لا تخلو المعاملات اليومية للمواطنين مع موظفي الجهاز الإداري للدولة؛ من بعض المشادات الكلامية، أو ربما التعدي على موظف أثناء عمله، أو تعدي الموظف نفسه على المواطن مستحق الخدمة، ولا يعلم كثيرون العقوبات التي ينص عليها القانون المصري في تلك الحالات السابقة، فلا يوم يمر علينا دون وقوع أو حدوث مشاداة بين مواطن مستحق الخدمة وموظف عام.
وللوظيفة العامة حقوق وواجبات، ولكى يتمتع الموظف بحقوقه، لابد أن يلتزم بالواجبات الوظيفية التي حددتها الأنظمة واللوائح والقرارات، سواء النظام العام للخدمة المدنية ولوائحه، أو الأنظمة الوظيفية الخاصة، ومن أهم هذه الواجبات قيام الموظف بأداء أعمال وظيفته بالدقة والأمانة.
هل حمى القانون الموظف أثناء تأدية عمله وبعد العمل؟
في التقرير التالي، نلقى الضوء على كيفية حماية الموظف العام حال التعدية عليه بالقول أو الإشارة أو الأيدي سواء أثناء تأدية عمله أو بعد تأدية العمل، وذلك من خلال الإجابة على حزمة من الأسئلة تتمثل في جريمة التعدي على موظف عام ومقاومته، وما هي أنواع التعدى؟ وماذا إذا كانت الاهانة وقعت بعد أن انتهاء الموظف عن عمله وعند مقابلة المتهم له فى الشارع أرتكب الفعل؟ ما هي عقوبة التعدي المقرون بالضرب ونشأ عنه جرح؟ وهل يجوز مقاومة مأموري الضبط القضائي أثناء تأديتهم لواجبات وظائفهم على سند توافر إحدى حالات الدفاع الشرعي؟ وماذا لو كان مأمور الضبط القضائي سئ النية؟
ما هو تعريف جريمة التعدي على موظف عام ومقاومته؟
يقول الخبير القانوني والمحامى حسام حسن الجعفرى إن محكمة النقض عرفت جريمة التعدي على موظف عام بأنها كل قول أو فعل بحكم العرف فيه ازدراء وحط من الكرامة في أعين الناس، وأن لم تشمل قذفا أو سبا أو افتراء، ولا عبرة فى الجرائم القولية بالدلالة في الاسلوب مادامت العبارات مفيدة بسياقها معنى الاهانة وهذا ما أكدته بجلسة 22 فبراير 1933، طبقا للطعن رقم 1116 لسنة 3 ق، وهي من الجرائم المنصوص عليها في الكتاب الثاني من الباب السابع من قانون العقوبات، بشأن مقاومة الحكام وعدم الامتثال لأوامرهم والتعدي عليهم بالسب وغيره.
وأضاف الجعفرى أن هناك نوعين من التعدي، الأول أن يكون بالإشارة أو القول او التهديد، والثاني أن يكون بالقوة أو العنف، مضيفا أنه بشأن النوع الأول من التعدي أشارت إليه المادة 133 من قانون العقوبات: "من أهان بالإشارة أو القول أو التهديد لموظف عمومي أو أحد رجال الضبط أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه فإذا وقعت الاهانة علي محكمه قضائية أو إدارية أو مجلس أو علي احد أعضائها وكان ذلك أثناء انعقاد الجلسة تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد علي سنه أو غرامه لا تتجاوز 500 جنيه"، ونصت المادة 134 عقوبات: يحكم بالعقوبة المقررة بالفقرة الأولي من المادة السابقة إذا وجهت الإهانة بواسطة التلغراف أو التليفون أو الكتابة أو الرسم".
ماذا إذا كانت الاهانة وقعت بعد أن انتهاء الموظف عن عمله وعند مقابلة المتهم له فى الشارع ارتكب الفعل؟
قضت النقض: بأن المادة - 133 - من قانون العقوبات لا تعاقب على إهانة الموظف أثناء تأدية الوظيفة فقط، بل أيضا إذا كانت الاهانة لم تقع إلا بعد أن أنتهى الموظف عن عمله بساعة، وعند مقابلة المتهم له في الشارع ارتكب الفعل، فإن ذلك لا يمنع من العقاب، إذ إنه ليس فيه ما ينفى أن وقوع الاهانة كان بسبب تأدية الوظيفة.
