«القانون 100» قنبلة موقوتة تحت قبة البرلمان (تقرير)

السبت، 10 ديسمبر 2016 01:04 م
«القانون 100» قنبلة موقوتة تحت قبة البرلمان (تقرير)
هبة شورى

لطالما كانت قضايا الأحوال الشخصية تحظى باهتمام واسع في الأوساط الاجتماعية والتشريعية المصرية، هذه المرة حرك مقترح بتعديل قانون الأحوال الشخصية - الصادر بمرسوم رقم 25 لسنة 1929 والذي تم تعديله في 1985 وحمل اسم «القانون 100» -المياه الراكدة عن تقنين حضانة ونفقة الطفل بين أبوين منفصلين.

فتح المقترح بتعديل القانون 100 لسنة 1985 أحوال شخصية، الذي تقدمت به النائبة سهير الحادي و60 نائبا، نافذة من الجحيم على مجلس النواب، كثير من الاتهامات والصدامات والخلافات دارت بين جنبات لجنتي الشئون الدستورية والتضامن بالمجلس، وصل صداها إلى جمعيات ومؤسسات حقوقية نسوية التقطت الخيط ونسجت منه معالم أزمة تحت القبة.

يقضي مشروع القانون الجديد بإعطاء الطرف غير الحاضن سواء كان الأب أو الأم، الحق في استضافة الطفل المحضون فترة يومين أسبوعيا، بالإضافة إلى فترة شهر كامل من أجازة آخر العام الدراسي.

كما ينص مشروع القانون الجديد على سحب حضانة الأطفال من الأم في حالة أنها تزوجت، ومنحها إلى الأب بدلا من انتقالها إلى الجدة طرف الأم، وفي حال وفاتها أو كونها غير مؤهلة لرعاية طفل تؤول لأم الأب في القانون الحالي.

وبالرغم من كون مادة الاستضافة لطالما نوقشت كثيرا وكانت مطلبا للجمعيات الحقوقية، إلا أن الأزمة تمحورت حول مدى مظلومية الدفع بـ«حضانة الأب» في حال «زواج الأم».

وسرعان ما أثار مشروع القانون حالة من الانقسام بين مؤيد ومعارض للتعديلات المقترحة الآراء، فمنهم من رأى القانون ظالم للأم لاسيما وأنه يحرمها من حقوقها، وجعلها في موقف اختيار ما بين الزواج مرة أخرى أو الاحتفاظ بحضانة الصغار، والبعض الأخر يرى أن القانون جاء في صالح الأب لحماية أبنائه من زوج الأم، في حين تساءل فريق ثالث عن ضمانات حماية الأبناء من زوجة الأب في القانون ؟!

أوضحت الحقوقية آمال عبد الهادي، عضو مؤسسة المرأة الجديد، أن القانون الجديد هدف لحرمان المرأة من حقها الإنساني والشرعي في الزواج مرة أخرى، وكفله للرجل فقط، فضلًا عن مساومتها على غريزتها وحقوقها المشروعة والإنسانية، فالأطفال هنا تحولوا إلى ورقة ضغط وعقاب للزوجة من زوجها السابق، معتبرة أن القانون تمت صياغته بنبرة ذكورية، ومن يدافعون عنه غارقون في الانحيازات الذكورية المقيتة عندما يقدمون قانونا يجبر المرأة المصرية على حرمانها من حقوقها بعدم جوازها مرة أخرى عقب طلاقها بحجة أن زوج الأم لن يكون أمينا على الأبناء بخلاف زوجة الأب التي تؤول حضانة الأبناء لها مع عدم رغبتهم فيها.

على الجبهة الأخرى يقف كثيرون، فالمحامي نبيه الوحش يرى أن القانون القديم كان يؤدي إلى ضياع الأطفال بين أجدادهم وأعمامهم وأخوالهم وخالاتهم في حال زواج الأم من أخر، بالرغم من أنه يحق للأب تربية أولاده بدلا من زوج الأم، وشدد على أنه لا يوجد رجل يتزوج من مطلقة ويقبل أن يربي أبناءها، والقانون القديم كان يحرم الأب من رؤية أبنائه بسبب تعنت الأم، مشيرًا إلى أن الأب سيحمي أبناءه من زوجته الثانية أفضل من حماية الأم لهم من زوجها.
وانتقد الوحش مزاعم بعض النشطاء النسويين بأن مقترح حضانة الأب حال زواج الأم يحرم الأم المطلقة من حقها في الزواج، لافتا إلى أنه إذا ذهب القانون بالأم لعدم الزواج من آخر فهذا أمر جيد لاحتمال العودة إلى الزوج والد الأبناء من جديد وألا يتسرع كل طرف ويرتبط فور الطلاق، مشيرا إلى أن الزواج الثاني غالبا ما يكون مآله الفشل والطلاق مجددا.

وأصدر المركز «المصري لحقوق المرأة» بيانا، يندد فيه بالمقترح، وبطريقة عمل مجلس النواب إزاء القوانين المجتمعية، وشدد على خطورة مناقشة القوانين التي تمس الملايين من الأطفال والأسر دون طرحها للحوار المجتمعي، فضلا عن أنه يمنح غير الحاضن حق استضافة طفله، دون وجود ضمانات قانونية بعدم خطف الطفل، وعدم إرجاعه، وحتى العقوبة التي قررها القانون في حال عدم إرجاع الطفل هي عقوبة بسيطة بالنسبة لجريمة كبيرة وهي الخطف.

واستغلت المحامية والناشطة الحقوقية نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري لحقوق المرأة الأزمة، وقدمت مقترحا بتعديل القانون 100 الذي سبق وقدمه المركز في 2009 ولم يلقى قبولا لدى مجلس الشعب آنذاك، بسبب إلزامه أن يكون الطلاق مقيدا وبشروط ولا يقع نهائيا إلا على يد القاضي.

وفي حالة إصرار الزوج على الطلاق يجب عليه أن يضع مبلغا معينا في المحكمة ليكون تحت تصرف الزوجة من أجل النفقة ولا يتم الطلاق إلا بعد إيداع هذا المبلغ، وفي حالة إذا كان الزوج معسر على بنك ناصر أن يدفع هذا المبلغ بدون فوائد طوال فترة إنهاء إجراءات الطلاق.

وبالنسبة للأطفال يجب أن تكون الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب، وأن يتم تعديل ترتيب الولاية ليصبح الأب ثم الأم وأن يتم تعديل ترتيب الحضانة ليصبح الأم ثم الأب، وتأتي أسباب هذا التعديل لحماية الأطفال من تعنت تعسف طرف من الطرفين، فأي قرار خاص بصحة الأطفال ودراستهم واستثمار أموال لهم يكون مسؤولية مشتركة بين الأم والأب، وفي حالة الخلاف بينهم يكون الحكم للقاضي بما يضمن المصلحة الفضلى للطفل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق