من وراء آبي أحمد؟.. سجل أسود ودور مشبوه لإشعال أفريقيا
الأربعاء، 07 يوليو 2021 12:00 م
دائما ما تجيب الأفعال والسلوكيات عن تساؤلات وتكشف عبر الأيام حل ألغاز عصية على الفهم، وهو ما حدث عقب فوز رئيس وزراء إثيوبيا بجائزة نوبل للسلام، فقد جرى تلميع الرجل وتقديمه كحاكم شاب يستطيع أن يحدث نهضة اقتصادية فى بلد يعانى من مشكلات عديدة ويغرق فى الفقر والديون والصراعات القبيلة، إلا أن الدور المشبوه الذى يلعبه آبي أحمد بدأ يتكشف فى وتيرة متسارعة سافرة عقب اختلاقه العديد من الأزمات أبرزها تهديده للأمن القومى المائي لمصر والسودان وحل الجبهة الشعبية واستبدالها بحزبه "الملاكي"، حيث كان يخطط ليخوض الانتخابات عبر هذه الحرب، وهو ما أشعل الصراع في إقليم "تيجراى" ليسقط الآلاف قتلى وجرحى وفارين من جحيم الصراع في الإقليم الإثيوبي، فمن الذى يقف خلف آبي أحمد الذى جرى تلميعه وتقدمه كرجل سلام لتثبت أفعاله عكس ذلك؟، وهو الذى سبق وعمل فى وحدة المخابرات والاتصالات العسكرية، وتدرج بها حتى وصل رتبة عقيد عام 2007!، وكأن هناك من يفكر له ليسير رئيس الوزراء الإثيوبي وفق خطط معدة سلفا لإشعال الصراع في إفريقيا فهل صدفة أن يكون آبي أحمد أول رئيس وزراء من عرقية "أورومو" جاء ليحكم إثيوبيا منذ بداية حكم ائتلاف تملك زمام السلطة قبل 27 عاما؟
تقارير صحفية غربية كانت قد أرجعت سبب اختيار آبي أحمد لجائزة لنوبل للسلام لكونه قام بعدة إجراءات إصلاحية من قبيل إلغاء حالة الطوارئ، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، والإقرار بوقائع التعذيب وإدانتها، وهى الإصلاحات التى ظلت نظرية فعلى أرض الواقع فجر آبى أحمد صراعات قبيلة في إقليم تيجراي، وعلى أيدى قواته وقوات الجيش الأريتري المتحالف معه جرت جرائم اغتصاب جماعي لعدة أيام وهو ما وثقته تقارير الأمم المتحدة حيث قال مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة مارك لوكوك "أن العنف الجنسي يُستخدم سلاحا في الحرب الدائرة في إقليم تيغراي الإثيوبي، حيث تُستهدف فتيات لا تتجاوز أعمارهن ثماني سنوات ووردت أنباء عن تعرض نساء لاغتصاب جماعي على مدى عدة أيام"!
كما أكدت وفاء سعيد، نائبة منسق مساعدات الأمم المتحدة في إثيوبيا، أن" نساء إنهن تعرضن للاغتصاب من عناصر مسلحة، كما روين قصصا عن اغتصاب جماعي واغتصاب أمام العائلات وإجبار رجال على اغتصاب نساء من عائلاتهم تحت التهديد بالعنف" وذلك في إفادة لها للدول الأعضاء في المنظمة الدولية بنيويورك.
رغبة آبى أحمد فى خلق واقع سياسى جديد يجعله يستأثر بالسلطة في إثيوبيا هو ما دعاه لأن يصدر قرارا بتأجيل الانتخابات الوطنية بزعم جائحة كورونا، ضاربا عرض الحائط بالجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والتى كانت تسيطر بالفعل على الائتلاف الحاكم في إثيوبيا لعدة عقود، قبل أن يقفز آبي أحمد على السلطة في 2018، ليرفض قادة تيجراي تأجل الانتخابات بزعم الإصلاحات السياسية وليقرر آبى أحمد شن الحرب على الإقليم زاعما مهاجمة قوات تيجراي لمعسكرات الجيش الفدرالي، لتركتب قواته جرائم ضد الإنسانية يندى لها الجبين فى الإقليم الذى يعد خامس أكبر منطقة من حيث عدد السكان والمساحة بإثيوبيا.
