بأهداف جديدة ومظلة حماية أكبر.. الحكومة تطلق مرحلة ثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي
السبت، 01 مايو 2021 10:12 م
نتائج المرحلة الأولى وصمود الاقتصاد المصري أمام الكوارث شجع على التوسع في الإصلاحات.. اهتمام كبير بمضاعفة برامج الحماية الاجتماعية.. الصناعات التحويلية كثيفة التكنولوجيا والزراعة والاتصالات تحظى باهتمام كبير لتحقيق طفرة في النمو حقيقية
لولا الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي بمنتهى الجرأة منذ سنوات، ما كان لمصر الآن أن تقف على قدمها، وتتجاوز محناً لا حصر لها، لعل أهمها وآخرها وأبرزها أزمة انتشار جائحة كورونا، والتي كبدت العالم كله خسائر بالتريليونات.
مؤسسات اقتصادية كبرى، قالت في تقارير لها إن مصر نجحت بفضل الإصلاح الاقتصادي أن تكتسب مرونة تعينها على مواجهة الكوارث الطارئة، وتلقي الصدمات والصمود ضد ظروف شديدة الاستثنائية وهي الخاصة بجائحة كورونا، فمصر بشهادة تلك المؤسسات العالمية تُعد من الدول المعدودة في العالم، التي استطاعت أن تحافظ على الاستقرار الاقتصادي، وتحقق معدات نمو إيجابية في ظل هذه الجائحة.
هذه الشهادات ترجمت في أرقام لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد، فوصل معدل نمو إلى 5.6 % في العام المالي 2018/2019، مقارنة بـ 2.9 % خلال العام 2013/2014، هذا كان قبل أن تهبط كورونا من السماء لتهز الاقتصاد العالمي كله، بما فيه مصر ، ولكن بفضل هذه الإصلاحات لم نهتز كثيراً وحققنا ثباتاً في معدلات النمو، متوقع أن يرتفع بعض انتهاء الجائحة.
وانخفض معدل التضخم ليسجل 4.3 % في سبتمبر 2019، بعد أن وصل إلى 34.2% في يوليو 2017، وانخفض معدل البطالة في الربع الثاني من عام 2019 ليسجل 7.5%، مقارنة بـ 12.4 % في الربع الثاني من عام 2016، مضيفاً أن قيمة الاحتياطيات من النقد الأجنبي ارتفعت، حيث وصلت إلى 45 مليار دولار في سبتمبر 2019، والتي سجلت 13.4 مليار دولار في مارس 2013، فيما وصل عجز الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي في العام 2018/2019 إلى 8.1%، مقارنة بـ 11.4% خلال العام المالي 2014/2015، كما انخفض معدل الفقر في مصر لأول مرة، حيث سجل 29.7% خلال العام 2019/2020، مقارنة بـ 32.5 خلال عام 2017/2018.
تقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2020، تقول إن مصر تُعد من أسرع اقتصاديات العالم، وثاني دولة على مستوى الدول العربية من حيث الناتج الإجمالي المحلى، كما تأتي مصر ضمن 16 دولة على مستوى العالم حققت معدل نمو من 1% أو أكثر، في الوقت الذى حققت فيه 11 دولة معدل نمو من 0% إلى 1%، و167 دولة مُنيت بانكماش، بعد أن وصل معدل النمو بها إلى أقل من 0%..
كل هذه الأرقام والإحصائيات والشهادات استعرضها منتصف الأسبوع الماضي الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، قبل أن يعلن إطلاق مرحلة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية، أو كما يطلق عليه داخل أروقة الحكومة البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، في حضور عدد كبير من الوزراء، ونواب البرلمان، ومسئولي الاتحادات الصناعية والتجارية، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني، وعدد من ممثلي شركاء التنمية من المؤسسات الدولية.
أول وأهم الأهداف التي تحدث عنها الدكتور مصطفى مدبولي خلال مؤتمر إطلاق المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي، هو تحقيق الاستدامة لنمو الاقتصاد المصري، وزيادة معدلات النمو المرجوة خلال الفترة المقبلة، محذراً من مصير برنامج الإصلاح الاقتصادي الذى تم طرحه في عام 1991م، وحققت المرحلة الأولى منه، والخاصة بالسياسات النقدية والمالية، نجاحا جزئيا، ونتيجة لعدم استتباع هذه الاجراءات ببرنامج ومنظومة للإصلاحات الهيكلية، جعل الاقتصاد المصري يسجل معدلات نمو متراجعة، ولم تنجح هذه المرحلة في تحقيق أهدافها المنشودة.
