المفتي: السلف دأبوا على الاحتفال بمولد النبي
الجمعة، 15 أكتوبر 2021 11:05 م- المولد النبوي الشريف يمثِّل أعظم إطلالة للرحمة الإلهية على الخلق أجمعين - النبي محمد صلى الله عليه وسلم بلغ الكمال في كل صفة بشرية - الاحتفال بذكرى المولد النبوي يمدنا بمزيد من الأملِ والنور ويَشد على أيدِينَا وسواعِدِنا - ينبغي التأسي بأخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتحلي بها قال شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم هو ميلاد الرحمة للبشرية جمعاء، حيث ولد صلى الله عليه وسلم في ليلة 12 من شهر ربيع الأول، وهي الليلة التي استضاء الكون فيها بأنواره الشريفة، وعم النور على كل الأرض واستبشر بمولده الكون. جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مؤكدًا فضيلته أن المولد النبوي الشريف يمثِّل أعظم إطلالة للرحمة الإلهية على الخلق أجمعين، فكانت رحمته صلى الله عليه وسلم دائرتها واسعة شملت العام والخاص والعدوَّ والصديق والمحسن والمسيء على حد سواء، بل من ظنَّ انحصار رحمته صلى الله عليه وسلم في المسلمين خاصة فقد ضَيَّق واسعًا؛ لأن سعة رحمته كما كانت مع المسلمين، فقد كانت أيضًا في إقالة العثرات للجميع، وذلك وصف مقرر ومعروف من خُلقه الكريم. ولفت المفتي النظر إلى أن سلفنا الصالح منذ القرنين الرابع والخامس قد درجوا على الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم بإحياء يوم المولد بشتى أنواع الطاعات والقربات، وإشاعة مظاهر الرحمة من الفرح والسرور والإطعام والتهادي؛ فرحًا منهم بمولده صلى الله عليه وسلم، ومحبةً منهم لما كان يحبه، عرفانًا بحسن فضائله وسردًا لجميل شمائله وتذكرة بأخلاقه القويمة حتى تتعلق النفوس والعقول بحضرته الشريفة. وقال مفتي الجمهورية: نصَّ العلماء على استحباب إظهار السرور والفرح بشتى مظاهره وأساليبه المشروعة في الذكرى العطرة لمولده الشريف صلى الله عليه وسلم، مؤكدًا أن مقامَ النبي كبيرٌ يستدعي أن نقف إعزازًا وتوقيرًا وتبجيلًا له صلى الله عليه وسلم. وذكر فضيلة المفتي العديدَ من مواقف الرحمة والمحبة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومنها عندما دخل يومًا إلى بستان في المدينة فإذا بجملٍ قد أتاه فجرجر، ولما رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم حَنَّ وذرفت عيناه، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره وأذنيه فسكن، فقال: من صاحب الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّككها الله؟! إنه شكا إليَّ أنك تجيعه وتدئبه (تتعبه). وأضاف فضيلته أن بعض العلماء كتب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فيما يزيد عن 16 مجلدًا، وأوجزها القاضي عياض المالكي رحمه الله في كتابه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى". وما قاله القاضي عياض في كتابه شفى الصدور والأرواح، حيث أثبت في الكتاب أجمل الصفات للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال إنه بلغ الكمال في كل صفة بشرية، وضرب لذلك أمثلة كثيرة. وأشار فضيلة المفتي إلى أن الاحتفال بهذه الذِّكرى العطرة يمدنا بمزيد منَ الأملِ والنور والبِشرِ لِتَشُدَّ على أيدِينَا وسواعِدِنَا كي تَتَوحَّدَ كلمَتُنا وتَنطلقَ مساعِينَا نحوَ البناء والعمران؛ رغبةً في استعادةِ الرُّوحِ المُحبَّةِ للحياةِ والمقبلةِ عليها. وأكد المفتي أن الأسرة الآن في حاجة إلى هذا الهدي النبوي الشريف في العلاقة بين الزوج والزوجة والأولاد، ولا بد أن نستحضر الهدي النبوي وخلق الرحمة في بيوتنا، فلم يؤثَر عنه عليه الصلاة والسلام ولا في رواية واحدة أنه ضرب إنسانًا أو حيوانًا، فهو حالة مسالمة مع الكون كله ومحب له، مضيفًا أننا نريد في زماننا هذا أن نجدَّ في العمل ونحافظ على الوقت ونعوِّد أولادنا على الخلق والمبادئ والمعاملة الطيبة لكل من حولنا. وطالب فضيلته بضرورة التأسي بأخلاقه صلى الله عليه وسلم والتحلي بها، ومنها رحمته، التي شملت أهله وأصحابه والأمة قاطبة، فقد كان صلى الله عليه وسلم خير الناس وخيرهم لأمته وخيرهم لأهله، فلم يسبق يومًا غضبُه رحمتَه، ولم يكن فاحشًا ولا متفحِّشًا، ولا صخَّابًا، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. [١ الافتاء: مفتي الجمهورية يواصل