موسى حديد نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني لـ«صوت الأمة»: الفلسطيني كطائر الفينيق يولد من رماد احتراق جسده لتحرير وطنه
السبت، 01 مارس 2025 03:12 م
محمود علي
الاحتلال يماطل في إدخال المساعدات لجعل حياة الغزيين على أرضهم مستحيلة وإفراغ الأرض من سكانها الأصليين
الجهود المصرية العظيمة وضعت حداً للعدوان على شعبنا.. ومارست دورها كلاعب أساسي في المنطقة لإحلال السلام العادل والشامل
الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار وتعني وحدة الأرض والنظام السياسي والقانون والسلاح واحترام الالتزامات الدولية
العالم مقتنعا بأنه لا أمن ولا استقرار في المنطقة إلا بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.. وما تشهده الضفة الغربية خطير جداً
الجهود المصرية العظيمة وضعت حداً للعدوان على شعبنا.. ومارست دورها كلاعب أساسي في المنطقة لإحلال السلام العادل والشامل
الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار وتعني وحدة الأرض والنظام السياسي والقانون والسلاح واحترام الالتزامات الدولية
العالم مقتنعا بأنه لا أمن ولا استقرار في المنطقة إلا بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.. وما تشهده الضفة الغربية خطير جداً
بعد ما يقارب شهر ونصف على وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع، تعيش القضية الفلسطينية واحدة من أكثر اللحظات الحرجة عبر تاريخها، فبين الواقع الإنساني الصعب الذي يعيشه الفلسطينيون هناك، والحراك المصري والعربي من أجل عودة الحياة إلى القطاع المحاصر دون الإضرار بحقوق سكانه، تبرز للواجهة الكثير من الأسئلة التي تتحدث عن التحديات الميدانية مع التحركات السياسية والدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي.
رغم محاولات الاحتلال فرض واقع التهجير القسري، يتمسك الفلسطينيون بأرضهم في مشهد صمود لافت بدعم عربي مستمر، خاصة من مصر التي تلعب دورًا محوريًا في احتواء الأزمة. وفي هذا السياق، تطرح القيادة الفلسطينية رؤية شاملة لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الاحتلال، بالتزامن مع جهود إقليمية ودولية
في ظل هذا المشهد، أجرينا حواراً هاماً مع نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني موسى حديد للحديث عن الرؤية الفلسطينية والجهود والدولية الإقليمية، لاسيما المصرية والقطرية، في احتواء الموقف وتفعيل الدور العربي والدولي الفاعل بالتزامن مع انعقاد القمة العربية الطارئة بالقاهرة في غضون أيام، لمنع الاحتلال من التملص من التزاماته ويعيد الأمل بإطلاق عملية سلام حقيقية تضمن الحقوق الفلسطينية المشروعة.
وإلى نص الحوار..
بعد نحو شهر ونصف من وقف إطلاق النار في قطاع غزة.. كيف تقيمون تطورات الأوضاع بالقطاع؟
أي تقييم للأوضاع وتطورها في قطاع غزة بعد ما يقارب شهر ونصف من وقف إطلاق النار لابد وأن ينطلق أولاً من مستوى رفع المعاناة عن شعبنا، وحجم المساعدات التي وصلت للمنكوبين كاستجابة سريعة للحاجات الأساسية التي حرم منها على مدى خمسة عشر شهرا، قياسا بحجم التدمير والحرمان من أساسيات الحياة التي مارسها وفرضها كيان الاحتلال على كامل مساحة قطاع غزة وديمغرافيته.
للأسف فإن واقع الحال يقول بأن ما قدم حتى الآن من مساعدات إنسانية لا يرتقي إلى الحد الأدنى مما هو مطلوب ليكون للغزيين القدرة على الصمود، في ظل انعدام كل مقومات الحياة من مأوى وطعام وماء وكهرباء ووسائل تدفئة وأدوية ومستشفيات وتعليم والتي لا تعتبر أي منهم من رفاهيات الحياة.
