في ذكرى تأميم قناة السويس الـ61.. حيوا الرجال السمر فوق السفينة

الأربعاء، 26 يوليو 2017 03:01 م
في ذكرى تأميم قناة السويس الـ61.. حيوا الرجال السمر فوق السفينة
قناة السويس
إسراء سرحان

«حيوا الرجال السمر فوق السفينة.. حيوا اللي جاهد عشان ما يفرح وادينا.. قنالنا تحكى لهم حكاية جهادنا.. شاوروا لهم .. غنوا لهم.. وقولوا لهم.. ريسنا قال مفيش محال.. راح الدخيل وابن البلد كفّى»، عبر الشاعر المصري صلاح جاهين بهذه الكلمات عن فرحة شعب بتأميم القناة، القرار الذي اتخذه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وكان بمثابة طلقة فى وجه الغرب.

وسط الجماهير الغفيرة بميدان المنشية في الإسكندرية، يوم 26 يوليو 1956، أعلن الزعيم الراحل، تأميم شركة قناة السويس، القرار الذي استقبله المصريون باحتفاء كبير في كل ميادين الجمهورية، ومازال حتى الأن يحتفل الشعب المصري،اليوم، بمرور 61 عامًا على تأميم القناة وكانت كلمة السر التى اطلقها الرئيس الراحل " هى دليسبس" وكانت بداية التحرك لأشخاص بعينهم سبق اختيارهم لتنفيذ هذه المهمة.

الأسباب والأزمات التى أدت إلى تأميم القناة

1_محاولات السماح بمرور السفن الإسرائيلية

أثارت إسرائيل موضوع السماح لسفنها بالمرور في قناة السويس، حتى يمكن للمفاوض البريطاني النص على ذلك ضمن نصوص اتفاقية الجلاء، التي يجري إبرامها، بين مصر وإنجلترا.

فافتعلت الحادثة التالية: اشترت إسرائيل إحدى السفن التابعة لكوستاريكا والتي ترفع علم كوستاريكا، وكانت هذه السفينة عبرت قناة السويس وغيرت اسمها إلى (بات جاليم) ورفعت عليها العلم الإسرائيلي ودفعتها للمرور في قناة السويس من جهة بورسعيد يوم 28 سبتمبر 1954م، وقبضت السلطات المصرية على طاقم السفينة بسبب قتله اثنين من الصيادين وتقدمت كل من مصر وإسرائيل بشكوى إلى مجلس الأمن، وتم التحقيق في هذا الموضوع بمعرفة لجنة الهدنة وانتهى التحقيق إلى أن السفينة لم تخرق شروط الهدنة، وسعت بريطانيا حتى أفرجت السلطات المصرية عن طاقم السفينة وتم مصادرة حمولتها بعد 3 شهور، ولم يتخذ قرار من مجلس الأمن بشأن قرار الأمم المتحدة الصادر عام 1951م بشأن رفع القيود المصرية المفروضة على الملاحة الإسرائيلية بقناة السويس، وتم تطبيق اتفاقية الجلاء دون أن تحصل إسرائيل على مرادها.

 وقد حاولت بريطانيا بكل السبل والطرق الدبلوماسية الضغط على مصر لإنهاء تدخلها في حرية الملاحة الإسرائيلية عبر قناة السويس، كما تم مناقشة الموضوع في مجلس العموم البريطاني في 20 يوليو 1955م.

2_ محاولات مد امتياز القناة

لم يغب عن الحكومة المصرية، عقب ثورة يوليو، الأهمية الاقتصادية لقناة السويس بالنسبة إلى مصر ودول العالم أجمع، وأدركت ضآلة ما تحصل عليه مصر من أرباح، إذ كانت نسبتها لا تزيد عن 5% من أرباح القناة.

كما أدركت الحكومة الأهمية العسكرية للقناة، إذ كان يعبرها، في ذاك الوقت، 60 ألف جندي بريطاني في طريقهم إلى دول الكومنولث، وكان لبريطانيا قواعد عسكرية في المدن الرئيسية للقناة وعلى امتدادها.

كانت بريطانيا تملك 44% من إجمالي أسهم القناة، وكان يديرها إدارة أجنبية، لذلك كان طبيعياً أن يعبر( مستر إيدن) وزير خارجية بريطانيا ورئيس وزرائها عن أهمية القناة في خطاباته بقوله: "القناة هي وريد الدورة الدموية للبترول في العالم". وقد كررها مرات عديدة في خطاباته.

أعلنت بريطانيا، في مايو 1956م عن أهمية اتخاذ الترتيبات اللازمة لضمان مستقبل القناة بعد انتهاء مدة امتيازها، وطلب مدير الشركة الفرنسي من شركات البترول مساندته في مد امتياز الشركة لمدة (20) سنة أخرى بعد انتهاء فترة الامتياز الأخرى في عام 1968م.

كانت بريطانيا تخشى على القناة من الرئيس جمال عبد الناصر، وتنظر دائماً إلى القناة على إنها مؤسسة دولية، وضرورة إبعاد سيطرة عبد الناصر عليها باعتبارها ممراً ملاحياً دولياً.

استشعر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، تغلغل النفوذ الأجنبي الذي عانته مصر طويلاً، فعقد العزم على اتخاذ قرار التأميم عندما تحين اللحظة المناسبة.

تأميم قناة السويس

اتخذ جمال عبد الناصر قرار تأميم قناة السويس ظهر يوم السبت، 21 يوليو 1956م الموافق 13 ذي الحجة سنة 1375هـ، ثالث أيام عيد الأضحى المبارك، رداً على قرار البنك الدولي والولايات المتحدة وبريطانيا بسحب تمويلهم لبناء السد العالي، والذي علم به جمال عبد الناصر يوم الخميس 19 يوليو 1956م.

