الأطباء والمرضى بميزان البرلمان.. قانون المسئولية الطبية للفصل بين الإهمال والمضاعفات في العلاج
الأحد، 07 يناير 2018 02:00 ص
تستأنف لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، برئاسة الدكتور محمد العمارى، اجتماعها، الأربعاء المقبل، لاستكمال مناقشة مشروعات قوانين المسئولية الطبية، المقدمة من النائب الدكتور مجدى مرشد، والنائب الدكتور أيمن أبو العلا، والنائبة الدكتورة إليزابيث شاكر، وذلك بالاشتراك مع لجنة الشئون الدستورية والتشريعية.
ومنحت الموافقة المبدئية على مناقشة قانون المسئولية الطبية، من قبل لجنة الصحة بمجلس النواب في جلسة 6 نوفمبر الماضي، بادرة أمل بين أطراف المنظومة الصحية، خاصة أنه قانون يهدف إلى تنظيم العلاقة بين المريض والطبيب، فى وقائع الخطأ والإهمال الطبى، ويلغى الحبس الاحتياطى فى مثل هذه الواقع، وتكون الإدانة للطبيب فيها بناء على تقرير اللجنة العليا للمسئولية الطبية، بما يحفظ حق المريض وعدم ظلم الطبيب.
وحددت نقابة الأطباء، أبرز مطالبها لمراعاة أعضاء مجلس النواب لها، أثناء مناقشة القانون، والتي كان من بينها استقلال هيئة تقرير المسئولية الطبية، لافته إلى وجود مخاطر في تحول هذه الهيئة المستقلة للجنة تابعة لوزارة الصحة، لما فى ذلك من عوار واضح وتعارض مصالح، حيث إن وزارة الصحة، هى أكبر مقدم للخدمة الصحية فى مصر، كما أن التبعية لها كجهة تنفيذية، تنفى صفة الاستقلال والحيادية عن اللجنة المسئولة فى الفصل بتكل القضايا، مقترحة أن يتم تبعيتها لمكتب النائب العام.
كما أكدت النقابة، أهمية رفع سلاح التهديد بالحبس الاحتياطى فى الاتهامات الخاصة بالخطأ أو الإهمال الطبى، مضيفة: "لم نطلب منع حبس الأطباء فيما يثبت كونه إهمال طبى جسيم، ولكننا نطلب طريق علمى وموضوعى لإثبات وجود الإهمال أو التقصير قبل توقيع العقوبة، خصوصا وأن المبررات القانونية للحبس الاحتياطى لا تتوافر فى حال اتهام الأطباء بالخطأ الطبى، وطالبت بإضافة مادة تحدد التوصيف الوظيفى والمسئولية على كل فئة، والخطوط العلاجية الإرشادية لكل تخصص، حتى يكون هناك معيار واضح لكون الطبيب حاد عن الالتزامات المهنية المفروضة عليه أم لم يحد عنها.
الطبيب يعاقب بقانون العقوبات فى الأخطاء المهنية
قال الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، إن الطبيب المصرى يعاقب فى الأخطاء المهنية طبقا لقانون العقوبات، والذى تم وضعه فى 1937، مشيرا إلى أن تشديد العقوبة فى حالات الأخطاء الطبية هو أحد طرق الحل ولكنها ليست الوسائل الحقيقة لحل المشكلة، مؤكدا ضرورة التفرقة بين مضاعفات المرض أو مضاعفات التدخل الطبى، أو سوء الإمكانيات والتجهيزات بالمنشأة الطبية أو الإهمال الطبى الجسيم.
وأكد الأمين العام، ضرورة أن يخرج القانون بشكل يجعله أداة تمكن من المحاسبة العادلة التى تحفظ حق المريض وحق الطبيب معا، مطالبا مجلس النواب بحماية القانون من التشوهات التى يمكن أن تفرغه تماما من مضمونه، لإخراج قانون عادل للمسئولية الطبية.
