«هزيمة الجيش الإثيوبي في إقليم تيجراي».. كان العنوان الأبرز الذي تصدر نشرات الأخبار، وعناوين الصحف، عالميا وإقليميا، بعد حرب دامية، دارت لقرابة 9 أشهر كاملة، تكبد خلالها الجيش الإثيوبي خسائر فادحة، وعانى مرارة الانكسار على يد مقاتلي الإقليم.
وخلفت الحرب الدائرة بين الجيش الإثيوبي المنهزم، ومقاتلي الإقليم، مئات الضحايا، كما تسببت في نزوح آلاف من المواطنين، وتسببت في معاناة كبيرة لهم، وباتت محل اهتمام عالمي وإقليمي، ولها ردود أفعال واسعة على المستوى الدولي.
لذا، يرصد «صوت الأمة»، في السطور التالية، أبرز المعلومات عن إقليم تيجراي، وتفاصيل الحرب الدائرة بينه وبين الجيش الإثيوبي، وكافة التفاصيل المتعلقة بأسبابها، ودور آبي أحمد في خلق تلك الحرب بين أبناء إثيوبيا.
يقع إقليم تيجراي بين إريتريا شمالا، والسودان غربا، ومناطق ولو الأمهرية وإقليم العفرجنوبا، وسكانه من أقلية التيجراي، ويبلغ عددهم 6 ملايين نسمة، ويتميز الإقليم بتضاريسه الوعرة من الجبال العالية والسهول المنخفضة، ويقع على أقصى شمال إثيوبيا على مسافة أكثر من 600 كلم من العاصمة الفيدرالية أديس أبابا. وتقع عاصمته «ميكيلي» فى شرق الإقليم.
بداية الصراع كانت في عام 2018، وذلك بعد أن سيطرت «جبهة تحرير تيجراي» المشهد السياسي في إثيوبيا بين عامي 1991م، و2018م، إلى أن وصل في هذا العام آبي أحمد، لرئاسة الوزراء في شهر أبريل منه، واعتمد خططه الإصلاحية التي كانت ترتكز على استهداف قادة ورموز الحركة.
ارتفعت وتيرة الخلاف بين آبي أحمد، وقادة جبهة تحرير تيجراي، بسبب إجراء انتخابات بشكل منفرد، على الرغم من قرار الحكومة الفيدرالية بتأجيل الانتخابات العامة فى البلاد بسبب جائحة كورونا، وفي شبتمبر الماضي، أجرب حكومة الإقليم انتخاباتها منفردة، قائلة: «إنها خطة يكفلها لنا الدستور»، ليتطور الخلاف بين الطرفين، خاصة بعدما رفض قيادات الجبهة الانضمام إلى «حزب الازدهار» الذي شكله آبي أحمد ليكون بديلا عن الائتلاف السابق المعروف بـ«الجبهة الديمقراطية الثورية».
وعلى إثر ذلك ووسط احتدام الصراع بين الطرفين، اندلع القتال في نوفمبر من العام الماضي، بين قوات من حكومة إقليم تيجراي، و الجيش الإثيوبي، بعد أن شنت القوات التى يتزعمها رئيس الوزراء آبى أحمد الحرب على الاقليم، واستولت قوات الدفاع الوطنى الإثيوبية الحكومية بسرعة على العديد من المدن الرئيسية في تيجراي، بما في ذلك ميكيلي العاصمة.
وعقب ذلك أعلن رئيس الوزراء الإثيوبى انتهاء المرحلة الرئيسة من الصراع، لكن سرعان ما نجحت الجبهة فى دحر قوات الجيش الإثيوبى ودخول عاصمة الإقليم وخلصت أهاليها من جرائم الجيش الأثيوبى وعادت بنسبة 100% تحت سيطرتها، حيث شهدت انتهاكات بالغة بحق المدنيين على يد الجيش، وصفتها الأمم المتحدة بأنها ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كما تسببت فى تردى الأوضاع الإنسانية والمعيشية بالإقليم، إلى حد وضع مئات الآلاف من سكانه على شفا مجاعة، وفق تقرير أممى.
وعقب سيطرتها على الإقليم، استعرضت قوات إقليم تيجراى، آلاف الأسرى من الجيش الإثيوبى، على نقالات والبعض الآخر يضع ضمادات ملطخة بالدماء، بينما تم اقتيادهم إلى سجن كبير على الحافة الشمالية للمدينة وهو ما يعد ازلال كبير لجيش أديس أبابا، حيث سار نحو 7 آلاف جندى إثيوبى أسير، لما يقارب 75 كيلومتراً جنوب العاصمة، لمدة 4 أيام.
وتسببت تلك الحرب فى خسائر بشرية هائلة وبأزمة إنسانية مروعة، ويقول برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة إن 5,2 ملايين شخص، أو 91% من سكان تيجراى يحتاجون إلى مساعدات غذائية طارئة، كما اتهمت الولايات المتحدة الحكومة الإثيوبية مجدداً بعرقلة وصول المساعدات إلى إقليم تيجراى.، كما تعرض النساء والفتيات للإذلال مرارا، وكثيرا ما كانت هناك إهانات تمييزية ذات دلالات عرقية وتهديدات بالقتل، وتحدثت منظمة العفو الدولية مع 63 ناجية من أشكال العنف الجنسى وإلى منشآت صحية فى تيجراى بين مارس ويونيو، ويتجه الصراع حاليا إلى التصعيد، منذ أن دعا رئيس الوزراء آبى أحمد، "«جميع الإثيوبيين المؤهلين والبالغين» للانضمام إلى القوات المسلحة للقتال ضد جبهة التحرير.