مدينة أو منطقة بعينها من إيرادات النفط".
بعيدا عن أثر الخطوة على الجانب الليبي، وما تحققه من ضبط للأوضاع وضمان لعدم تسرب الثروات، والأهم تنمية موارد الحكومة المؤقتة بما يساعدها على الاضطلاع بمسؤولياتها، ومواصلة الجهود التنموية لأقاليم المنطقتين الشرقية والجنوبية، فإن الخطوة تعني تأمين تدفق ملايين البراميل من النفط، ومليارات الأقدام المكعبة من الغاز، إلى الأسواق العالمية، وهو ما قد يقلل الضغط المتزايد على سوق النفط.
عودة تدفقات النفط الليبية إلى الانتظام وفق صيغة مؤسسية وشرعية، ربما يقلل أثر الطلب الأمريكي المرتفع على البترول في الفترة الأخيرة، في ضوء طلب الولايات المتحدة مليون برميل زيادة، بينما لم تُزد أوبك إنتاجها إلا مليون برميل فقط، بجانب الآثار المتوقعة نتيجة قرار وواشنطن بوقف استيراد النفط الإيراني اعتبارا من نوفمبر المقبل، ومماستها ضغوطا قوية على حلفائها للالتزام بالقرار، ما كان يهدد سوق النفط بمزيد من الاشتعال، ولكن ربما يكون للخطوة الليبية الأخيرة دور في التهدئة، وتنطفئ النار التي كانت تواصل تمددها باتجاه آبار النفط، بفضل نجاحات الجيش الليبي والمشير خليفة حفتر.