الإرهابية ترهق بريطانيا.. كيف اخترق الإخوان المجتمع الأوروبي؟

الثلاثاء، 11 مايو 2021 02:24 م
الإرهابية ترهق بريطانيا.. كيف اخترق الإخوان المجتمع الأوروبي؟
الإخوان

تنصهر جماعة الإخوان الإرهابية في المجتمع الأوروبي وفق أدبيات قائمة، تتوافق مع الوثيقة التى كتبها القيادى الإخوانى محمد أكرم باسم "نحو استراتيجية عالمية للسياسة الإسلامية".

ويهدف المنهج الإخواني، لإيجاد كيان اجتماعى موازٍ للتنافس مع بقية أركان المجتمع الأوروبى ومبادئ وقيم مواطنيه، من خلال مناورة تكتيكية بالتكيف مع المجتمع الأوروبى لطمأنة الخطاب الديمقراطى ثم السيطرة التدريجية على الاتجاهات السياسية، ويعتمد تحقيق الهدف على البناء المستمر للقوة اللازمة للدعوة الإسلامية، مع دعم الحركات الجهادية فى العالم الإسلامى بنسب متفاوتة.

وبررت الوثيقة هذه المناورة بالاعتماد على «فقه الأقليات» القائم على التماهى مع الجماعة الأكبر مع الحفاظ على وجود مجتمع إسلامى مؤثر.

تقول دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات، إن جماعة الإخوان فى بريطانيا وجدت ضالتها  لتكون نموذجًا لاختراق المجتمعات الأوروبية، وكان تقبل بريطانيا لهم منذ نشأتهم فى مصر، وهروبهم إليها فى الخمسينيات من القرن الماضى، وبغض النظر عن دوافع بريطانيا لتقبل الإخوان -سواء للاقتناع بالجماعة كما يُدعى أو لتوظيفهم سياسيًا- فإنهم وجدوا المجال متسعًا للوجود والانتشار والتأثير فى المجتمع البريطانى للانطلاق منه إلى أوروبا بأسرها وتعزيز قوتهم فى المجتمع العربي.

وفي عام 2008 أعلن عمدة لندن كين لفنجستون أن جماعة الإخوان كبرى الحركات الإسلامية تربطنا بها علاقة جيدة، وكانت تتلقى تمويلًا ماديًا من الخارجية البريطانية منذ نشأتها، ولم يكن هذا التصريح مفاجئًا أو صادمًا لأى باحث أو متابع لجماعة الإخوان منذ نشأتها.

وفي كتاب "لعبة الشيطان" حلل المؤلف روبرت دريفوس الصادر عام 2010 علاقة جماعة الإخوان ببريطانيا، ويقول إن الحركة تأسست على يد حسن البنا بمنحة من شركة السويس البريطانية، كما تمتعت الجماعة خلال ربع قرن من تأسيسها بالدعم من رجال المخابرات والدبلوماسيين البريطانيين.

ولكن هل توقف دعم بريطانيا للجماعة بخروجها من مصر؟، تأتى الإجابة بالنفى مع إدراك أن لندن تمثل بالنسبة للإخوان عاصمة ثانية لهم بعد مصر، فكما يؤكد الخبراء والمتخصصون فإن مصر هى بلد المنشأ بينما بريطانيا تمثل الحماية والبديل.

وتعددت الكتابات التى توضح قوة الوجود الإخوانى فى بريطانيا، ويشير الواقع أيضًا إلى هذه القوة، ويمكن الاستدلال على ذلك برفض مجلس العموم البريطانى لمشروع قانون يعترف لجماعة الإخوان كجماعة إرهابية وذلك فى عام 2015، وما زال هذا الموقف الرافض سائدًا مع إثارة الموضوع مرة أخرى فى مطلع العام الجارى، رغم أن الحكومة البريطانية وبعض النخب السياسية والثقافية تستوعب وتدرك الخطر الكامن الذى تمثله الجماعة على المجتمع البريطانى والمجتمع الأوروبى بصورة أوسع.

وبحسب الدراسة، الأمر الذى يثير التساؤلات حول سبب اتساع تأثير الإخوان فى بريطانيا، وتظهر شبكات الإخوان المتغلغلة فى المجتمع البريطانى سواء فى المجال الاقتصادى أو الإعلامى أو الاجتماعى والتى تصل لدوائر القرار السياسى، تظهر هذه الشبكات لتفسر سبب تأثير الإخوان فى بريطانيا.

وتطورت بنية التنظيمات الإرهابية خلال المراحل الزمنية المختلفة منذ بدايات التأصيل لظاهرة إرهاب الجماعات مع ظهور جماعة الإخوان عام 1928، وانتقلت من الشكل الهرمى التقليدى إلى البنية اللا مركزية ونمط الخلايا العنقودية، إلى أن وصلت هذه البنية إلى الطبيعة الشبكية التى تتلاءم مع تحول الإرهاب إلى ظاهرة عابرة للحدود. فالتحليل الشبكى أكثر ملاءمة للظواهر الحديثة فى العلوم الاجتماعية عامة والاستراتيجية منها على وجه الخصوص، خاصة مع انتشار الشبكات العابرة للقوميات النشطة فى قضايا عالمية فى المجالات المختلفة، تجاوزت الـ30 ألف شبكة فى بعض التقديرات.

ومتابعة الوجود والانتشار الإخوانى فى بريطانيا وزيادة تأثيرهم يقدم تطبيقًا عمليًا لهذه البنية الشبكية بدأها الإخوان مبكرًا هناك، وتعمقت هذه الشبكية فى الثمانينيات مع إعادة هيكلة التنظيم الدولى للإخوان. وقبل توضيح شبكات الإخوان فى بريطانيا، يكون من المناسب توضيح أهم سمات الشبكية:

 
واعتمد الإخوان المقيمون فى بريطانيا على التكيف مع المجتمع وقواعده لكنهم استغلوها لتحقيق أهدافهم من التأثير والبقاء، وبدأوا فى تكوين شبكاتهم والربط بين عناصرها مع تجديد دور التنظيم الدولى للجماعة وإعادة هيكلته، على رأسها العُقد.

ويمكن توضيح أهم العُقد فى هذه الشبكة على النحو التالي: مؤسسة الإغاثة الإسلامية أسسها هانى البنا فى العام 1984، وقياداتها يتمتعون بعلاقات مع رؤساء الدول والوزراء وكبار موظفى الخدمات المدنية ومع وسائل الإعلام فى الدول المتواجدة فيها، بالإضافة إلى تواجدها الأكيد على أجندة سياسة المساعدات الدولية والأمم المتحدة. أصبحت هيئة الإغاثة الإسلامية عضوًا فى لجنة (Disasters Emergency Committee) التى توزع الأموال، وتمتلك هيئة الإغاثة الإسلامية عدة مكاتب منتشرة فى جميع أنحاء العالم، وتشير التقديرات إلى أن هيئة الإغاثة الإسلامية تجمع من حملتها السنوية فى رمضان فى بريطانيا أكثر من (10) ملايين جنيه إسترلينى سنويًا. وقدرت موارد هيئة الإغاثة الإسلامية بحوالي(570) مليون جنيه إسترلينى

 
وأثيرت العديد من الشبهات حول علاقة الهيئة بالتنظيمات المتطرفة، الأمر الذى دفع مفوضية المؤسسات الخيرية فى المملكة المتحدة العام الماضى للتحقيق فى ترويج هيئة الإغاثة الإسلامية للدعاة المتطرفين، مستعينة بتقرير صادر عن منتدى الشرق الأوسط يظهر أنشطة منظمة الإغاثة الإسلامية وفروعها وعلاقاتها بجماعة الإخوان المسلمين، وكذا علاقتها بحماس، وتطرف مسئوليها، وترويجها للدعاة الذين يحرضون على الكراهية ضد كل من المسلمين المعتدلين وغير المسلمين.

وقدمت هيئة الإغاثة الإسلامية فى المملكة المتحدة أموالًا، على سبيل المثال، إلى جمعية الفلاح الخيرية، وهى منظمة دعوة تابعة لحماس يديرها رمضان طمبورا، وفى الوقت نفسه، لا تزال منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية مرتبطة ماليًا بالمنظمات الأخرى المرتبطة بالإرهاب.

