إخوان خائنون.. إرهاب عابر للقارات من ليببا إلى تونس
السبت، 08 مايو 2021 10:06 م
التحول إلى جمعية "الإحياء والتجديد" مناورة مكشوفة لفرع الجماعة بليبيا.. وقيس سعيد يواجه مخططات النهضة بشعار "لا للإرهاب" الإخواني
تعددت مراجعات الجماعات المتطرفة، في المنطقة العربية وخارجها خلال السنوات الماضية، لكن بلا أدنى شك فلم تكن سوى مشهد متكرر من التلون والمناورة التي ترتبط في أغلبها بسياقات معينة وظروف محيطة، جعلت منها مجرد ردة فعل، وليس كما يدعي صاحبها بأنه تحرر مستمر ودائم من الأفكار المتشددة.
وبالنظر إلى المراجعات الفكرية للجماعات المتطرفة وعلى رأسها الإخوان، "الجماعة الأم" التي خرج من رحمها الأفكار المتشددة وترتبط في أغلبها بحركات التطرف والجماعات الإرهابية في المنطقة العربية، سنلاحظ أنها لم تكن قادرة على مر تاريخها، على الانفصال عن فكرها المتشدد والعنيف لمعادة الدولة والمجتمع، حتى وأن دعت لذلك كثيرا ففي النهاية لا تتخطى هذه الدعوة بيان موقع عليه أعضاء الجماعة، دون أي تحرك ينبأ بصدق نواياهم.
مؤخراً، اتخذت جماعة الإخوان في ليبيا هذا المسلك، وعلى غرار سابقيها فإن تطورات المشهد الليبي وما نتج عنه من مآزق تمر بها الجماعة في الداخل، تطلب الانتقال بالحديث نحو المراجعة حتى وأن كان ظاهرياً خوفاً من تباعات التحول السياسي عليها الذي ربما كان يهددها ويحمل في برامجه إخراج حاملي المشروع الإخواني من المعادلة السياسية.
وتعاني ليبيا منذ سنوات، كثيراً من التحديات السياسية والأمنية، أبرزها سطوة جماعة الإخوان على الكثير من المؤسسات التشريعية والتنفيذية، وارتباطها بعدد من الميليشيات والجماعات المسلحة والمتشددة المهيمنة على الوضع الأمني بالعاصمة طرابلس مع رعونة حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الجريمة وانتشار السلاح في الكثير من المناطق، قبل أن تصل سلطة تنفيذية جديدة إلى الحكم برعاية أممية مكونة من مجلس رئاسي وحكومة جديدة من مهامهما الإشراف على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في ديسمبر المقبل.
كما كان معروفا سيطرة الإخوان على أموال الليبيين، بتوغل الجماعة بشكل مثير في المؤسسات الاقتصادية وعلى رأسها مصرف ليبيا المركزي المتحكم الرئيسي في موارد الدولة وخاصة إيرادات النفط، وهو ما يجعل من التطورات الأخيرة في ليبيا والحديث عن الانتخابات تهديدا مباشرا لنفوذ الجماعة.
ومع هذا التحول في المشهد السياسي الليبي، واقتراب موسم الانتخابات الليبية التي من المقرر أن تجرى في ديسمبر المقبل وفق مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي برعاية أممية، سعت جماعة الإخوان في ليبيا إلى تغيير ردائها لتواصل بث سمومها في الشارع الليبي، وافتعال مزيد من المؤامرات.
وأعلنت الجماعة في بيان نشرته على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن تحولها إلى جمعية تحمل اسم "الإحياء والتجديد"، مدعية وفق بيانها: "أن الجمعية ستؤدى رسالتها في المجتمع الليبي من خلال عملها الدؤوب في شتى مجالات العمل، وأن قرار التحول جاء بعدما عقدت سلسلة من الندوات وورش العمل تحضيرا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة".
وكعادة مراجعات الإخوان السابقة التي تدعي التغيير بشكل كامل على غير الحقيقة، زعمت الجماعة في ليبيا أنها تراعي في الوقت الراهن متغيرات الواقع، مشيرة أنها تتعامل مع كل مرحلة بما تستحقها من مطالب الاجتهاد وواجبات التغيير.
ولا يختلف هذا البيان في مضمونه عن الكثير من بيانات الجماعة التي تدعي فيها التغيير، ما استدعى النظر إلى تطورات المشهد الليبي والدافع الرئيسي لهذا التحرك الذي وصفه الكثير من الخبراء "بالمتلون".