وإذا كان آبي أحمد قد انهى صراع بلده مع جارتها اريتريا وهو أحد أسباب فوزه بجائزة نوبل للسلام وفق ما روجته مواقع صحفية غربية فإن ارتكب جريمة كبرى بالسماح للقوات الآريترية بقمع شعب تيجراي لتقع عدة مجازر بحق سكان الإقليم الإثيوبي المجاور لأريتريا وفق تأكيد ديبروس موشينا، مدير منظمة العفو الدولية في شرق وجنوب أفريقيا، والذى قال إن "الأدلة مقنعة وتشير إلى نتيجة مروعة، القوات الإثيوبية الإريترية ارتكبت جرائم حرب عدة في الهجوم الذي شنته للسيطرة على أكسوم".
آبي أحمد الذى فاز بجائزة نوبل للسلام وكانت أحد حيثياتها تبنيه مبادرة لزراعة 350 مليون شجرة في يوم واحد وهى المبادرة التى كانت لمجرد الشو الإعلامي فى بلد تهطل فيه الأمطار بكثافة طوال العام وحباه الله بوفرة فى الأشجار والموارد المائية حيث تبلغ كمية المياة فى اثيوبيا 950 مليار متر مكعب سنويا فضلا عن مياة الأنهار لم يجدد غضاضة وهو الذى يقدم نفسه بوصفه رجل سلام فى تهديد حصة مصر من النيل الأزرق التى تبلغ فقط 55.5 مليار متر مكعب سنويا، وتعانى من شح وندرة المياة فضلا عن حصة السودان التى تبلغ فقط 20 مليار متر مكعب وذلك ببناء سد النهضة بزعم توليد الكهرباء الذى ولم تعترض مصر والسودان على بناء هذا السد لكنهم اشترطوا عدم تهديد حصتهم خلال عملية الملء بشكل أحادي وهو ما يصر عليه آبي أحمد ضاربا عرض الحائط بكل الإتفاقيات التى سبق ابرامها مع خلفه من حكم إثيوبياعلى مر الزمان.
وفى الوقت الذى لم يراع فيه آبي أحمد اى قوانين دولية أو أعراف تمسكت مصر والسودان بحقهم المشروع فى حصتهم من مياة النيل الأزرق وذلك عبر الأطر الدبلوماسية والأممية فى محاولة لنزع فتيل أزمة فى منطقة القرن الإفريقي نجد استفزاز لا مبرر من رئيس الوزراء الإثيوبي وبعض المسئولين فى حكومته وقادتها العسكريين ومنهم من يهدد علانية باغراق الدولتين من قبيل مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية، الجنرال بوتا باتشاتا ديبيلي، والذى قال " بدأت حكومتنا المرحلة الثانية من ملء السد، ومتى انتهت هذه المرحلة سيكون كل شيء آمنا وسيأتي الجميع لبحث مقترحات تقاسم المياه، ليس بناء السد وإنما كيفية تقسيم المياه. لأن 90% من المياه تذهب إلى مصر وحدها، و10% للسودانيين، فيما لا يبقى لنا أي شيء" وفق زعمه مؤكدا أن بلاده جاهزة لحل عسكري لقضية سد النهضة"!
الكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي الذى يستطيع نزع فتيل الأزمة وجعل آبي أحمد يكف عن اللعب بالنار، فمصر دولة حضارية تتمنى التنمية والرخاء لكل جيرانها من الدول الأفريقية شريطة عدم المساس بأمنها المائي فى ظل تغيرات مناخية وزيادة سكانية كبيرة وشح موارد المياة فالسد الإثيوبي الكارثي يهدد حياة ملايين المصريين والسودانيين حال الملء الأحادي ونقص حصة القاهرة والخرطوم من المياة حيث أن مصر تحتاج بالفعل إلى 114 مليار متر مكعب سنويا، ووحصتها التقليدية التى تريد أديس أبابا تقليصها لا تكفيها، فمتى يكف آبي أحمد عن اللعب بالنيران ويحشد شعبه خلف تنمية حقيقة لا أن يغذى فيهم خطاب كراهية غير مبرر تجاه مصر والسودان؟