من نجيب الريحاني إلى راقصات الدرجة الثالثة.. مقاهي "زمان" تبكي الهجر (فيديو وصور)
الأربعاء، 15 نوفمبر 2017 02:00 مإيمان محجوب تصوير: صلاح الرشيدي
من على مقاهي الفنانين تستطيع كتابة تاريخ الفن المصري، حيث كتبت مقاهي شارع عماد الدين شهادة ميلاد فنانين كبار منهم علي الكسار، ونجيب الريحاني ورشدي أباظة وعادل إمام، كما شهد شارع محمد علي ميلاد أكبر راقصات مصر (سامية جمال وتحية كاريوكا ونعيمة عاكف) والذي أصبح اليوم ينعى أيام "صهللة الصاجات" وهز أغصان البان على دق الطبلة، فلم يبقى من شارع محمد علي الذي قام بتخطيطه المهندس الفرنسي "هوسمان" الذي صمم شارع ريفولي في باريس سوى أطلال من الماضي وقهوة وحيدة يجلس عليها الآلاتية في وسط الشارع الذي يمتد من ميدان العتبة إلى ميدان القلعة.
مقهى المشير.. ما تبقى من شارع محمد علي
مقهى "المشير" يجلس عليه ما تبقى من فرقة حسب الله، ورقاصات الدرجة الثالثة، بعدما جذب شارع الهرم راقصات الدرجة الأولى، الكل هنا تحت رهن إشارة الراقصة صاحبة المقهى حتى الأسطى سامي بيومي آخر من تبقى من فرقة حسب الله.
يظهر مدخل المقهى وسط محلات الموبيليا التي تملأ الشارع، يحتفظ لنفسه ببابين من الخشب، لا يبدو أنهما ينغلقان في النهار أو الليل، الأول يطل على شارع محمد علي ببواكية الحجرية ذات الطراز الفرنسي، والتي لم يتبق منها إلا القليل، والثاني مفتوحا على ناصية شارع جانبي، يحمل الأخير لافتة باسم المقهى عليها صورة صاحبه وجدرانه الحمراء القاتمة تحكي قصص قلوب كسرها هجران الفن لشارع محمد علي وعلى أعمدة مدخل المقهى الدائرية وضع صور لأعضاء فرقة حسب الله في لقائهم مع الفنانة إسعاد يونس في برنامجها صاحبة السعادة.
مقهي المشير نجيب السواق
في زاوية ضيقة بالداخل توجد "نصبة الشاي"، أمامها مباشرة يقف رجل خمسيني يتولى إعداد المشاريب للزبائن، فيما يتولى توصيل الطلبات شاب عشريني، يتحرك بخفة ونشاط بين الجميع.
وعلى خارج المقهى كراسي متراصة جلس على إحداها آخر أفراد فرقة "حسب الله" الأسطى سامي كما ينادونه؛ تَنهد وهو يسترجع الذكريات وقال: أنا بقعد على القهوة دي من 30 سنه كان وقتها شارع محمد علي ملتقى الفنانين والموسيقين وكنت دائما ما أسمع فيه صوت الموسيقى والطرب وكانت فرقة "حسب الله " تخرج من شارع محمدعلي بمارشال عسكري وعزف موسيقي.. دلوقتي بنخاف نعزف على القهوة".
آخر أفراد فرقة حسب الله
واستطرد قائلا: "ممكن حد يبلغ عنا والقهوة الوحيدة اللي قاعدين عليها تتقفل" بعدما أغلقت معظم قهاوي الفنانين في الشارع، زي قهوة التجارة اتقفلت وأصبح مكانها سنتر موبايلات وكازينو شريف أصبح مكانه صيدلية، وما بقاش فاضل لنا إلا قهوة المشير". وبعد الحكي الموجع، أشار الأسطى سامي وقال: "روحوا لمقهى "جلابوا" عليه الآلاتية كتير الناس هجرت شارع محمد علي".
مقهى جلابو بزهرة البستان
على بعد مسافة قصيرة من شارع محمد علي تقع قهوة "جلابو" بشارع البستان على ناصية حارة الصواف يجلس عليها كثير من الآلاتية بلافتة حديثه تستقبل القادمين كتب عليها "كافيتريا جلابو" بلون أحمر وخلفية سوادء، حاول عادل جلابو صاحب المقهى مجاراة العصر بعمل تجديد للقهوة القابعة من الستينيات في قلب شارع زهرة البستان.
يقول الحاج عادل جلابو إن والده اشترى المقهى من صاحبه، وكان يوناني الجنسية، بعدما اختلف هو وشريكه المصري في الستينيات بعدها غير اسمها إلى "جلابو"
ويضيف قائلا:"العازفين والموسيقين يترددون على المقهى بسبب قربها من نقابة الموسيقين، ومعظم من يجلسون على القهوة يعزفون في فرق الموسيقى العربية، ومنها "الماسية والتراث وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب".
مقهى بعرة.. شاهد على زمن الفن الجميل
"قهوة بعرة" أو "مقهى الكومبارس".. هو أشهر مقهى كان يجلس عليه الفنانين في زمن الفن الجميل بمنطقة وسط البلد، والمقهى يبعد خطوات قليلة عن سينما كوزموس بشارع عماد الدين، والمقهى وقف وحيدا شاهدا على عصر من الفن بعدما أغلق مقهى "فينكس" الذي كان يجلس عليه الفنان الراحل نجيب الريحاني.
والمقهى الذي كان شاهدا علي ميلاد نجوم كبار، أصبح اليوم ملتقى الكومبارس الذين يجلسون عليه في انتظار عمل، ربما يكون بوابتهم للنجومية، فمنهم من ينال هذه الشهرة ويصبح نجم شباك، ومنهم من يضيع عمره ليعيش ويموت "كومبارس".
المقهى جلس عليه أشهر فناني مصر في مرحلة مبكرة من شهرتهم، رشدي أباظة، وفريد شوقي، وعادل إمام، وعلى الرغم من وجود مشاهير حققوا نجاحات وتصدروا أعمالًا فنية وأصبحوا نجوم شباك، إلا أن اسم المقهى ارتبط "بالكومبارس" كبار السن، بعدما فتح "الريجسيرات" مكاتب لهم في المهندسين والدقي لاستقطاب الشباب الموهوبين في التمثيل.
جدير بالذكر أن الفنان رشدي أباظة، هو من أطلق اسم "بعرة" على صاحب المقهى محمد زناتي، لأنه كان (صعيدي ضخم البنيان)، وبعرور (صغير الجمل) لضخامة حجمه بعدها أصبح اسم المقهى "بعرة" بدلًا من نادي الكورسال.