وجاءت هذه الخطوة وفق الكثير من المراقبون للشأن الليبي، للتحضير للانتخابات الليبية المقبلة التي تراها الجماعة خطراً على وجودها في المرحلة الجارية بحكم أنها قد تحد من سيطرتها على بعض المؤسسات، وهو ما يفسر الهدف من تغيير اسمها إلى "الإحياء والتجديد" في محاولة منها لإقناع الشعب الليبي بأنها انفصلت عن جماعة الإخوان؛ من أجل إعادة تنظيم صفوفها داخل ليبيا وتجديد محتواها للوصول إلى السلطة عبر الانتخابات القادمة.
ولا يمكن فصل تحركات الإخوان في ليبيا عما تشهده المنطقة من غضب شعبي دائم وصل إلى حد الكراهية للجماعة وسياستها، التخريبية الهادفة للعودة إلى المشهد العربي من جديد بأي طريقة كانت، وهو ما دفع المراقبون إلى التأكيد بأن خطوة إخوان ليبيا "المثيرة"؛ هي محاولة لمحو الخلفية الذهنية للمجتمع العربي تجاه ممارسات الجماعة الإجرامية ودعمها للإرهاب، للحفاظ على وجودها خوفا من الانقراض.
وبشكل ملحوظ تلقت جماعة الإخوان في ليبيا عدة ضربات أدت إلى وقوع خلاف وانقسام بداخلها وهو ما جعل البعض يطالب باتخاذ هذه الخطوة التي قد تحييها من جديد رغم سجلها الملئ بالمؤامرات والمخططات الساعية إلى هدم ليبيا.
وأجمع الخبراء الليبيون والمراقبون للوضع الليبي إن الغرض من تغيير اسم الجماعة ليس كما هو معلن، بل هو لتنفيض عباءتها في الداخل بسبب ارتباطها الدائم بالجماعة الأم فى مصر ومحاولة التموضع مع الأوضاع الجديدة.
وتعتبر خطوة إخوان ليبيا اعتراف واضح وصريح من جانبهم بأن اسم "الإخوان المسلمين" أصبح عبئا على أعضائها حتى وإن كان التحرك ظاهري فأنه يكشف نجاح الدول العربية في سعيها لتقييد هذه الجماعة وفروعها في المنطقة، وذلك بعد تصنيفها كجماعة إرهابية في الكثير من الدول، وفق المحلل السياسى فرج الفركاش، والذي أشار أن انخراط إخوان ليبيا تحت اسم جديد يدعى "الإحياء والتجديد" في العمل السياسى لا يزال أمراً غير معلوم.
وارجع الفركاش سبب حديثه عن عدم اتضاح مشاركة الإخوان في الحياة السياسية بليبيا بشكل طبيعي بعد تغيير الاسم، إلى صعوبة التخلى عن إرث الماضى بوجود قيادات مرتبطة بشكل وثيق بـ"جماعة الإخوان" التقليدية، مشيراً إلى أن هذا الأمر يضاعف من صعوبة استعادة ثقة الشارع الليبى لجماعة الإخوان، خاصة بعدما كان لها دور أساسي في الحقبة الماضية السوداء من دعمها لحروب دمرت الأخضر واليابس ك "فجر ليبيا"، فضلا عن تعاونها مع بعض الجماعات المصنفة إرهابيا كمجلس شورى ثوار بنغازي وأنصار الشريعة وغيرها من التنظيمات المتشددة، مؤكدا أن كل ذلك يقلل من حظوظها لكسب مقاعد فى الانتخابات البرلمانية القادمة.
من جانبه وصف عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب الليبي، الدكتور علي التكبالي، خطوة جماعة الإخوان في ليبيا بتغيير اسمها من العدالة والبناء إلى الإحياء والتجديد "بالخدعة التي تهدف من خلالها أن تضحك على الدقون"، موضحاً أنها محاولة للمناورة والخداع من أجل أخذ ثقة الشعب الليبي، مؤكدا فشلها بسبب من يقود هذه التحولات الخداعية، وهي شخصيات ارتبطت على مر السنوات الماضية بدعم الإرهاب وإثارة الفوضى داخل ليبيا ومحيطها الإقليمي.
في المقابل تواجه جماعة الإخوان في تونس انتقادات واسعة، على خلفية استمرار تحركاتها الساعية إلى إشاعة الفوضى داخليا، عبر أذرعها السياسية والإعلامية، مستغلة سطوتها على بعض المؤسسات ومنها السلطة التشريعية لتوسيع نفوذها والعودة بتونس إلى مرحلة ما قبل الرئيس "الباجي السبسي" وقت حكومة الترويكا، وهى الفترة التي شهدت فيها البلاد اغتيالات كثيرة وانعدام في الأمن وانتشار للسلاح وذلك على خلفية استغلال الجماعة في تونس حضورها الواسع بالحكومة من أجل فرض لغة السلاح والإرهاب بالدولة.
