عددهم سيكون 200 مُشرفاً عام 2022..

حضرت البرامج الزراعية في الفضائيات.. واختفى المرشد الزراعي

الجمعة، 11 أكتوبر 2019 09:00 ص
حضرت البرامج الزراعية في الفضائيات.. واختفى المرشد الزراعي
متابعة الزراعات والعودة لتعيين المُرشدين الزراعيين
كتب ــ محمد أبو النور

المُرشد الزراعى، أو المُشرف الزراعى، كان ــ منذُ رُبع إلى نصف قرن ــ كلمة السرّ فى منظومة الزراعة المصرية، بكل محافظات مصر دن استثناء، كان يجوب الزراعات، بالقرى والعِزب والنجوع فى الريف، لايمنعه عن أداء دوره وواجبه الوطنى حرارة الصيف وقيظه، ولا برودة الشتاء وأمطارها ورياحها وعواصفها، كنت تشاهده فى الصباح الباكر، وحتى ميل الشمس إلى الغروب، يتنقّل بين الحقول والزراعات، من حوضٍ إلى حوض، ينصح هذا المُزارِع، ويعتب على آخر، لأنه يروى زراعته فى عِزّ الحر، ويطلب من ثالث، أن يُسرع فى تنقية الحشائش، حتى لاتكون سبباً فى تكاثر الفراشات، ووضع البيض أو "اللُطع" على أوراق نباتات القطن، والذرة وغيرها من المحاصيل، هكذا كان المُرشد الزراعى، طوال موسم الزراعة، بجسده النحيل، وعلى رأسه "برنيطة" أو مانسميه اليوم "كاب"، أو شمسية للوقاية من حرارة الشمس صيفاً، وقد تحوّل لون وجهه إلى اللون الأسود، هكذا كان المُرشد الزراعى، بكل هذه المواصفات، ولكن الآن فقد اختفى بلا رجعة، ولم يعُد يمر على الحقول.

متابعة واهتمام بالزراعات
 

 

مساحات زراعية تحتاج لمُرشدين زراعيين

مع النهضة الزراعية، التى شهدتها مصر، خلال النصف قرن الأخير، فقد تغيّرت خريطة الرِقعة الزراعية، ولم تعُد كما كانت منذ 50 عاماً، حيث تجاوزت المساحات الزراعية، الأراضى القديمة، وتمددت فى الصحارى، شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، حتى بلغت 10,5 مليون فدان، أراضى قديمة وصحراوية مُستصلحة حديثاً، حسب تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وتقارير وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، وكان من الواجب، أن يُقابِل زيادة هذه المساحة، وجود مُرشدين زراعيين جُدد، غير أن الذى حدث، كان على العكس من ذلك تماماً، حيث توقف تعيين المُشرفين أو المُرشدين الزراعيين، ولم تجد هذه المساحات المُستصلحة حديثاً، من يسأل عنها ويتابعها زراعياً، من المُشرفين و المُرشدين الزراعيين، فكان الحلّ هو البحث عن بديل، وهو ماظهر مع تقدم وسائل الاتصال والصحافة والإعلام، والتى تدرّجت شيئاً فشيئاً، حتى حلّت محل المُرشد الزراعى، بل وتفوقت عليه، فى عنصرى الوقت والكفاءة.

فحص الزراعات كانت مسئولية المُشرف والمُرشد الزراعى
فحص الزراعات كانت مسئولية المُشرف والمُرشد الزراعى

 

المُرشد الزراعى يختفى من الحقول

ونظراً لأن هذه الأزمة، ليست وليدة اليوم، فقد وجدت من يتحدث عنها، ويُحذّر من تداعياتها، خلال السنوات الماضية، ففى أغسطس عام 2017، انتقد النوبي أبو اللوز، الأمين العام لنقابة الفلاحين الزراعيين وقتها، فى تصريحات صحفية اختفاء دور المُرشد الزراعي، على مدار السنوات الماضية، وأشار إلى أن الدولة أخطأت، حينما أوقفت تعيين مُرشدين زراعيين جُدد، وأوضح أننا نعاني من أزمة شديدة، في توفير مُرشدين زراعيين الآن، خاصة وأن لدينا 27 كُليّة زراعة، وأكثر من معهدين خاصين، وحوالى مليون مهندس زراعي، 60% منهم يعانون من شبح البطالة.

زراعة القطن والمُرشد الزراعى مع المزارعين
زراعة القطن والمُرشد الزراعى مع المزارعين

 

وقال الأمين العام للفلاحين، إن عدم توافر مرشدين زراعيين، أدى لتراجع إنتاج المحاصيل الزراعية، وإخراجها بأفضل جودة، كما كان من قبل، ونوّه إلى أن تراجع الإرشاد الزراعي في مصر، كان أحد أسباب اتجاه العديد من الدول، مثل روسيا واليابان وأمريكا والسعودية والسودان والكويت، لوقف استيراد الخضار والفاكهة المصرية لتدنى مستواها، وأكد وقتها أن عدد المرشدين الزراعيين قليل بالنسبة لعدد القرى، وأشار إلى وجود 2130 مرشداً زراعياً فقط، يخدمون 6500 قرية، ولفت إلى أن هناك 4370 قرية خالية تماماً من دور المرشد الزراعى، وشدد "أبواللوز"، على أن دور الإرشاد الزراعي، من الأدوار الأساسية، التي تسهم في تحسين الأداء، لزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية، والحد من استيراد الحبوب، وتقليل نسبة الأسمدة والتقاوي واستهلاك المياه، وتطبيق الممارسات الجيدة فى الزراعة، مطالباً بضرورة زيادة ميزانية قطاع الإرشاد الزراعي، كما كان من قبل، لتفعيل دوره، والعمل على زيادة الإنتاج، من المحاصيل الزراعية، في الأراضي القديمة، ولفت إلى أن هناك 7200 جمعية زراعية، تخلو من المُرشدين الزراعين، بالإضافة إلى أن المُرشدين الحالين، تتراوح أعمارهم ما بين 57 إلى 59 عاماً، ونتيجة لكبر سنهم، لا يتواجدون على رؤوس الحقول، لإرشاد الفلاح، وأشاد "أبواللوز"، بدور قناة مصر الزراعية، في توعية الفلاح وإرشاده، غير أنها لا تستطيع تعويض الدور الرئيسي للمُرشد الزراعي، وأشار إلى أن غياب المُرشد الزراعي، يعرقل خطة وزارة الزراعة، في إعادة هيكلة الحقول الإرشادية، المملوكة للوزارة، والتى تُمثّل ثروة قومية، لنشر أساليب الزراعة الحديثة المتطورة، بين المُزارعين، وتلعب دوراً محورياً، فى زيادة الإنتاج، على طريق توفير من 30 إلى 40%، من مياه الرى وتقليل التقاوى والأسمدة لـ50% مع زيادة الإنتاجية.

متابعة الزراعات
متابعة الزراعات

 

أزمنة المُرشدين الزراعيين فى البرلمان

وقف تعيين المُرشدين الزراعيين، والنقص الحاد في عددهم، ليس وليد هذا العام، ولا العام الذي سبقه، بل هذه المشكلة، بدأت منذ سنوات، وبالتحديد منذ عام 1984، عقب وقف تعيين أوائل خريجى كليات الزراعة مُرشدين زراعيين في المحافظات، وهو ما دفع نواب الشعب خلال هذه السنوات، لتقديم الأسئلة وطلبات الإحاطة والاستجوابات لتدارك هذا النقص، وكان من ضمن هذه الصيحات والتحذيرات، ما كان في مايو من عام 2017، عندما وجه النائب خالد مشهور، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، طلب إحاطة للمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء السابق وقتها، بشأن أزمة عدم توافر مرشدين زراعيين في مصر، وأشار مشهور- حينها - إلى أن الحكومة أخطأت، حينما أوقفت تعيين مُرشدين زراعيين جُدد، خاصة أننا نعانى من أزمة شديدة، في توفير مُرشدين زراعيين الآن، وطالب مشهور- حينها - بضرورة زيادة ميزانية قطاع الإرشاد الزراعي، كما كان من قبل، لتفعيل دوره، والعمل على زيادة الإنتاج من المحاصيل الزراعية في الأراضي القديمة، وأشار إلى أن انخفاض ميزانية قطاع الإرشاد بوزارة الزراع لـ230 ألف جنيه عام 2015، مقابل 8,5 مليون جنيه في عام 2014، هو أحد أهم أسباب، تراجع دور الإرشاد الزراعى في خدمة الفلاح، بالإضافة إلى عدم توفير وسيلة مواصلات، للمرشدين الزراعيين، وعدم تعيين شباب أوائل الخريجين بالمحافظات، كمرشدين زراعيين منذ 1984.

الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين
الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين

 

سيد خليفة يستغيث

الشكاوى من تردي حال المرشدين الزراعيين ونقصهم، بل وأنهم أوشكوا على الانقراض في مصر، لم تكن شكوى وصيحة النواب فقط، بل إن نقيب الزراعيين الحالى، ورئيس قطاع الإرشاد الزراعي السابق بوزارة الزراعة، جاهر وكرر الاستغاثة وطالب المسئولين في الوزارة والحكومة، أن يتداركوا هذا، عندما قال الدكتور سيد خليفة، إن ميزانية القطاع، 200 ألف جنيه فقط، ضمن الموازنة العامة للدولة، التي أقرها البرلمان، للعام المالي (2017-2018)، ولفت خليفة إلى أن القطاع يعاني من نقص التمويل والعنصر البشري، وتابع خليفة، أن قطاع الإرشاد الزراعي، يعانى العديد من الأزمات، التي تعصف بدوره المهم في الاقتصاد المصري، والمتمثل في التنمية الزراعية المستدامة، وحماية البيئة، والحفاظ على التنوع الحيوي، وما ينتج عن ذلك من آثار، وواصل شرح الأوضاع قائلاً: ( قطاع، الإرشاد الزراعي أصبح لديه الآن 1500 مهندس فقط، يعملون على 6 آلاف قرية و8 ملايين فدان في الأراضي القديمة).

وأوضح رئيس القطاع السابق، في تصريحات صحفية له، أن ميزانية القطاع في التسعينيات كانت 45 مليون جنيه، وكان لدينا 25 ألف مهندس زراعي، وفي عام 2022 لن يكون لدينا سوى 200 مهندس زراعي فقط، نتيجة وصول باقي المهندسين الزراعيين لسن المعاش، في ظل عدم تعيين مهندسين جُدد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق