ليلى مراد .. الحب والألم (الحلقة الأخيرة)

الأحد، 04 يونيو 2017 10:40 م
ليلى مراد .. الحب والألم (الحلقة الأخيرة)
ليلى مراد
محمد ثروت

أسرار يكشفها لأول مرة الكاتب الصحفى محمد ثروت 

  "لا أريد لأولادى أشرف وزكى أن يعملا بالفن .. بعد أن ذقت حلاوته ومرارته "  هكذا تحد ثت ليلى مراد بعد عزلتها لجيرانها فى شقة جاردن سيتى بشارع البر جاس ومنهم السيدة معتزة زوجة أحد الدبلوماسيين المصريين المرموقين .  وقد أكد ذلك فيما بعد ابنها زكى فطين عبدالوهاب المخرج المقل فى أعماله وزوج الفنانة سعاد حسنى السابق.

يقول زكى : " عندما تقدمت لالتحاق بمعهد السينما ، دون أن أخبر والدتى  وقضيت عاما كاملا أهب إلى المعهد ،وهى تظن أنى أذهب إلى العمل . وحينما أعلنت النتيجة وعلمت أنى كنت أول الدفعة صدمت واعترفت لي وقتها أنها هى التى طلبت من أصدقاء أبى أن يقنعونى بترك مجال الفن ، والحقيقة كان هذا تصرفا غريبا ، ويجوز أن أعطى مبررا لرفض أبى لأنه عاش نفس التجربة حين ترك الجيش وعمل مخرجا وهذه كانت ضد إرادة ورغبة جدى الذى قاطعه هو وعمى سراج منير حين التحق بالفن ، وأذكر أن والدى قال لى ان جدى مات وهو غاضب منه ، ولكن رفض أمى كان غير مبرر ، يجوز كانت تخشى على من خوض التجربة  بعدما تعرضت له " .

   

أما أشرف وجيه أباظة ، فقد كان موضوع الفن محرما عليه خوضه من الأساس ، بسبب عائلته الأباظية . رغم أن عمه هو الفنان الكبير رشدى أباظة دونجوان السينما العربية وربما يعودالأمر إلى كون والده شخصية عسكرية شغلت مناصب مهمة  ، فاتجه إلى البيزنس . وكانت ليلى مراد تريده أن يصبح مثل والده فارسا وضابطا .

أما القضية الثانية فهى حقيقة خلاف ليلى مراد مع الفنانة الراحلة سعاد حسنى رغم أنها كانت زوجة ابنها زكى ، ذلك الزواج الذى لم يستمر الا 8 شهور فقط . ورغم أن زكى فطين نفى وجود أى خلافات بين والدته وبين سعاد حسنى ، وأنها كانت رافضة لانفصالهما . رغم أن بعض الفنانين القريبين من ليلى مراد أكدوا لى أن الفارق الكبير بين عمر سعاد حسنى وزكى فطين ، كان مبررا قويا لرفض والدته هذا الزواج فى الثمانينات . واستمر الزواج عدة أشهر من 4ابريل 1981 الى 28أغسطس 1981 .

أما الأزمة أن  هذه الزيجة جاءت بعد خروج سعاد حسنى من تجربة  زواج استمر فترة طويلة

مع المخرج الكبير على  احمد بدرخان وسبب أزمة للطرفين ، لان قرار الانفصال بعد كل هذه السنين قرار صعب جداً ولكن قدر الله وما شاء فعل .

 وقد تعاملت ليلى مراد من واقع خبرتها وحرصها على سعادة ابنها بكتمان ذلك ، ولم تكتمل التجربة واستمرت الخلافات بين زكى وسعاد حتى تم الطلاق فى هدوء .

ولم تؤنب ليلى مراد ابنها أو تعاتبه فقد كانت حريصة على عدم التدخل فى حياته أولادها الخاصة ، مثلما تزوج ابنها أشرف فى سن مبكرة وتركها ليعيش فى منزل آخر.