وتواجه المنظمة حاليا العديد من الانتقادات والاتهامات لها بالتطرف الفكرى والبعض يصف قياداتها بالعنصرية على ضوء الإساءة من هؤلاء القيادات، وفى مقدمتهم هانى البنا، تجاه بعض الطوائف العرقية والجماعات الدينية الأخرى، الأمر الذى شبه البعض هذه الآراء بأنها تشبه تنظيم داعش. ولذلك تعتزم لجنة الطوارئ والكوارث البريطانية، التى تجمع ملايين الإسترلينى للإغاثة فى دول مثل اليمن، إعادة دراسة دور منظمة "الإغاثة الإسلامية العالمية"، فى حين تنظر مفوضية المؤسسات الخيرية قضية امتثال جارية ضدها.

الرابطة الإسلامية
وفي عام 1997 أسس الإخوان "الرابطة الإسلامية" كمنظمة غير حكومية فى بريطانيا، وذلك بإشراف مباشر من الأمين العام للتنظيم الدولى آنذاك كمال الهلباوى، وتختلف الكتابات حول حجم التواجد الإخوانى فى بريطانيا، حيث تشير بعضها إلى وجود حوالى إحدى عشر فرعًا فى بريطانيا، فيما تشير أخرى إلى ما يزيد عن عشرين فرعًا.
وهذه الرابطة هى بداية الوجود المؤسسى للجماعة، لكن اعتمدت بعد ذلك على تأسيس مؤسسات مختلفة الأنشطة تجمع بين الأنشطة الخيرية والاقتصادية، وتستثمر برأس مال ضخم فى قطاعات مختلفة.

المجلس الإسلامى البريطاني

أنشئ عام 1997، وهو يشمل منظمات ومؤسسات إسلامية وطنية وإقليمية ومحلية ومتخصصة من مختلف الخلفيات الأثنية والطائفية داخل المجتمع الإسلامى البريطاني. الغرض من تأسيس المجلس زيادة التعليم عن الإسلام والعمل من أجل القضاء على المساوئ وأشكال التمييز التى يواجهها المسلمون.

المعهد الأوروبى للعلوم الإنسانية
تم إنشاؤه عام 1998، والذى يرتبط بمعاهد أخرى فى أوروبا، تقوم بتعليم الدين الإسلامى، وبالأدق تعليم تفسيرات وسلوكيات الإخوان للدين الإسلامى، ومن أمثلة هذه المعاهد: المعهد الأوروبى للعلوم الإنسانية فى فرنسا فى عام 1991، والمعهد الأوروبى للعلوم الإنسانية فى فرانكفورت بألمانيا عام 2012.

مؤسسة قرطبة لحوار الثقافات فى بريطانيا

مؤسسة قرطبة أسسها وأدارها القيادى الإخوانى أنس التكريتى عام 2005، وهو ابن أسامة التكريتى القيادى الإخوانى البارز فى العراق، وظل رئيسا لها حتى ترك هذا المنصب لأخته، رغد التكريتى منذ يناير2020، وهى أول امرأة تترأس الرابطة، وقد وصفها رئيس الوزراء البريطانى الأسبق ديفيد كاميرون بأنها جبهة سياسية للإخوان المسلمين.

وقد أنشأت المؤسسة مجموعة تابعة للتنظيم باسم “المبادرة البريطانية الإسلامية”، التى على صلة وثيقة بحركة حماس الإخوانية، ومدير المبادرة البريطانية الإسلامية هو محمد صوالحة، عضو بارز فى حماس، وقيل إنه كان العقل المدبر لاستراتيجية الحركة السياسية والعسكرية. وفى عام 2018 قدمت صحيفة “التليجراف” البريطانية تقريرًا أكدت فيه أن مؤسسة قرطبة تتعاون تعاونًا وثيقًا مع منظمات بريطانية إرهابية أخرى، والتى تسعى إلى تكوين ديكتاتورية أو خلافة فى أوروبا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق