إخوان تونس.. جماعة بـ100 وش
السبت، 21 أغسطس 2021 09:00 ممحمود علي
إخوان تونس ترفع شعار: «الخديعة هي الحل»
حركة النهضة تناور بورقة "المراجعات" للهروب من الملاحقات الشعبية والقضائية.. والتونسيون يردون: لعبتكم مكشوفة
متلونون كالثعابين، شعارهم الخداع والتآمر والمناورة حتى يتمكنوا من العودة للمشهد دون أي مبادئ متقلبين بين الرأي والآخر، لا يهمهم ظهورهم "المتناقض".. وصف بسيط لما تنتهجه جماعة الإخوان الإرهابية في الكثير من الدول العربية، وآخرها في تونس بعد قرارات مصيرية اتخذها الرئيس قيس سعيد استجابة لمطالب الشعب.
وشهدت تونس تطورات متسارعة في الفترة الأخيرة، كشفت عن وجه حركة النهضة التابعة لجماعة الإخوان الحقيقي، فبعد قرارات الرئيس التونسي بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه وإعفاء الحكومة، حاولت النهضة بأي شكل من الأشكال التنصل من ماضيها عبر إطلاق تصريحات متلونة، تحمل لغة التهدئة والعودة للحوار، في ظل تخوفات داخلية كبيرة من أن تكون مناورة جديدة للجماعة من أجل القفز على المشهد مجدداً بعد سنوات من الدمار والخراب وعدم الاستقرار في البلاد.
وكان رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، اعتمد على نفس الأسلوب المناور من أجل إيهام العالم بمراجعة نشاطات الحركة، والدخول في حوار جاد مع الرئاسة التونسية، مدعياً بأن ذلك هو الطريق الصحيح لإعادة الاستقرار، رغم ما ارتكبته الحركة من ممارسات وسياسات شلت الدولة لسنوات.
ولم يخجل الغنوشي من الظهور بالوجه المتناقض في المشهد التونسي الأخير، متراجعاً عن تصريحات سابقة كان قد هاجم فيها قرارات الرئيس قيس سعيد ووصفها بـالـ" الانقلاب على الدستور"، ليؤكد بعدها بأيام قليلة أنها ""فرصة متاحة أمام الإصلاح".
هذا الموقف المتناقض الذي نطق به الغنوشي، رآه مراقبون محاولة جديدة خداعية من أجل التموضع مع تطورات المشهد، بعد الصدمة التي أحدثتها قرارات قيس سعيد على جماعة الإخوان، وفضح ممارسات حركة النهضة، وتسليم كافة ملفاتها الإجرامية إلى القضاء من أجل محاكمة الأعضاء المتورطين في أعمال عنف واغتيالات سياسية سابقة.
ولم تقف تصريحات وبيانات الإخوان عن مراجعات الحركة لمجاراة الموقف المتأزم الذي تقع في حركة النهضة، على رئيسها بل خرج "علي العريض"، نائب رئيس حركة النهضة التونسية لتخفيف حدة النقد لجماعته ويشير صراحة إلى "تحمل الحركة جزءاً كبيراً من المسؤولية عن تفاقم الأزمة السياسية في تونس".
ويرى مراقبون أن الاعتراف بالفشل والاعتذار المتأخر بعد قرارات الرئيس التونسي، يكشف بما لا يدع مجالا للشك أن الحركة تناور من جديد لأجل العودة مجدداً للمشهد، وهو ما تكرر في تجارب عديدة بدول مجاورة قبل أن ينكشف أمرها أمام شعوبها.
وتدخل تصريحات العريض ضمن أساليب المهادنة السياسية التي تتخذها جماعة الإخوان في الكثير من الدول، مستخدمة مصطلحات "المراجعة" أو "التغيير" ولكن في الحقيقة كلها تحويرات، وهو ما ظهر في تصريحات نائب رئيس الحركة الإخوانية عندما قال "نتحمل نصيبا مهما من المسؤولية عن الإخفاق في إدارة الدولة بعد ثورة 2011"، وكأن هذا الأمر لم تنتبه له الحركة على مر السنوات الماضية وكشفته فقط بعد أن قرر الشعب التونسي الخروج ضدها في مظاهرات بعشرات الآلاف طالبت بإسقاط الجماعة ومحاكمة أعضائها.
وتسببت سياسات وممارسات الإخوان في تونس وفق الكثير من المتابعين والباحثين؛ في سوء المؤشرات الاقتصادية على جميع الأصعدة، حيث ارتفعت الأسعار، والبطالة، والدين الخارجي والداخلي، فضلا عن ارتفاع عجز الميزانية والتضخم، ويشير هؤلاء بأصابع الاتهام إلى حركة النهضة ونوابها بالبرلمان التابعين للإخوان كونهم كانوا أحد الأسباب الرئيسية في عدم الاستقرار السياسي والحكومي.
وانتقلت تونس مؤخراً من مرحلة الاضطراب الجزئي في الكثير من المجالات والملفات إلى الشلل العام، بعد أن استخدمت جماعة الإخوان كل الأساليب حتى الغير شرعية من أجل تحقيق مصالحها ومصلحة حركتها فقط، مرتكبة الكثير من الانتهاكات التي عبثت بأمن البلاد داخليا وخارجيا، دون النظر إلى تأثير ممارستها على الأمن القومي للبلاد.