وما الهدف برأيك من محاولات الإسرائيلية تقييد وصول المساعدات لغزة؟
بالتأكيد فان كل ذلك يأتي بإصرار ممنهج من قبل كيان الاحتلال وآلته العسكرية وخلافا لبنود وقف إطلاق النار لجعل حياة الغزيين على أرضهم مستحيلة، تمهيدا لتنفيذ مخطط التهجير وإفراغ الأرض من سكانها الأصليين، هذا المخطط الذي كان موجودا منذ اليوم الأول للحرب على غزة وقد سمعنا العديد من التصريحات من قادة الاحتلال بهذا الشأن، والذي يأتي منسجما مع مخططات الكيان الصهيوني منذ نكبة عام ١٩٤٨ وما قبل ذلك بفرض سيادته على كامل التراب الفلسطيني بدون السكان الأصليين.
لكن رغم ذلك يبدو هناك صمود فلسطيني للبقاء على أرضه مع الدعم المصري والعربي المستمر لنيل حقوقه كاملة؟
المفارقة العجيبة بالنسبة للاحتلال والحتمية بالنسبة للفلسطينيين كانت مشاهد عودة النازحين إلى ديارهم. هذه العودة وبالرغم من أنها كانت صادمة لهم لاكتشافهم حجم الدمار الذي خلفته آلة الحرب، لكنها أيضاً زادت من عزيمة الفلسطينيين وإصرارهم على البقاء والعيش فوق الركام ودون الحد الأدنى من مقومات الحياة لتكون الرد الأبلغ على دعوات ومخططات التهجير. هذا الصمود الذي لطالما أرق الاحتلال ودفعه إلى ارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني، كان وسيبقى صمام الأمان للقضية الفلسطينية وللحقوق الفلسطينية المسلوبة وسيبقى الفلسطيني كطائر الفينيق يولد من رماد احتراق جسده لتحرير وطنه.
وهنا لابد من الإشارة إلى ما بذلته مصر من جهود عظيمة لوضع حد للعدوان على شعبنا، وهذا ليس بجديد على الأشقاء في مصر التي مارست دورها كلاعب أساسي في المنطقة انطلاقا من إيمانها بعدالة القضية الفلسطينية، ومركزيتها لإحلال السلام العادل والشامل والدائم وحفاظا على الأمن القومي والإقليمي في المنطقة.
لو تحدثنا أكثر عن تفاصيل الرؤية الفلسطينية بشأن قطاع غزة والتي أعلنت عنها الرئاسة قبل أيام ومن المقرر طرحها على القمة العربية الطارئة بالقاهرة، وكيف يمكن في إطارها تحقيق وحدة الصف الفلسطيني وإنهاء الاحتلال؟
تنطلق الرؤية الفلسطينية أساساً من أن قطاع غزة هو جزء أصيل من الأرض والدولة الفلسطينية، وأن هذا الجزء من الوطن قد تعرض إلى ظروف قاسية وإلى حصار جائر وإلى حرب تدميرية سبقتها العديد من الحروب التي أنهكت سكانه، مما يجعل عودته إلى النظام السياسي الفلسطيني ضروريا وأساسيا لمواصلة النضال الفلسطيني لاستعادة الحقوق الفلسطينية كاملة وغير مجتزأة، انسجاما مع المبدأ الذي تبنته منظمة التحرير الفلسطينية من أن الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار، وأن هذه الوحدة تعني وحدة الأرض ووحدة النظام السياسي والقانون ووحدة السلاح واحترام الالتزامات الدولية والبناء عليها.
وكيف تحدث هذه الوحدة الفلسطينية؟
الآن أكثر من أي وقت مضى نحن بحاجة إلى هذه الوحدة لكي نجنب شعبنا المزيد من المعاناة، وتوفير ظروف حياة كريمة تعوضهم عن أشهر وسنوات من القهر والحرمان والخوف والجوع وغيره.
أن تمكين دولة فلسطين والحكومة الفلسطينية من تولي مهامها ومسؤولياتها في قطاع غزة كما هو في الضفة مع ضمان الانسحاب الكامل لكيان الاحتلال من القطاع واستلام المعابر كافة بما فيها معبر رفح من الجانب الفلسطيني، ومعبر كرم أبو سالم وفق خطة تعافي وإعادة إعمار متفق عليها فلسطينيا ومصريا وعربيا باشراك جهات دولية فاعلة وحشد الدعم اللازم لتنفيذها في أسرع وقت، من شأن ذلك كله تجنيب شعبنا المزيد من المعاناة واستعادة اللحمة بين شقي الوطن تمهيدا لإجراء انتخابات ديمقراطية عامة رئاسية وتشريعية تجري في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة.