رغم أن الناقد الفنى الكبير أحمد صالح يؤكد أن  سعاد حسنى كانت  تغني لأصدقائها  في أوقات الفراغ أغاني ليلي مراد الشهيرة جداً »أنا قلبي دليلي« و»الحب جميل« و»أبجد هوز«.. الخ.. وكنا فرحين بأنفسنا عندما نردد خلفها الكورس ونقول: »علشانك انتي أنكوي بالنار وألقح جتتي وادخل جهنم وانشوي واخرج واقول يا دهوتي«!. فقد كانت سعاد حسنى تحرص على تقليد ليلى مراد فى استعراضاتها الغنائية وأفلامها .  ورغم إطلاق لقب السندريلا على سعاد حسنى الا أن النقاد يرون أن ليلى مراد كانت أول من أطلق عليها هذا اللقب .

لكن الحقيقة التى يتجاهلها الأستاذ صالح وغيره أن ليلى مراد كانت ترى سعاد حسنى ممثلة ممتازة لكنها مطربة مقبولة ،وعادية والاعلام أعطاها أكثر مماتستحق و لايمكنها الوصول لما وصلت اليه ليلى مراد من مجد وقمة فى عالم الفيلم الاستعراضى  ، وتقول ليلى مراد فى اعترافاتها : "

الأستاذ حسن الإمام أخرج لسعاد حسنى بعض الأفلام الاستعراضية الجيدة، لكن ينقصها شىء، فسعاد حسنى ممثلة ممتازة وتمتلك وجهاً جميلاً وأداء جيداً فى كل الأدوار، لكن ما ينقص فيلمها الاستعراضى أن سعاد حسنى لا يمكن أن تقول ما تقوله ليلى مراد وهو الغناء، فسعاد حسنى لا تستطيع غناء المواويل والقصائد والتواشيح، فالأستاذ عبدالوهاب كان ينادينى بلقب «فقية» بسبب ما تعلمته من كبار المقرئين فوالدى كان يصحبنى للصوانات لكى أسمع الشيخ على محمود والشيخ رفعت وكل الشيوخ الكبار فى المآتم والأفراح لكى أتعلم منهم القفلة، التى لا يمكن لأى مطربة تغنى الكلمات الخفيفة أن تقولها، لذلك فإن أفلام سعاد حسنى الاستعراضية ينقصها الصوت والطرب" . وهى شهادة موثقة ومسجلة بصوت ليلى مراد عندما حاورتها الإعلامية الراحلة آمال العمدة فى عزلتها   

 

رحلت ليلى مراد ومازال صوتها خالدا يتحدى الزمن بكل إسفافه وتدنى مستوى الغناء والطرب فيه ..وغابت الأصوات الملهمة من السماء  والمعجونة بماء الجنة وأصداء الملائكة ودندنات الحور الحين ليحل محلها أصوات متحشرجة خارجة من رحم الصدأ وحناجر البوم ونعيق الغربان .

ولم يكن غريباً على كلارك غيبل أو غيره من الممثلين العالميين، أن يسمع عن ليلى مراد، لأنها كانت تمثل أسطورة لا تقل موهبة وحضوراً أبداً عن ريتا هيوارت مثلا أو غيرها من علامات السينما العالمية.ووصفها بأسطورة السينما الغنائية ..

واللافت للنظر أنه برغم رحيل ليلى مراد ، مازال سر  ليلى مراد محل نجاح أى عمل فنى ولوكان موجها للشباب . فقد اقتبس المخرج الكبير محمد خان فى فيلمه" فى  شقة مصر الجديدة”، من الأحاسيس الرقيقة التى عبرت عنها أغانى وأعمال ليلى مراد السينمائية ورومانسيتها الخالدة ، واخذ من قصة حب نجوى ويحيى البسيطة عنوانا للمعنى الجمالي للعشق. وازدادت القصة جمالا وبعدها الإنساني بصوت الحب.. مطربة الأجيال، كما يطلق خان على ليلى مراد الذي يعشقها كثيرا وأهداها الفيلم، حتى أنه يؤكد على مقولة عزت أبو عوف في “بنات وسط البلد”..”صوت ليلى مراد عمره ما يبقى انتيكة..”. وهو دلالة على عهد جميل مضى يتمنى أن يعود....

