مخطط «استدعاء الموتى».. الإخوان ومحاولات العودة
السبت، 09 أكتوبر 2021 08:00 م
لغز شقة حدائق الأهرام و8 ملايين دولار تكشف خطة جماعة الإخوان لإعادة تمويل الجماعات الإرهابية
صفوان ثابت ويحيى مهران وسيد السويركى وخالد الأزهرى.. رباعى التمويل الإخوانى الحرام لأحياء التنظيم
لا تتوقف جماعة الإخوان الإرهابية عن محاولات العودة في الداخل المصري، لكن تلك المحاولات تشبه استدعاء الموتى، بعدما تتلقى الجماعة الضربات القاصمة واحدة تلو الأخرى من الأجهزة الأمنية.
في تفاصيل قضية جديدة حاولت بها الجماعة العودة من تحت التراب، كشفت الأجهزة الأمنية مخطط متورط فيه رجل الأعمال الإخوانى صفوان ثابت صاحب شركة جهينة، ويحيى مهران عثمان كمال الدين صاحب أكبر شركة استيراد وتصدير ومحال للملابس الجاهزة، بعدما عثرت الأجهزة الأمنية وقطاع الأمن الوطني في شقة لديه على غرفة سرية كاملة على مساحة كبيرة مجهزة بباب مصفح، أرفف لتكديس الأموال، وبلغت المضبوطات 8 ملايين و400 ألف دولار وبعض المبالغ المالية الأخرى.
قضية العناصر الإخوانية الجديدة تنضم إلى قضية صفوان ثابت الأولى مع سيد السويركى مالك مجموعة محلات التوحيد والنور، وخالد الأزهري وزير القوى العاملة الأسبق في عهد المعزول محمد مرسى، بتهمة الانضمام إلى جماعة الإخوان الإرهابية وإمدادها بالأموال لتنفيذ مخططها لقلب نظام الحكم في البلاد، والقيام بعمليات اعتداء على رجال الشرطة والقوات المسلحة ومؤسسات الدولة المصرية والإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد، وقبل ذلك تمويل أنشطة الجماعة وأعمالها الإرهابية بملايين الجنيهات، عن طريق ضخ كمية كبيرة من الأموال في حسابات قيادات بالجماعة.
وفقا لتفاصيل التحقيقات في القضية الجديدة، فإن مخطط جماعة الإخوان هذه المرة استهدف في المقام الأول إعادة إحياء نشاط التنظيم الإرهابي، سقط القناع عن ذلك عندما نجح قطاع الأمن الوطني والجهات المعنية في ضبط شقة بحدائق الأهرام تم إخفاء ملايين الدولارات فيها واتضح أنها تعد لتمويل أعمال إرهابية.
وكشفت الأجهزة المعنية تورط الإخواني المدع يحيى مهران عثمان كمال الدين صاحب شركة استيراد وتصدير، في المخطط من خلال التواصل مع التنظيم الدولى باعتباره إحدى الأذرع الرئيسية للقيادي المحبوس صفوان ثابت، وقام الأخير بتكليفه ليستغل شركاته في عمليات إخفاء أموال التنظيم واستثمار عوائدها لصالح أنشطته الإرهابية.
نصت التحقيقات على أن الإخواني يحيى مهران استغل شقة حدائق الأهرام ليخفي أموال التنظيم، وبعد مداهمة الشقة وضبط الإخواني المذكور، عثرت القوات على غرفة سرية خزينة لإخفاء الأموال وبداخلها 8 ملايين و400 ألف دولار أمريكي وبعض العملات الأخرى.
