خميس بطعم الوطن
الجمعة، 16 يوليو 2021 03:32 م
بالأمس كانت سهرة الخميس مختلفة عما اعتدنا عليه، فعادة ما يقضي أغلب الناس ليلة الخميس حول فيلم أو مسرحية أو خارج المنزل خاصة في شهور الصيف، لكنهم بالأمس قرروا أن يقضوا ليلتهم بنكهة مختلفة لها مذاق يشبع القلب طمأنينة على الوطن.
التف المشاهدون أمس حول شاشة التليفزيون ليستمتعوا بتطورات وطنهم وبالأمل في غد يحمل معه حياة كريمة لأبناء الوطن الكادحين الصابرين منذ سنوات، والذين اعتادوا على ضيق العيش برضا وحمد، وكان يكفيهم أنهم في كنف الله وأمنه، حتى أراد الله أن يكافئهم ويجعلهم يشعرون أخيرا بأنهم مواطنون من الدرجة الأولى ويتأكدون أن النهايات السعيدة يستحقها دائما من يتحمل عناء الطريق.
من يدقق فيما حدث بالأمس سيجد أنه بداية من وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي لموقع الاحتفال هناك ما يلفت النظر، إذ كنا في الأزمنة السابقة نعتاد على أن من يصطفون لاستقباله هم إما من أصحاب المراكز العليا في الوطن، أو أطفال يرتدون أرقى الملابس كي يكونوا على مستوى الحدث والشخص، أما بالأمس فقد سررت عندما وجدت من يستقبلونه هم عامة الشعب بداية من مواطنة ترتدي عباءة سوداء كما هو زي الكادحات، وفتاة صغيرة ترتدي فستانا بسيطا، ورجل مصري بجلبابه الواسع إلى جوار شابة محجبة تردي بدلة أنيقة، في إشارة إلى تمثيل جميع طوائف المجتمع في استقبال الرئيس، فهم جميعا أبناء وطن واحد لا فضل لأحدهم عن الآخر إلا بحبه وانتمائه لوطنه.
ثم ننتقل لكادر آخر وهم الجالسون في الصفوف الأولى إلى جوار رئيس الجمهورية، فأغلبهم أيضا من أبناء الطبقة الكادحة الذين تحملوا الكثير لأجل حياة كريمة، وها هو اليوم أتى حاملا معه الأمل والبدء في التنفيذ، كما لمسنا الرغبة الحقيقية في جبر خواطر البسطاء بوجود ذلك الرجل الذي أدمع عيوننا بسبب التعدي عليه أمام طفلته في القطار، جالسا في الصف الأول وكأن الرئيس أراد رد اعتباره أمام الشعب أجمع، وإرسال رسالة مفادها أن كرامة المواطن محفوظه وحقه مردود إذا ما تم مسها.
ثم ننتقل لمشهد آخر للحضور الذين ملأوا الاستاد فقد كانوا يمثلون جميع الطوائف من فلاحين وأهالي الصعيد والبدو وممثلين عن أهل سيناء والقبائل المختلفة، وشباب وكبار سن، وفنانين وإعلاميين ورياضيين ووزراء .. إلخ، الجميع مجتمعون على قلب رجل واحد في حب مصر، وتستطيع أن ترى تلقائية ردود أفعالهم تجاه الكلمات والوعود لثقتهم أنها لن تُخلَف كما لم تُخلَف الوعود السابقة.
مع الأسف والأمل أيضا ذكرتني مشاهد الاستاد أمس بيوم كئيب امتلأ فيه ذلك المكان بفئة واحدة فقط كارهة للوطن، أما الأمس فكان المشهد العام يشير ويؤكد أن الوطن للجميع.
ننتقل مرة أخرى لمشهد غاية في الأهمية، يجب أن يُدَرَس وهو تكاتف أكبر رجال أعمال في مصر مع وطنهم واصطفافهم بجانب قيادته للمساهمة في بنائه وتوفير الحياة الكريمة لأبنائه، فقد استطاع الرئيس حشد عدد كبير من رجال الأعمال الذين آمنوا بأن ما سيقدمونه هو لمصلحة "مصر"، والذي سيصب في النهاية في مصلحة كل مواطن على أرضها.
وبالتدقيق في خطاب الرئيس الإنسان البسيط نجده استطاع أن يلقي في قلوب الجميع الطمأنينة، ليخفف من مخاوفهم تجاه قضايا الأمن القومي وعلى رأسها قضية نهر النيل، قائلا بكل قوة وثبات "أنا والجيش نروح الأول قبل ما حد يهدد مصر.. قبل ما يحصل أي حاجة لمصر، يبقى لازم أنا والجيش نروح علشان حاجة تحصل لمصر غير كدة مفيش"، مضيفاً "لا يليق بنا أبدا كمصر أن نقلق كل هذا القلق من ملف المياه... فكل الأمور مخطط لها جيدا".
استطاع الرئيس بابتسامته ووجهه البشوش ونظراته المتفائلة وثباته أن يجعلنا جميعا نشعر بالطمأنينة والتفاؤل بغد أفضل وبمصر أقوى وأجمل، واستطاع أن يوضح دون لبس المقصود بالجمهورية الجديدة التي تعني حياة جديدة كريمة للجميع.
ما حدث بالأمس من التفاف أغلب الشعب حول شاشات التليفزيون بمنتهى الاستمتاع، للاستماع لخطاب الرئيس، ثم تكراره في الإعادة دون ملل، وتداول كلماته بثقة وفخر على وسائل التواصل الاجتماعي هو بمثابة تفويض جديد للقيادة الحالية وتأكيد بأن جموع الشعب يقفون كحائط الصد خلف قيادتهم من أجل قضيتهم الأولى وحبهم الأول "مصر".
لقد كانت ليلة الأمس بالفعل ذات مذاق مختلف وبنكهة حب الوطن.