وأضاف "الطاهر": نقابة الأطباء لم تتستر عن أى إهمال، بل قامت خلال عام 2016 ومن خلال الهيئة التأديبية بمعاقة 5 أطباء بالإيقاف عن العمل، ومزاولة المهنة، هذا بالإضافة إلى حكم بالشطب من سجلات النقابة، وفى عام 2015 قامت بإصدار أحكام على 7 أطباء بالإيقاف عن مزاولة المهنة، مشيرا إلى أن الهدف من مشروع قانون المسئولية الطبية هو تحديد المسئول عن الخطأ الطبى وحجم هذا الخطأ، مؤكدا أن القانون لا يتدخل فى عمل السلطات القضائية.
وأوضح أنه بموجب مواد القانون، يتم تشكيل هيئة المسئولية الطبية للتفرقة بين الخطأ الطبى والإهمال الجسيم ومضاعفات الحالة، مؤكدا أنه لضمان حيادية هذه الهيئة، فإنه تم تشكيلها من أطباء، وأعضاء أخرين ليسوا أطباء، حيث بلغ عدد الأطباء بها 4 فقط فى مقابل 7 ليسوا أطباء، مشيرا إلى أن هذه الهيئة تقوم بتحديد حجم الخطأ وأسبابه، وتقدم تقرير مفصل عن الحالة للنيابة العامة خلال 30 يوما، ومن حق المواطن أو الطبيب الطعن على التقرير، ويتم تشكيل لجنة خماسية للفصل فى هذا الطعن.
وحذر الأمين العام من حبس الأطباء، مؤكدا أن ذلك سيؤدى بدوره إلى وقف الخدمة الصحية، لافتا إلى أن مشروع قانون المسئولية الطبية يوازن بين حق الطبيب وحق المريض ويفرق بين الخطأ الطبى، والذى تقع عقوبته الغرامة وبين الإهمال الجسيم والذى يختص به قانون العقوبات.
الأطباء عزفوا عن التخصصات الدقيقة
في سياق مُتصل، قال الدكتور خالد سمير، أمين صندوق نقابة الأطباء الأسبق، إن الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا واستراليا، ليس لديهم قانون المسئولية الطبية، لكن مواد قانونى العقوبات والمدني فى كل منهم يضم مواد تمنع حبس الأطباء أثناء محاولتهم إنقاذ المرضي، قائلا: "فلا يمكن أن يكون الطبيب قاصد إيذاء المريض، وبالتالي لا يمكن اتهام الطبيب بالقتل، ونيته فى الأساس محاولة إنقاذ المريض، هو فقط يمكن أن يتهم بالتقصير أو الإهمال، وحتى فى حال اتهامه بهما، لا يوجد حبس احتياطى لطبيب بالخارج، فإذا مات المريض لإهمال يتم دفع دية لأهله".
وأشار سمير، إلى وجود تخصصات دقيقة أصبح لا يتقدم لها الأطباء، كجراحة القلب والمخ والأعصاب، ما أدي إلي قبول أطباء بتقديرات أقل من امتياز، ورغم ذلك يتقدموا باستقالتهم، نتيجة لوجود مخاطر كبيرة حال عملهم بها، بالإضافة إلى ما يبذلونه من جهد كبير بمقابل مادي ضعيف، وبالتالي أصبح الأطباء يقبلوا على التخصصات مثل الجلدية والأشعة".
وأوضح سمير، ضرورة التفرقة بين مسئولية المستشفي، والمريض، والطبيب، قائلا:" المستشفى مسئوليتها عن اختيارها للطبيب، والامكانيات التي تتحيها له، وبالتالي إذا حدث خطأ يتم رفع القضية ضد المستشفى، خاصة أنه لا يوجد علاقة تعاقدية بين الطبيب والمريض، أما مسئولية المريض، فقد يكون مدمن ولا يخبر الطبيب، أو مريض بالإيدز ويخفي ذلك، أو مريض لا يستجيب لإرشادات الطبيب ولا يتلزم بالعلاج، وبالتالي لا يمكن تحميل الطبيب مسئولية كل ذلك، الإهمال من الطبيب جريمة يحاسب عليها، لكن الخطأ له نسبة عالمية لا يمكن تجنبها".