ووجهت الجهات المختصة عدة جرائم للمتهمين تضمنت ارتكاب جرائم للإخلال بأمن الوطن والنيل من مقوماته الاقتصادية، وأنهم متورطون في الاتفاق مع قيادات التنظيم الإخوانى الهاربين خارج البلاد بعقد اجتماعات اتفقوا خلالها على وضع خطة للحفاظ على مصادر تمويل التنظيم مالياً، عن طريق لاتجميع العملات الأجنبية وتهريبها خارج البلاد والعمل على تصعيد حالة عدم استقرار سعر صرف الدولار، لإجهاض الجهود المبذولة من جانب الدولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي ينشده الوطن.
صفوان ثابت كان كلمة السر في هذه القضية، حيث يلعب دور المحور الرئيسي لإخفاء وتحويل الأموال وحلقة الوصل مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، وكشفت جهات التحقيق تورطه في القضية، ولذلك قررت جهات التحقيق منذ عدة أيام تجديد حبسه 15 يومًا؛ في عدة تهم منها تمويل الإرهاب ومشاركة جماعة أسست على خلاف القانون، وأسندت للمتهم ارتكاب جرائم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون، والدعوة للتظاهر بدون تصريح، والتحريض على العنف، وتمويل الجماعة الإرهابية ومجموعة أخرى من الاتهامات، وذلك في القضية رقم 865 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.
العنصر الثاني في هذه القضية هو السيد رجب السويركي، مالك محال التوحيد والنور، وتستكمل نيابة أمن الدولة العليا تحقيقات موسعة معه بتهمة ارتكاب مخالفات مالية وتمويل الإرهاب، وصادر بحقه قرار بتجديد حبسه 15 يوماَ في نفس قضية ثابت، ويتم التحقيق معه في عدد من التهم والمخالفات التي وقعت منه على مدار الأعوام الماضية تمثلت التهم في انتماء »السويركي« لجماعة الإخوان الإرهابية، كما أنه متورط في دعم الإرهاب.
أما خالد الأزهري وزير القوى العاملة الإخوانى الأسبق، والصادر أيضاَ بحقه قراراَ بتجديد حبسه 15 يوماَ في اتهامه بتمويل الإرهاب ومشاركة جماعة أسست على خلاف القانون. وأسندت جهات التحقيق للمتهم في القضية رقم 865 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، ارتكاب جرائم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون، والدعوة للتظاهر بدون تصريح، والتحريض على العنف، وتمويل الجماعة الإرهابية ومجموعة أخرى من الاتهامات.
يذكر أن "الأزهري" كان متهما في أحداث قضية حرق مبنى محافظة الجيزة، والتي تعود وقائعها في أعقاب فض اعتصام رابعة والنهضة، إلا أنه تم إخلاء سبيله في أكتوبر 2016، لتجاوزه فترة الحبس الاحتياطي المقررة قانونًا والمحددة بعامين كحد أقصى، ثم جرى القبض عليه مجددًا في ديسمبر 2020 بناء على قرار النيابة العامة بضبطه وإحضاره للتحقيق معه في القضية الجديدة موضع التحقيقات.
والأخير هو يحيى مهران صاحب أكبر شركات الاستيراد والتصدير ويعمل في مجال الملابس الجاهزة وارتبط اسمه بقضية تمويل جماعة الإخوان الإرهابية، بعد رصد قيامه بإخفاء ملايين الدولارات والعملات الأجنبية في شقة يمتلكها بحدائق الأهرام.
ما دلالة كشف مخطط تمويل الإخوان؟
يقول الباحث في الإسلام السياسي، عمرو فاروق، إن محاصرة جماعة الإخوان ومصادرة مؤسساتها الاقتصادية وتفكك تنظيمها وتعرضها لخسائر سياسية واجتماعية في الشارع المصري لا يعني انتهاء التنظيم كلية، وأن ثمة رغبة قوية لدى في العودة للحياة، من خلال توظيف مقومات العودة التي تملكها.