مدة المرحلة الجديدة من برنامج الإصلاح الاقتصادي محددة بـ 3 سنوات مقبلة، ويستهدف البرنامج لأول مرة جانب العرض الكلي للاقتصاد، وهو يأتي على غير العادة على ما سبق من برامج كانت تستهدف جانب الطلب.
لأول مرة أيضاً يتضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، حزمة من السياسات تستهدف بشكل مباشر مستويات الإنتاجية، من خلال سبعة بنود رئيسية تضم إصلاح هيكل الاقتصاد، وتحرير التجارة، وإصلاح منظومة التدريب المهني، وتطوير أسواق المال، إلى جانب الإصلاحات التي ستتم في سوق العمل المصري، وشكل فرص العمل الجديدة، وكذلك التطوير الخاص بقطاع التعليم، والمنتجات المصرية وتعميق المنتج المحلي في الصناعة المصرية خلال المرحلة القادمة.
هذه الإصلاحات الهيكلية حال نجاح تنفيذها، ستؤثر بطبيعة الحال على رفع كفاءة السياسات التي تستهدف جانب الطلب الكلي، مثل السياسات النقدية والمالية، وهذا يتطلب استمرار التنسيق بين وزارة المالية والبنك المركزي في مجموعة كبيرة جداً من الإصلاحات والرقابة المالية، للاستمرار فيما اكتسبناه من نجاحات في إصلاح السياسات النقدية والمالية.
نقطة في غاية الأهمية أشار إليها الدكتور مصطفى مدبولي، تتعلق بإيمان الدولة المصرية بأنه هناك قطاعات بعينها ستساهم في تحقيق طفرة حقيقية، ونسب نمو أعلى من التي نستهدفها، وهي القطاعات الخاصة بالصناعات التحويلية كثيفة التكنولوجيا، وقطاع الزراعة، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك دون تأثر مساهمة بقية القطاعات وعلى رأسها الطاقة، والتشييد والبناء، التي ستستمر في دعم الاقتصاد المصري.
قال رئيس الوزراء إن مصر تستهدف من برنامج الإصلاح الاقتصادي تحقيق على الأقل من بين 6 إلى 7 % كمعدل نمو خلال السنوات الثلاث القادمة، لافتاً إلى أن نصيب قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الناتج المحلي الإجمالي قد يتضاعف من 2.7 أو 2.8 % إلى 5% على الأقل، كما زاد نصيب قطاع الصناعات التحويلية من 12.5 % إلى 15%، وكذلك قطاع الزراعة الذي أصبح يزيد أيضاً مع تحول ميزان المدفوعات الذي يبلغ حالياً سالب 8.5 مليار دولار، لنستهدف أن يكون هناك فائض ما بين 3 إلى 5 مليارات دولار خلال المرحلة القادمة.، كما تتطلع الحكومة بصورة كبيرة جداً إلى خفض الدين خلال المرحلة القادمة، من خلال منع الدين من العودة للتصاعد، بل السعي لتثبيت الدين خلال العام المالي القادم في الوقت الذي تتصاعد أرقام الدين بصورة كبيرة في دول العالم، على ان ينخفض تدريجياً خلال السنتين القادمتين بعد ذلك في المسار التنازلي .
وحتى يطمأن الجميع، حرص رئيس الوزراء على أن يرسل رسالة لكل الطبقات بأن برنامج الإصلاح الاقتصادي سيصاحبه توسع أكبر في برامج الحماية الاجتماعية، ولاسيما أن هذه البرامج جنبت الأسر حدوث تأثيرات حادة عليها، وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة تستهدف خلال السنوات القادمة تنفيذ برنامج طموح لتحقيق الحماية الاجتماعية، وتطوير الأسرة المصرية، من خلال مشروع "حياة كريمة" الذي أطلقه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والذي تنفذه الدولة المصرية على مدار السنوات الثلاث القادمة، بصورة مكثفة بهدف رفع مستوى حياة أهالينا في الريف المصري الذين يمثلون 58% من عدد سكان مصر.