وأن كان إخوان ليبيا يحاولون المراجعة ولو بشكل ظاهري عبر تغيير الاسم للانسلاخ من إرث الماضي المتطرف، فحركة النهضة الذراع السياسي للإخوان في تونس يستمرون في مخططهم الساعي إلى إدخال البلاد في فوضى، وهو ما يفسر لجوء بعض القوى السياسية وعلى رأسها الحزب الدستورى الحر إلى دعوات سحب الثقة من رئيس مجلس النواب التونسي الذي يشغله رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي.
ولا يمر يوما واحدا دون أن تشن رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى هجوماً حاداً على جماعة الإخوان في تونس وحركتها النهضة مشيرة إلى ما تمارسه من محاولات إقصاء، لمن يخالفونها أو يرفضون الاتساق مع سياستها منذ عام 2011، قائلة في إحدى تصريحاتها الصحفية أن: "ما تعيشه تونس اليوم من قمع للأحزاب المناهضة للجماعات الإرهابية والاخوانية هل يسمى ديمقراطية؟".
وأشارت عبير موسى إلى رئيس حركة النهضة الإخوانية ورئيس مجلس النواب راشد الغنوشي لا يتعامل مع مجلس النواب كمؤسسة تشريعية تحافظ على القانون في الدولة، بل يدير البرلمان وفقا لأهوائه الشخصية حيث: "يمنع ما يشاء من الدخول ويدعو من يشاء للحضور".
وبالرغم من أن موسى نائبة منتخبة من الشعب ورئيس كتلة برلمانية لحزب الدستورى الحر في البرلمان التونسي فأنها لم تستطيع في الوقت الراهن الدخول للمجلس بأوامر من الغنوشي ، وقالت في هذا الإطار :" تونس تعيش الآن تحت تهديدات الإرهاب، وتم تطبيع الشعب التونسى على مفهوم عدم الأمن والأمان والإرهاب".
ولم تكن القوى السياسية فقط في تونس، التي أعلنت صراحة عن تحركها لمناهضة الإخوان في تونس، بل يأتي ذلك في خضم دعوات شعبية لإنهاء عمل أعضاء الجماعة بأي منصب في الدولة، على خلفية دورهم الواضح في إشعال الوضع في تونس وارثهم التاريخي الملئ بالمؤامرات ودعم الإرهاب.
بالإضافة إلى ذلك يخوض الرئيس التونسي قيس سعيد حرب شرسة على جماعة الإخوان، غير مترددا في التذكير بجرائم حركة النهضة في كل ظهور إعلامي أو نشاط له.
وكان الرئيس التونسى قيس سعيد هاجم في أول شهر رمضان الكريم، جميع التيارات التى تسمى بـ"الإسلامية" وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية، مشيرا إلى أنهم يخالفون القرآن الكريم، قائلا: "كان إبراهيم عليه السلام مسلما وليس إسلاميا" كما استشهد بقول الله تعالى: "هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ".
وجاء انتقاد الرئيس التونسى قيس سعيد لجماعة الإخوان، على خلفية الخلاف القائم والدائم بين الجماعة والقوى السياسية و عدد كبير مؤسسات الدولة فى تونس، لاعتراضهم على ممارسات حركة النهضة واستمرار بثها للفرقة مستغلة الدين بشكل خاطئ لمحاولة تقسيم الشعب بين مؤيد لها ومعارض.
وتجدد خطاب الرئيس التونسى المناهض لحركة النهضة، عند زيارته مؤخرا جبل الشعانبي بمحافظة القصرين، أحد معاقل التنظيمات المتطرفة، محملا رسالة واضحة تؤكد عزم الدولة على محاربة الإرهاب والتنظيمات السياسية التي تدافع عنه في إشارة إلى جماعة الإخوان.
وفي حديث فسره مراقبون على أن موجه بشكل واضح للجماعة، قال الرئيس التونسي أمام جنود الجيش: "يوجد قوات مسلحة عسكرية ومدنية واحدة في تونس ورئيس دولة واحد ودولة واحدة" واستكمل في إشارة إلى خطوات الجماعة لتقسيم البلاد: "من يعتقد أنه يستطيع تفتيت الدولة سيجد الصد والعزيمة ولا تفريق بين القوات المسلحة العسكرية والمدنية".
كما شدد سعيد في هذه المناسبة على ضرورة إفشال اي مخططات لبعض مراكز قوى تشتّيت وتقسّيم تونس، قائلا : "لم اسمح بذلك"، لافتا إلى سعي الإخوان والقوى المساندة لها في مراكز السلطة بالحكومة لذرع الفتنة بين التونسيين.