وعن دلالات ضبط شقة حدائق الأهرام تحدث فاروق إلى "صوت الأمة"، قائلا إن الإخوان في الأصل جماعة سرية، أكثر من كونها كيان دعوي أو سياسي أو اجتماعي، ومن ثم يطغى على طريقة تفكيرها طابع التنظيمات السرية، وليس المكونات السياسية، لذلك تتعاطي مع أطروحات عودتها، وإعادة ترتيب كتائبها التنظيمية من خانة الطرق الملتوية غير المشروعة، تهربًا من الضغوط الأمنية والشعبية ضد قيادتها وتوجهاتها.
وأضاف أن أدبيات التنظميات السرية تضع الاحتياطي المالي في قائمة الأولويات المستهدفة، اذ أن المال يعد المحرك الأساسي في عمليات التجنيد والاستقطاب للقطاعات الشبابية، والمحرك الفاعل في تنفيذ العمليات المسلحة، والمحرك الأهم في تمرير سيناريوهات تفكيك وحدة الجبهة الداخلية والإضرار بالامن القومي، واثارة الاضطرابات والفوضى وعدم الاستقرار، وتابع: لم تقو شوكة جماعة الإخوان إلا من خلال التوسع في الاستثمار المالي واقامة المشاريع الاقتصادية، والتمكن من السيطرة على كعكة التبرعات والصدقات والزكاة، الأمر الذي منحها القدرة في الهيمنة على الشارع واستمالة الدوائر الاجتماعية والشعبية تجاه مشروعها، وتقديم نفسها كبديل اجتماعي وسياسي، في ظل تراجع مؤسسات الدولة عن القيام بدورها لاسيما تجاه الطبقات المهمشة ماليًا واجتماعيًا.
أوضح عمرو فاروق أن تسيل الأموال وتخزينها في شقق سكانية عادة تمارسها جماعة الإخوان على نادر تاريخها، لاكثر من عامل، أهمها موقفها الشرعي من البنوك، ثانيها؛ التهرب من المتابعة الأمنية، ثالثها؛ الإفلات من المصادرة، رابعها؛ جاهزيتها للاستثمار التجاري السريع، خامسها؛ امكانية توظيفها في العمل التنظيمي بسهولة، مشيراً إلى أن وقائع القبض على قيادات الإخوان سواء خلال مرحلة نظام الرئيس مبارك أو في مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو والإطاحة بحكم المرشد، وثقت احتفاظهم بكميات كبيرة من الأموال، من عملات اجنبية متعددة.
وبيَّن عمرو فاروق أن تحقيقات عدد من القضايا الخاصة بقيادات جماعة وثقت بين سطورها تعمد تخزين الجماعة لكميات كبيرة من الأموال في شقق سكانية منذ سقوط حكم الإخوان، حتى تكون بعيدة تمامًا عن المراقبة الأمنية والمصرفية، ويسهل توظيفها واستخدمها في تمويل التظاهرات والعمليات النوعية المسلحة، ومخططهم في اسقاط مؤسسات الدولة المصرية وفقًا للقصة القرآنية "موسى والخضر" الواردة في سورة "الكهف"، مؤكداً أن جماعة الإخوان الإرهابية تعاني بشكل حقيقي ماليًا، نتيجة رفع الغطاء والدعم اللوجيستي والسياسي عنها من قبل قطر وتركيا لعدة اسباب منها؛ التقاربات والتفاهمات الحالية مع الجانب المصري، ومحاولة إعادة الأوضاع الدبلوماسية على سابق عهدها.
وأفرد قائلا إن مصادرة الجيب السري الخاص بصفوان ثابت وقيادات الجماعة يقطع الطريق أمام دعوات المصالحة التي تغنى بها الإخوان مؤخرًا، والتأكيد على أنه لا مجال للمساومة على دماء المصريين، واختيارات مسار المواجهة مع تنظيم الإخوان.
وأنهى حديثه بالتأكيد على أنه مازال المسؤول السري للإخوان داخل القاهرة يتحرك ولن يتوقف عن تضميد جراح التنظيم وإعادة بنائه في ظل تكبده خسائر فادحة على مختلف المستويات.