حديثه عن ذكرى المولد النبوي الشريف مع الإعلامي حمدي رزق. مفتي الجمهورية: - الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف والفرح بها من أفضل الأعمال وأعظم القربات - ترْك النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الأمور لا يدل على الحظر أو المنع - الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم شاهد على حبه وتعظيمه - المتطرفون يمثلون منظومة متكاملة من الابتعاد عن المنهج الحقيقي - شراء الحلوى والتهادي بها أثناء الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف مباح شرعًا كتبت منال القاضي قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم-: إن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف والفرح بها من أفضل الأعمال وأعظم القربات، ويندب إحياء هذه الذكرى بكافة مظاهر الفرح والسرور، وبكل طاعة يُتقرب بها إلى الله عز وجل، ويَدخُل في ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحَلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فرحًا منهم بمولده صلى الله عليه وسلم. جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد مؤكدًا فضيلته على أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم هو شاهد على حبه وتعظيمه، وهو أمر مستحبٌّ مشروع، له أصل في الكتاب والسنة، وقد درج عليه المسلمون عبر العصور، واتفق علماء الأمة على استحسانه، ولم ينكره أحد يعتدُّ به. ولفت فضيلة المفتي النظر إلى أن كل المظاهر التي تدل على الاحتفال بالرسول مشروعة حتى لو استحدثت في زماننا أو بعد زماننا ما دامت لا تتعارض مع أصول الشريعة. وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعظيمٌ واحتفاءٌ وفرح بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، والاحتفاء والفرح به أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنَّه عنوان محبته صلى الله عليه وسلم التي هي ركن الإيمان. وأضاف فضيلته أن المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي يُقصد به تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا. وردًا على سؤال بخصوص ما يُعرف بالحضرة أو مجالس الذِّكر قال فضيلة المفتي: إن ضابطنا الشرع الشريف، فما يفعله الإنسان من ذكر وصلاة وقراءة قرآن وحضور مجالس العلم فهو شيء طيب ويُثاب الإنسان عليه؛ وفي الأصل الذكر مستحب على كل حال، وما جاز أن يقوم به الإنسان وحده جاز أن يقوم به في جماعة، ولكن يجب الالتزام بالإجراءات الاحترازية؛ لأن الحفاظ على الإنسان أيضًا عبادة. وأكد مفتي الجمهورية أنّ الله أمر عباده المؤمنين بالاعتناء بإظهار شرف نبيّه المبين، وتعظيم شأن سيّد المرسلين صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين، واستغراق الوسع في ذلك بالمدح وكثرة الثناء، وتمام المتابعة والاقتداء. وأضاف المفتي أنّ إحسان الصلاة على النبي يحصّل بكل ما يؤكد مقاصدها ويبلغ مرادها، ويفصح عن الشرف النبوي، ويبين مظاهر الكمال المحمدي، اعتناءً واقتداءً وتمجيدًا وثناءً من غير تقيد بالوارد؛ كما قرره المحققون ودرج عليه العلماء والصالحون، سلفًا وخلفًا من غير نكير؛ حتى فعل ذلك الصحابة والتابعون، وتتابع عليه العلماء والأولياء والعارفون، عبر الأزمان والقرون، ولذلك ظهرت في الأمة الصيغ المتكاثرة للصلاة على سيد الدنيا والآخرة، صلى الله عليه وعلى عترته الطاهرة؛ كالصلاة التازية أو النارية وغيرها من الصلوات. وشدد المفتي على أن ترْك النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الأمور لا يدل على الحظر أو المنع، ولذلك فإن المسلمين قد أبدعوا كثيرًا من الأمور بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهي مشروعة لأن لها أصلًا في الدين. واختتم فضيلته حواره قائلًا: إن المتطرفين يضيِّقون واسعًا بهذا الفهم الخاطئ للترْك، وعليه يحرِّمون كثيرًا من الأمور كالاحتفال بالمولد النبوي بحجة أن النبي عليه السلام لم يفعلها، مضيفًا أننا نترك الأمر وننتهي لأجل النهي الثابت لذلك الأمر، ولا عبرة لكلام هؤلاء المتطرفين والذين يمثلون منظومة متكاملة من الابتعاد عن المنهج الحقيقي؛ فنحن نتعامل مع الأحاديث الشريفة بدرجاتها المختلفة حتى الضعيف نعتد به في فضائل الأعمال، أما المكذوب فلا نلتفت إليه.