أما بشأن النوع الثاني من التعدي أوضح الجعفرى أنه يتمثل فى منع الموظف من تأدية عمله بالقوة، لافتا إلى أن المادة 136 من قانون العقوبات نصت على: "كل من تعدى على أحد الموظفين العموميين أو رجال الضبط أو أي إنسان مكلف بخدمة عمومية أو قاومه بالقوة أو العنف أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها؛ يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه مصري".
ما هي عقوبة التعدي المقرون بالضرب ونشأ عنه جرح؟
نصت المادة 137 أشارت إلى ذلك الأمر: "إذا حصل مع التعدى أو المقاومة ضرب أو نشأ عنهما جرح تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تتجاوز 200 جنيه مصري، فإذا حصل الضرب أو الجرح باستعمال أية أسلحة أو عصى أو آلات أو أدوات أخرى أو بلغ الضرب أو الجرح درجة الجسامة المنصوص عليها فى المادة 241 تكون العقوبة الحبس".
ووفقا للمادة 137 مكرر عقوبات على أن: "يكون الحد الأدنى للعقوبات فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 133 و136 و137 خمسة عشر يومًا بالنسبة إلى عقوبة الحبس وعشر جنيهات بالنسبة إلى عقوبة الغرامة إذا كان المجنى عليه فيها موظفًا عموميًا أو مكلفًا بخدمات عامة بالسكك الحديدية أو غيرها من وسائل النقل العام ووقع عليه الاعتداء أثناء سيرها أو توقفها بالمحطات".
أما من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف، فنصت المادة 137 مكرر أ على: "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات كل من استعمل القوة أو العنف أو التهديد مع موظف عام أو شخص مكلّف بخدمة عامة ليحمله بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته أو على الامتناع عنه ولم يبلغ بذلك مقصده، فإذا بلغ الجانى مقصده تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات"، وتكون العقوبة السجن فى الحالتين إذا كان الجانى يحمل سلاحا، وتكون العقوبة السجن المشدد إلى 10 سنين إذا صدر من الجاني ضرب أو جرح نشأ عنه عاهة مستديمة، فيما تكون العقوبة السجن المشدد إذا أفضى الضرب أو الجرح المشار إليه فى الفقرة السابقة إلى الموت.
هل يجوز مقاومة مأموري الضبط القضائي أثناء تأديتهم لواجبات وظائفهم على سند توافر إحدى حالات الدفاع الشرعي؟
من قيود حق الدفاع الشرعي حظر مقاومة مأموري الضبط القضائي أثناء تأديتهم لواجبات وظائفهم مع توافر حسن النية، ولو تخطى هذا المأمور حدود وظيفته، والمقصود برجال الضبطية القضائية أعضاء النيابة العامة والشرطة وغيرها من الجهات المختصة ممن يستخدمون القوة الجبرية في ممارسة اختصاصاتهم، ويشترط هنا أن يكون العمل الذي يقوم به مأمور الضبط القضائي داخلا في اختصاص وظيفته، وأن يكون مأمور الضبط حسن النية، ويترتب عليه بطلان الحق في الدفاع الشرعي على الرغم من تحقق شروطه بمعنى أن سلوك المدافع حينئذ يكون غير مشروع .
ماذا لو كان مأمور الضبط القضائي سئ النية؟إذا كان مأمور الضبط القضائي سيئ النية أي يعلم بأن ما يقوم به غير مشروع ومخالف لواجبات الوظيفة، فليس له الحق في استعمال حق الدفاع الشرعي، وإذا اعترض المعتدى عليه، ومنعه من إتمام ذلك العمل المخالف، فيحق له منعه باستخدام حق الدفاع الشرعي.
تعديلات أقرتها الحكومة مؤخراَ لتغليظ العقوبة ولازالت قيد المناقشات
وأقرت الحكومة عام 2020 تعديلات بقانون العقوبات لردع المعتدين على الموظفين ورجال الشرطة والمنشآت العامة، وذلك من خلال موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، من خلال استبدال نصوص عدد من المواد بأخرى جديدة.