خطة تنفيذ قرار تأميم القناة والاستيلاء علي مرافقها:

كان عبد الناصر يحرص علي أن يحقق السرية التامة والمفاجأة، لذا لم يصرح بقرار تأميم قناة السويس إلاّ عندما استدعى المهندس محمود يونس، رئيس الهيئة العامة للبترول، في ذلك الوقت، في يوم 24 يوليو 1956م، إلى مقر مجلس الوزراء وأبلغه بعزمه على تأميم قناة السويس، وأنه سيصدر قرار بذلك مساء يوم 26 يوليو 1956م أثناء خطبته في الإسكندرية، وكلفه بتنفيذ هذه المهمة، وفي اللقاء نفسه، استدعى الرئيس جمال عبد الناصر المهندس عبد الحميد أبو بكر سكرتير عام الهيئة العامة للبترول في ذلك الوقت، وأبلغه بأنه قرر تأميم قناة السويس، وأنه مكلف مع المهمة.

تأميم قناة السويس 1111
 
نص قرار التأميم

باسم الأمة‏..‏ باسم الأمة

رئيس الجمهورية‏..‏

مادة‏ 1:‏ تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية‏،‏ وينتقل الي الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات‏,‏ وتحل جميع الهيئات واللجان القائمة حاليا علي إدارتها‏،‏ ويعوض المساهمون وحملة حصص التأسيس عما يملكونه من أسهم وحصص بقيمتها‏، مقدرة بحسب سعر الإقفال السابق علي تاريخ العمل بهذا القانون في بورصة الأوراق المالية بباريس‏، ويتم دفع هذا التعويض بعد إتمام استلام الدولة لجميع أموال وممتلكات الشركة المؤممة‏.‏

نص خطاب التأميم
 

ردود الأفعال

بريطانيا

هاجمت وسائل الإعلام البريطانية الزعيم الراحل، وشبهته بـ"هتلر" و"ستالين"، كما اعتاد أن يشبهه انتني إيدن، رئيس الوزراء البريطاني، في ذلك الوقت، وطالبت بضرورة التصدي له وتحجيمه قبل أن يزداد خطره.

علق أنتوني إيدن على هذه الخطوة ، غاضبًا من عبد الناصر: "لقد ذهب بعيدًا، لقد فقد صوابه، ولا بد أن نعيده إليه".

وقال إيدن في اجتماع مجلس الوزراء الذي عُقد لمناقشة ما حدث: "أيها السادة، إنكم علمتم ما حدث في مصر، إن المصري قد وضع إصبعه على قصبتنا الهوائية، ويجب أن لا نكتفي برفع إصبعه عن رقبتنا، ولكن يتعين علينا أن نقطع يده".

تبلورت خطة بريطانيا في إسقاط عبد الناصر من خلال فرض العقوبات الاقتصادية على مصر، وتجميد الأرصدة المصرية لديها، والتي كانت تبلغ في ذلك الوقت 113 مليون جنيه إسترليني، ومنعت شحن البضائع لمصر، كما فرضت الرقابة على جميع حسابات البنوك المصرية فيها، وفقًا لكتاب "أزمة السويس" للدكتورة لطيفة محمد سالم.

اخطر أزمة لبريطانيا
 

فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية

لم تقف ردة فعل قرار تأميم القناة عند بريطانيا فقط، حيث امتد الأمر إلى فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، فتضامنت فرنسا مع بريطانيا من خلال رفضها دفع رسوم عبور القناة، أما الولايات المتحدة أصدرت قرارًا بتجميد أرصدة مصر لديها، كما حاولت حكومات البلدان الثلاثة الضغط على مصر وتهديدها باستخدام القوة، بالإضافة إلى ضغطها اقتصاديًا على مصر.

 ثم وجهت بريطانيا الدعوة إلى 23 دولة لحضور مؤتمر لندن في 16 أغسطس 1956، وأعلنت فرنسا وبريطانيا تعبئة الاحتياطي، وأذيع رسميًا تحرك قواتهما وأساطيلهما.

 بدأت الدول المتضررة من قرار التأميم التفكير في مقاطعة القناة، وتحويل سفنهم إلى طريق رأس الرجاء الصالح، واستخدام الطائرات بين أوروبا والشرق، وحفر قناة بديلة في إسرائيل تربط خليج العقبة بالبحر الأبيض المتوسط، وإنشاء خطوط أنابيب لنقل البترول من الشرق لأوروبا.

الرئيس يحظر بريطانيا وفرنسا

العدوان الثلاثي
 
وكان تأميم قناة السويس سببًا للعدوان الثلاثي الذي قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر.
 
العدوان الثلاثى على مصر
 

كما هاجم "منزيس"، رئيس وزراء أستراليا، قرار التأميم، مؤكدًا أنه يخالف القانون، وقال: "إن ترك مصالحنا الحيوية لنزوة إنسان واحد سيكون انتحارًا، إننا لا نستطيع أن نوافق على ما قام به ناصر".

 أما رئيس وزراء نيوزيلندا فقال: "أينما تقف بريطانيا فنحن نقف، وأينما تذهب فنحن نذهب في الأوقات الطيبة والأوقات العصيبة". 

اقرأ أيضًا :

اليوم..44 سفينة عبرت قناة السويس بإجمالى حمولات مليونين و700 ألف طن

اقتصادية قناة السويس: 18 سفينة إجمالي الحركة بموانئ بورسعيد 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق