أكدت الدراسة أن بداية ملامح مرحلة الصدمة الأولى للتنظيم بدأت منذ عزل محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013 بدأت، والتي دفعت نحو انقسام داخلي أنتج جبهتين مُستقلتين، كان التفكير في خطط لمُواجهة الحدث عبر قيام التنظيم بالدفع بالحُشود إلى الشّارع من أجل الضّغط السّياسي على قِيادة المَشهد قَيد التّشكل.
وأوضحت الدراسة أنه مع مُحاولة تَسيير التنظيم كانت الخلافات الدّاخلية بين دوائر القيادة العُليا بالتنظيم تتزايد في الخفاء قبل أن يخرج الصراع إلى العلن مُنذ مارس 2015 حول من يقود التّنظيم، وأيّ مَسار مُقاوم هو الأمثل للجماعة؟ ليترجم ذلك إلى وجود فريقين.
الفريق الأول هو: تيار محمد كمال والذي تولى اللجنة الإدارية الأولى واستقال منها، ثم أُبعد من اللجنة الثانية، وتولى هندسة العمل النوعي بالجماعة في ظل تنامي دوافع ممارسة العنف.
الفريق الثاني: لجنة لإدارة شئون الإخوان المسلمين المصريين في الخارج، ويقودها محمد عبد الرحمن المدعوم من محمود عزت، ويمثل الجيل القديم ويدّعي التمسك بالسلمية.
وكمحاولة للإصلاح وتجاوز ذلك الانقسام تم طرح فكرة إجراء انتخابات لتستمر الخلافات؛ بسبب الكيفية التي ستتم بها، حيث رأى التيار الأول أن تكون شاملة، وأراد التيار الثاني أن تكون تكميلية، ومع إصرار كل طرف على رأيه يُصبح هناك عمليّا كيانان تنظيميان مُتوازيان، لكل منهما قيادة وموقع إلكتروني ومُتحدث رسميّ باسمه.
وتابعت الدراسة كان الصراع يمتد بالتبعية إلى القواعد والتي انقسمت بين الجبهتين، وسعت القيادة التاريخية إلى التّمييز المالي تجاه أنصار المكتب العام كأداة ضغط لإعادتهم إلى طاعتهم، لكنها عمليا لم تستطع ضبط مسار التمويل الداخلي.
ومع طول الصراع واستراتيجيات الأمن المصري في اختراق شبكات الشباب النشط وتفكيك خلايا العنف، انتقل الثّقل التّنظيمي لغالب القواعد في الوقت الراهن لصالح المكتب القديم، في ظل عدم قدرة المكتب العام -جبهة محمد كمال- على حسم الصراع مع الدولة المصرية.
وكشفت الدراسة أنه على الرغم من طول عمر التنظيم وتعدد مصادر تمويله ما بين الاشتراكات الشهرية، الهبات والتبرعات، عوائد استثمار أمواله، إلا أن السّياقات السياسية لوجود التنظيم في مختلف الدول ساهمت في غياب الرؤية الاستراتيجية تجاه تنظيم أموال الجماعة والرقابة عليها والسبل الأمثل لاستثمارها.
لذا كان ولا يزال استثمار أموال الجماعة في مجالات استهلاكية سريعة الدوران، والتي تتم بالدرجة الأولى وفقًا لشبكة علاقاتهم الشخصية، وبناء على ذلك تكون الشراكات مع شبكات متعددة المستويات من رجال الأعمال من المقربين للجماعة، وهذا أدى إلى أن كل مشروعات التنظيم في الداخل والخارج بأسماء أفراد يُوكل لهم الأمر دون رقابة حقيقية من التنظيم، والتي تكتفي بثقة القيادات فيهم وسيرتهم الشخصية الطيبة وضميرهم، وهذا ما يُعرضها للكثير من الاختلاسات وضياع أموال عبر عقود، ولم يتغير شىء فيما يتعلق بالرقابة على هذه الأموال إلى الوقت الراهن.
واختتمت الدراسة أننا أمام حالة استقر فيها العنف كأحد أهم الأدوات التي أقرها التنظيم لإدارة أزمته وتحقيق بعض المكاسب، كما أنه بات جليا أن انقسام التنظيم إلى تيارين إنما يتجاوز الخلافات الفكرية بما تعنيه كلمة فكر نحو خلافات على أى مستوى من مستويات العنف يتم اللجوء له، وخلافات حول المصالح الشخصية، سواء على مستوى المناصب أو تحصيل مكاسب مالية، فضلا عن تفشى مبدأ ”الشللية” داخل التنظيم.