وما تقييمك لصفقة تبادل الأسرى بعد نجاح عدد من الدفعات السابقة؟
لدينا إيمان في فلسطين بأن باب السجن لا يغلق على أحد، وبأن كل صفقة تبادل تشكل نبراس أمل للأسرى للتخلص من عذابات معسكرات الاعتقال الفاشية. العديد من الاسرى قضى محكومية عالية وصلت إلى أربعين عاما وعندما أفرج عنه كان أكثر قوة وصلابة، والعديد من الأسرى خرجوا في صفقات تبادل سابقة ليعاودوا الالتحاق بعملهم الوطني، وهذه الصفقة كغيرها أعادت لم شمل عائلات فلسطينية عديدة بعد سنوات طويلة من الاعتقال، لكنها انطوت على فرحة ممزوجة بالمرارة كون الثمن كان باهظا هذه المرة. بالرغم من ذلك فان استكمالها حتى النهاية وضمان الحرية لأكبر عدد من الأسرى هو مكسب وطني بامتياز وهو انتصار للسجين على السجان. لكن نوايا كيان الاحتلال والتي لم تعد سرا بالعودة إلى الحرب وتدمير ما تبقى من قطاع غزة باختلاقه الذرائع الواهية والتلكؤ في تنفيذ الاتفاق قد تؤثر على سير العملية.
وكيف قرأت تأجيل إسرائيل الإفراج عن الدفعة الأخيرة من الأسرى الفلسطينيين؟
ما حصل في الأيام الأخيرة من تأخير وتأجيل لإطلاق سراح الأسرى مؤشر خطير ينذر بانتكاسة لاتفاق وقف إطلاق يسعى لها مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، ويدفع باتجاهها للخلاص من مقصلة إعدامه السياسي التي تنتظره لحظة توقف الحرب.
وفق حديثك يواجه اتفاق وقف إطلاق النار العديد من الصعوبات في التنفيذ بين الحين والآخر ولكن بجهود مصرية وقطرية يتم احتواء الموقف.. فما تعليقك على تلك الجهود؟
لا بد من الإشادة بالجهود المصرية القطرية في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، والمتابعة الحثيثة لتنفيذ بنوده وسحب البساط من أمام كيان الاحتلال لعرقلته، وندعو إلى جبهة عربية واقليمية ودولية عريضة للانضمام إلى هذه الجهود وممارسة كل أشكال الضغط المتاح على كيان الاحتلال لمنعه من التملص، وإلزامه بتنفيذ كافة المراحل وصولا إلى إعادة الإعمار الذي يشكل ركيزة أساسية في منع التهجير.
لو تحدثنا أكثر عن الجهود المصرية الواسعة لوضع حد للعدوان وتخفيف معاناة سكان غزة في إطار دعمها المستمر للقضية الفلسطينية.. كيف تقيمون هذا الدور المصري؟ وبماذا تصف التحركات المصرية المتسارعة لإعادة إعمار قطاع غزة ومنع التهجير القسري لسكانه؟
كان للأشقاء في مصر دورا يعتبر غاية في الأهمية بمنع التهجير أثناء الحرب، والإصرار على تقديم يد العون لدعم صمود الغزيين على أرضهم، والحنكة المصرية التي استشعرت خطر التهجير مبكرا كانت حاضرة أيضاً للرد على دعوات التهجير وخاصة ما ورد على لسان الرئيس الأمريكي، في سابقة خطيرة، بطلبه من مصر والأردن استقبال الفلسطينيين على أرضهم، فكان الرد المصري بخطة إعادة إعمار بالتنسيق مع دولة فلسطين ترتكز على إبقاء الفلسطينيين على أرضهم دون تهجير، وتقليص الزمن اللازم لإعادة الإعمار مع ضمان زيادة حجم المساعدات الإنسانية لهم لزيادة مناعتهم ولضمان صمودهم وحشد الدعم اللازم للخطة وتنفيذها بأوسع مشاركة عربية ودولية.
هناك قمة عربية طارئة بالقاهرة لمناقشة تطورات فلسطين بعد أيام يترقبها الجميع... ماذا تتوقعون منها؟
الخطة المصرية ستوضع أمام القادة العرب في قمتهم المقبلة الطارئة بالقاهرة لتبنيها ودعمها في مواجهة دعوات التهجير، التي ترتقي إلى اعتبارها جريمة حرب وتطهير عرقي سيكون الرد الأبلغ الذي سيقلب السحر على الساحر.
وإجمالا، فإن انعقاد القمة العربية الطارئة في هذه الظروف الصعبة والمعقدة يأتي في سياق دعم الجهود المبذولة لتثيبت وقف إطلاق النار، واتاحة المجال امام اعادة الاعمار ورفض أفكار ومخططات التهجير من أي طرف كان.
وأمام القادة العرب جملة من التحديات تهدد المنطقة في ظل الأطماع الصهيونية والتلميحات الامريكية بتوسيع حدود كيان الاحتلال، مما يستدعي موقفا واضحا وصارما برفض كل هذه الطروحات قولا وفعلا ودعم صمود الشعب الفلسطيني على ارضه بكل الاشكال المطلوبة وتبني خطة اعمار تضع حدا لكل الأحلام الصهيوأمريكية بتهجير الفلسطينيين.
ونتطلع إلى القادة العرب بأن يتبنوا إعادة إعمار غزة عربياً مع تحميل كيان الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الخسائر البشرية والمادية، ومطالبته بدفع ثمن اعادة الاعمار والتعويضات للمنكوبين واعتبار ذلك حقا لا يسقط بالتقادم.
كما نتطلع للقادة العرب بأن يصطفوا خلف موقف داعم لمواقف الأشقاء في مصر والأردن والسعودية، الذين رفضوا التهجير بشكل قاطع، وأن توفر لهم كل أسباب الثبات على مواقفهم في وجه التهديدات الأمريكية.
ونتطلع إلى هذه القمة بأن تكون محركا لإعادة إحياء عملية السلام في المنطقة من خلال دعم المؤتمر الدولي في يونيو القادم، والاستفادة من حجم التعاطف والتأييد الدولي على المستويين الشعبي والرسمي لإلزام كيان الاحتلال على انهاء احتلاله، باستخدام كل الوسائل المتاحة بما في ذلك فرض العقوبات عليه وعزله دولياً وإخضاعه للانصياع إلى الشرعية الدولية.
في ظل التحديات الإقليمية والدولية، كيف يمكن للفلسطينيين استثمار التحركات الدولية والعربية لتعزيز الموقف الوطني ومواجهة مشاريع التصفية؟
العالم أصبح اليوم أكثر قناعة بأنه لا أمن ولا استقرار في المنطقة والعالم إلا بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، ولن يتأتى ذلك إلا بزوال الاحتلال.
هذا يعني أن هناك أمل لإحياء عملية السلام لضمان حصول الفلسطينيين على حقوقهم والبدء في حل الدولتين؟
العالم مقتنع بالفعل بذلك، عبر منح الفلسطينيين حقهم في تقرير مصيرهم على أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئين وفق ما أقرته الشرعية الدولية، لهذا فإننا ندعو إلى حشد الطاقات وتذليل العقبات لضمان إنجاح المؤتمر الدولي للسلام في يونيو المقبل، والذي يأتي برئاسة مشتركة من المملكة العربية السعودية وفرنسا لإلزام كيان الاحتلال على احترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والبدء بمسار يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية ضمن إطار زمني محدد وبضمانات دولية.
وتعليقك على ما تشهده الضفة الغربية من تصعيد إسرائيلي وهل تستهدف تل أبيب وتحويلها إلى غزة أخرى؟
وبالرغم من الأهمية المطلقة لإعادة إعمار قطاع غزة إلا أن ما تشهده الضفة الغربية من توسيع دائرة العدوان عليها من عمليات قتل وتهجير لسكانها وتدمير البنى التحتية في مدنها وقراها ومخيماتها، أصبح يشكل خطرا إضافيا يتطلب معالجة جذور هذا الصراع وعدم الاكتفاء بالتعامل مع نتائجه.