وتأتي قرارات الرئيس التونسي لتكون حصن منيع للدولة التونسية، كونها ستخلص البلاد من الإخوان، فضلا عن أنها ستساعد عبر القضاء في فضح مؤامرات الإخوان، وسجلها الإجرامي المليء بدعم التنظيمات المتطرفة واستخدام الطرق والأساليب الملتوية لتحقيق أهدافها.
كما أن هذه القرارات الرئاسية في تونس، عملت على فتح تحقيقات في كل ممارسات الإخوان التي ساعدت في قمع المعارضة وتقييد الحريات وحقوق الإنسان، ما جعلها دائما عرضة للهجوم من قبل الشعب التونسي، حيث اتجهت الجماعة بممارساتها الأخيرة بالبلاد نحو الهاوية.
وبالعودة إلى تلون الحركة، فإن تصريحات رئيس النهضة ونائبه، سبقتها استقالات وانقسامات بسبب أفكارها وايديولوجياتها تشير في الظاهر بوجود خلافات عميقة داخل إخوان تونس، ولكن في باطنها يحللها مراقبون بأنها لن تخرج عن الخداع والمناور، فبعد أن قدمت عدد من القيادات البارزة استقالتها وطالبت بتنحي الغنوشي، قدم القيادي الإخواني رضوان المصمودي، استقالته من المكتب السياسي للحركة، قائلًا أن الأسباب تعود لرغبته في التفرغ "للدفاع عن الديمقراطية وهو ما لم تشهده الحركة حالياً".
لكن الخوف الذي بدأ يدب في نفوس القيادات الإخوانية، بدت واضحة أهدافها فأما الهروب قبل أن تحين لحظة الحسم، أو نجاح المناورة لعودة نشاط الإخوان بخداع الشعب بأنها ستغير سياستها المتطرفة وتنقي ما اعتمدت عليها سالفا من منهج شككت فيه كافة الدول العربية بما فيها التونسيين.
حالة الجماعة في تونس تكررت في العديد من الدول المجاورة، حيث تعددت مراجعات الجماعات المتطرفة، في المنطقة العربية وخارجها خلال السنوات الماضية، لكن بلا أدنى شك فلم تكن سوى مشهد متكرر من التلون والمناورة التي ترتبط في أغلبها بسياقات معينة وظروف محيطة، جعلت منها مجرد ردة فعل، وليس كما يدعي صاحبها بأنه تحرر مستمر ودائم من الأفكار المتشددة.
المراجعات الفكرية للجماعات المتطرفة وعلى رأسها الإخوان، "الجماعة الأم" للحركات المتشددة في الوطن العربي سنلاحظ أنها لم تكن قادرة على مر تاريخها، على أن تنفصل عن فكرها المعادي للدولة والمجتمع، حتى وأن دعت للتغيير كثيرا ففي النهاية لا تتخطى هذه الدعوة بيان موقع عليه أعضاء الجماعة، دون أي تحرك ينبأ بصدق نواياهم.
ولنا في هذا الحديث تجارب متعددة، آخرها ما شهدته ليبيا والجزائر من تناقض للجماعة، الادعاء بالمراجعة والتغيير حتى السيطرة والتحكم، في وقت بدأ واضحاً أن الشعب تيقن بشكل كامل لمثل هذه التحركات وأصبح هناك وعي بأن الجماعة سم قاتل ينتهي بالدمار والخراب، لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال.
هذا الرفض الشعبي، اتضح بشكل كبير، في مقاومة الأحزاب التونسية لكل التحركات الإخوانية الساعية إلى العودة للمشهد، أبرزها ما دعت إليه رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى من أجل تبني إجراءات ضد الإخوان، وإغلاق مقراتها، فضلا عن تفعيل اللجان التي تبحث في تصنيفها على قوائم الجماعات الإرهابية.
وحذرت الأحزاب التونسية من تحركات الجماعة وحلفاءها، للعودة إلى المشهد من خلف الستار، لاسيما بعد الصدمة التي أخذتها حركة النهضة بعد القرارات المصيرية التي اتخذها قيس سعيد، لإنقاذ الدولة من مستقبل فوضوي.
وأكدت عبير موسى رئيسة الحزب الدستوري الحر التونسي إن هناك خطوات جادة من أجل تفويت الفرصة على الجماعة التحور والتلون والتآمر على الشعب، مؤكدة أن الحزب قام بإرسال رسالة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد تستهدف إحباط كل محاولات استعمال العنف وبث الفوضى، مطالبة بضرورة تجفيف منابع الإخوان.
وتريد عبير موسى استكمال خارطة الطريق من أجل القضاء على الإخطبوط الإخواني، وذلك بإحالة كافة ملفات الجمعيات والتنظيمات السياسية التابعة للجماعة للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، منادية بتنصيف الحركات التابعة للإخوان في تونس كتنظيمات إرهابية.