وتأتي التعديلات المذكورة في ضوء ما تلاحظ في الآونة الأخيرة من أن بعض العقوبات المقررة للتعدي على الموظفين العموميين وإتلاف الأموال العامة لم تعد كافية بما يلزم لتحقيق الردع بنوعيه العام والخاص، وأن بعض فئات الموظفين العموميين كأعضاء هيئة الشرطة ورجال الضبط وهيئة التعليم وهيئة التدريس بالجامعات والعاملين بالمنشآت الصحية العامة باتوا أكثر عرضة للتعدي عليهم بسبب أو أثناء تأدية وظائفهم، الأمر الذي استدعى تشديد العقوبات المقررة لجرائم الاعتداء ذات الصلة، بغية بسط مظلة حماية أنجح للوظيفة العامة وللموظف الذي يشغلها.
العقوبة في التعديلات تصل للحبس سنتين و50 ألف جنيه غرامة في هذه الحالة
ونصّت التعديلات على أن كل من أهان بالإشارة أو القول أو التهديد موظفاً عمومياً أو أحد رجال الضبط أو مُكلفاً بخدمة عامة أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
العقوبة تصل للحبس 5 سنوات في هذه الحالة
وإذا وقعت الإهانة على محكمة أو على أحد أعضائها وكان ذلك أثناء انعقاد الجلسة، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد على سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه.
كما تضمنت التعديلات أن كل من أزعج السلطات العامة أو الجهات الإدارية أو المكلفين بخدمة عامة، بأن أخبر بأية طريقة كانت عن وقوع كوارث أو حوادث أو أخطارا لا وجود لها يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تجاوز عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وأوضح مشروع القانون أن كل من تعدى على أحد الموظفين العموميين أو رجال الضبط أو مكلف بخدمة عامة أو قاومه بالقوة أو العنف أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه.
وتصل العقوبة للحبس 5 سنوات و100 ألف جنيه غرامة في هذه الحالة
ووفقاً للتعديلات على قانون العقوبات فإنه إذا حصل مع التعدي أو المقاومة ضرب أو نشأ عنهما جرح تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أمّا إذا حصل الضرب أو الجرح باستعمال أية أسلحة أو آلات أو أدوات أخرى أو بلغ الضرب أو الجرح درجة الجسامة المنصوص عليها في المادة 241؛ تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه.
وأشار مشروع القانون إلى أنه يعاقب مرتكب الجرائم المنصوص عليها في المواد 133 و136 و137 من القانون بالحبس الذي لا تقل مدته عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنوات إذا كان المجني عليه فيها من أعضاء هيئة الشرطة، أو رجال الضبط، أو أعضاء هيئة التعليم، أو أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، أو العاملين بالمنشآت الصحية العامة، أو موظفا عموميا أو مكلفاً بخدمة عامة بالسكك الحديدية أو غيرها من وسائل النقل العام، إذا وقع الاعتداء أثناء سيرها أو توقفها بالمحطات.
وتصل العقوبة للسجن 10 سنوات في هذه الحالة
فيما يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات كل من استعمل القوة أو العنف أو التهديد مع موظف عمومي أو أحد رجال الضبط أو مكلف بخدمة عامة ليحمله بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته أو على الامتناع عنه ولم يبلغ بذلك مقصده، فإذا بلغ الجاني مقصده تكون العقوبة السجن، وتكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تزيد على عشر سنين في الحالتين إذا كان الجاني يحمل سلاحا، وتكون العقوبة السجن المشدد إذا صدر من الجاني ضرب أو جرح نشأ عنه عاهة مستديمة، وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا أفضى الضرب أو الجرح المشار إليه في الفقرة السابقة إلى الموت.
وتصل للغرامة 200 الف جنيه والحبس سنة في هذه الحالة
وأشارت التعديلات الجديدة إلى أن كل من هدم أو أتلف أو قطع عمدا شيئا من الأموال الثابتة أو المنقولة المملوكة للدولة أو تساهم فيها أو المُعدة للنفع العام يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد على مائتي ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة السجن والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مائتي ألف جنيه إذا وقع الهدم أو الإتلاف العمدي، كلي أو جزئي، لإحدى المنشآت الشرطية، أو التعليمية أو الصحية العامة، أو محتويات أى منها أو تعطيلها عن العمل.
فإذا ارتكبت الجريمة المشار إليها بالفقرتين السابقتين تنفيذا لغرض إرهابي تكون العقوبة السجن المؤبد، ويقضى في جميع الأحوال بإلزام الجاني بدفع قيمة الأشياء التي هدمها أو أتلفها أو قطعها وجبر الخسائر المترتبة على فعله المذكور.