 والغريب انه رغم تطور الأغنية العربية  الحديثة ، إلا أن الاقتباس من أغاني ليلى  مراد وتقليدها أصبح معروفا بين بعض المطربات العرب .  فقد اعترفت المطربة  أمل وهبى بأنها اقتبست

أغنية شيكولاتة من أسلوب وغناء ليلى مراد وأن بعض أغانيها  تقترب من تيمة فلكلورية غنتها من قبل ليلي مراد ولحنها الموسيقار الكبير عبد الحليم نويرة ..

كل هذا الصخب والجدل بعد رحيل ليلى مراد ، جعل الجماهير العريضة تنتظر بفارغ الصبر أى عمل درامى عنها .يتناول قصة الأسطورة والمأساة والدراما النابضة بالحب والجرح والألم والحياة .

 

بعد فشل عدة مشاريع وهى على قيد الحياة ومنه مشروع من إنتاج الفنان القدير كمال الشناوي وقد تحطم لرفضها إدخال قصتها مع أنور وجدى فى العمل . ومشروع من إنتاج التليفزيون الاسرائيلى فشل تماما لعدم وجود أي مادة فيلمية حقيقية وليست مستنسخة وتهديد أسرتها بمقاضاة إسرائيل إذا أقدمت على هذا العمل ..

 

 

كانت  حياة ليلى مراد  وماضيها رحلة... تدفعك للفرح والألم وتأمل الحياة... رحلة تختصر كل المعاني من ضعف وقوة، من بريق وافول، من حركة وسكون من فرح وألم كأن الدنيا تعطي لتأخذ أكثر... تدنو لتبتعد بك وبأحلامك إلى أقصى نقطة لم تكن في الحسبان. وليلى مراد واحدة من الذين عشقوا الأحلام ومارسوها وكانت زادهم في رحلة المجد والشهرة والحياة... ولكن الأحلام لا تضع حياة وإن كانت تدفعنا كي نتقبل ما فيها من ألم ومعاناة... والمتأمل لحياة هذه الفنانة، يرى أن تلك الرحلة انعكاس للحياة الفنية في الأربعينات والخمسينات وهي كنز لأسرار وذكريات مرحلة هامة من مراحل الفن بكل, من مجد موسيقى وسينمائي. الا أن مسلسل " رد قلبى " جاء بعيدا عن كل هذه الأشياء الجميلة والدراما الحياتية والفنية الرائعة .

  

ولا يعلم الكثيرون أن ليلى مراد كانت قليلة أو نادرة الغناء على المسرح أمام الجمهور وهل يرجع ذلك كما ذكر مؤرخي الغناء إلى شدة خجلها من مواجهة الجمهور وخوفها الدائم من الخطأ أمام الجمهور مما قد يؤثر على صورتها أمام معجبيها بدليل أنها اكتفت  بتسجيلات الإذاعة والغناء في افلامها ؟ أم أن هناك أسبتابا أخرى خفية وراء تواريها عن الوقوف على خشبةالمسرح زمنا .

والحقيقة  أن ليلى مراد غنت  أمام الجمهور منذ بداياتها وذهبت بفرقتها إلي جميع ربوع مصر المحروسة وبرفقة والدها زكي مراد وكان معها في الفرقة الموسيقار رياض السنباطي على العود وان كان هناك بعض الجمهور في الخلف ينادوا بأنهم لا يسمعون صوتها بوضوح،وقد كانت ليلى مراد مشغولة بالسينما والاذاعة ، كوسائط أكثر انتشارامن المسرح ، و نالت شهرتها وسجلت اسطوانات ثم كان فيلم يحيا الحب  عرفت بأنها أكثر مطربة ميكروفونية ونجمة سينمائية فتوقفت على الظهور على المسرح لتحافظ على صورتها السينمائية ولتبقى كالطيف في عيون محبيها

 

 

  

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة