«قيد التحقيق».. هل أخطأت الحكومة في التعامل مع أزمة فيديو نقص الأكسجين بمستشفى الشرقية؟

الأربعاء، 06 يناير 2021 11:18 ص
«قيد التحقيق».. هل أخطأت الحكومة في التعامل مع أزمة فيديو نقص الأكسجين بمستشفى الشرقية؟
طلال رسلان

بعد مرور أيام على واقعة انتشار الفيديو الذي ادعى وفاة كل المصابين بكورونا في غرفة العناية المركزة بمستشفى الحسينية بالشرقية بسبب نقص الأكسجين، خفت حدة الغضب تدريجيا كطبيعة المجتمع وانشغال الناس بقضايا أخرى، لكن ما زالت الأسئلة معلقة وصور المرضى و"الممرضة الأيقونة" في قلة حيلتها لم تفارق الأذهان !!، ماذا حدث فعلا، وهل كان هناك نقص في الأكسجين أصلا، هل أخطأ المسئولون في المستشفى؟.. الأكيد الآن هو أن التحقيقات جارية في الواقعة من قبل النيابة العامة.
 
مستشفى الحسينية
 
في بداية الأزمة لم يخرج المسئولين، سواء مديري المستشفى أو وكيل وزارة الصحة في المحافظة، بأية تصريحات تخص الواقعة، لكن بمجرد انفجار موجة الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، مصحوبة بدفع من حسابات هدفها كان واضحا منذ البداية بإشعال الأوضاع بتعليقات مستفزة لمشاعر المواطنين، مع الرعب الذي يتملك الناس من التعامل مع فيروس كورونا القاتل والموجة الثانية من الانتشار، بدأت تحركات رسمية مع تصريحات توضح تفاصيل الواقعة قبل قرار النيابة بالتحقيق الكلي في القضية لبيان الحقيقة.

اقرأ أيضا: بعد أزمة مستشفى زفتى والحسينية.. العربي الحديث يفضح الجماعة الإرهابية بتسريب جديد: تثير البلبلة والفتنة

مدير مستشفى الحسينية: الوفيات طبيعية

في أول رد له على واقعة فيديو غرفة العناية المركزة قال مدير مستشفى الحسينية، الدكتور محمد النجار" هذه حملة ممنهجة في ظل ظروف صعبة ووباء نتعامل معه بكل ما أوتينا من جهد، الحقيقة ودون أي تلاعب، فيه 4 حالات وفاة طبيعية تماما وهم من كبار السن وعندهم أمراض مزمنة وماتوا بجلطات وغيبوبة كبدية ودا واضح من التقارير الطبية والمتابعات".
 
وأكد الدكتور محمد النجار "الأكسجين لم ينقطع عن المستشفى، هذا لم يحدث، فالمستشفى تعمل بتنك أساسي بسعة 6 آلاف لتر، إلى جانب 24 أنبوبة للطوارئ 800 لتر تكفي 24 ساعة، وحتى لو نفد الاحتياطي عندنا 20 أنبوبة أكسجين أخرى في المستشفى".
 
ولقطع الطريق أمام ما وصفهم بالمغرضين قال إن "مستشفى الحسينية بها 42 سريرا للعزل، منهم 7 للعناية المركزة، وفي توقيت الفيديو المتداول لم تتأثر الأوضاع في حضانات الأطفال ولا رعاية القلب، الأكسجين لو اتفصل في العناية زي ما بيقولوا ليه حضانات الأطفال متأثرتش وفيها 11 طفل وعناية القلب كمان مفيهاش حد مات".
 
لكن تصريحات مدير المستشفى أشعلت الغضب أكثر وتناقلتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مع هجوم شرس على الحكومة ووزيرة الصحة، حتى مع عدم وجود دليل من صحة الفيديو أو ادعاء المصور بكارثة نقص الأكسجين، فصورة الممرضة التي بدت منهارة إلى جانب سرير أحد المرضى في وقت يحاول زملاؤها إنقاذ الأرواح، أثارت المشاعر وقلبت السوشيال ميديا رأسا على عقب.
 
ممرضة مستشفى الحسينية
ممرضة مستشفى الحسينية
 
 

أول تعليق من الممرضة

بعد مرور أقل من ساعة، خرجت الممرضة آية علي محمد علي، من منطقة الحجازية التابعة لمركز الحسينية بمحافظة الشرقية، على وسائل الإعلام بتصريح قالت فيه "إنها تعمل منذ 7 أشهر في قسم العزل بالمستشفى، وتخرجت حديثا من أحد معاهد التمريض بالمحافظة، وتتلقى تدريبها داخل مستشفى الحسينية قبل أن تنتقل إلى قسم العزل في أواخر الموجة الأولى من كورونا.

وعن صورتها التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول آية "الأكسجين ضغطه قل الساعة التاسعة والنصف، والحالات كان عندها اختناق، وحاولنا كتير نسعفهم وفشلنا لأن حالتهم كانت متدهورة أصلا قبل نقص الأكسجين".

أقرأ أيضا: الأكسجين برئ من حادث الحسينية.. وكيل الصحة بالشرقية: نعمل وفق منظومة دقيقة

تتابع التصريحات الرسيمة.. من وكيل الصحة إلى رئيس الوزراء

بعد تصريحات الممرضة في أول تعليق لها والإشارة إلى شبهة نقص الأكسجين، صرح ممدوح غراب محافظ الشرقية، إنه تواصل مع وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، لمتابعة واقعة وفاة مرضى من مصابي كورونا داخل العناية المركزة بقسم العزل في مستشفى الحسينية المركزي، ومديرية الصحة أرسلت لجنة إلى المستشفى للوقوف على كافة ملابسات الواقعة، بعد تردد أنباء بين الأهالي بأن الوفاة كانت بسبب نقص أو نفاد كميات الأكسجين، مشيرًا إلى أن اللجنة ما زالت تتابع عملها، وأكد المحافظ أنه سيتم تشكيل لجنة للتحقيق في الواقعة بعد استلام تقرير الصحة للتأكد من الوقوف على كافة الملابسات.

خلال ذلك تتابعت التصريحات الرسمية في وسائل الإعلام لكن جميعها كانت تشير إلى انتظار تحقيقات النيابة والتقارير الرسمية، قبل قرار المستشفى بإحالة مصور الفيديو إلى التحقيقات بسبب إثارته لغضب الناس وادعاءاته على حد ما ذكر القرار.

كان لابد من ظهور المسئولين على مستوى أكبر، الأزمة لم تكن بسيطة، وكل المعلومات تخمينية ومتداخل بها كثير من شائعات السوشيال ميديا مع ألاعيب من يصطادون في الماء العكر، وساعدهم في ذلك رصيد السمعة السيئة للمستشفيات الحكومية عند المواطنين، وتقاعس بعض المسئولين عن أداء دورهم بأمانة.

في تتابع مستمر لبيان الحقيقة، التقى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، حيث تم استعراض تقرير حول ما تم تداوله بشأن وجود حالات نقص في كميات الأكسجين المتاحة في مستشفى الحسينية المركزي.

وأوضحت الوزيرة أنه في ضوء التقرير الوارد من مدير المديرية، فإنه في يوم السبت 2 يناير 2021، كان عدد الأسرة المشغولة بمُستشفى الحسينية 7 أسرة عناية عزل، وهي أقصى حدود طاقة المستشفى، إلى جانب 3 أسرة عناية قلب، وسريري رعاية باطنة، و11 حضانة، حيث تبين بالفحص استقرار العمل بالمستشفى.

وأوضح التقرير أنه تواجد في خزان الأكسجين 500 لتر في الساعة 7 مساء السبت، وتم امتلاء الخزان الساعة 9 ونصف مساء، ليُصبح 5500 لتر، كما أن شبكة الغازات تعمل بحالة جيدة، وأنه يوجد بالمستشفى شبكة غازات احتياطية متصل عليها 24 أسطوانة، علما بأنه كان يوجد 33 مريضا بقسم العزل، يتم توفير الأكسجين لهم من خلال نفس الشبكة، ولم يتأثر منهم أحد، بالإضافة إلى وجود أقسام أخرى تستخدم نفس شبكة الغازات، والتي لم يتأثر أي من المرضى المتواجدين بها، مما يؤكد عدم وجود علاقة بين حالات الوفاة، وإدعاء حدوث نقص الأكسجين.
 
وكشف التقرير عن أن عدد المُتوفين بمستشفى الحسينية هم 4 مصابين بفيروس كورونا المستجد، سيدتين ورجلين، أعمارهم كالتالي : (76 ـ 67 ، 64 ـ 44)، تعاني سيدة ورجل منهم من مرض البول السكري، وكانت أسباب الوفاة توقف القلب، إثر احتمالية حدوث جلطة بالشريان الرئوي، وبمُراجعة علاج تلك الحالات، تبين اتباع بروتوكولات العلاج المتفق عليها مع تلك الحالات.
 
وقالت وزيرة الصحة، خلال الاجتماع، إنه سيتم إعداد تقرير يومي لرئيس الوزراء، عن توريد الأكسجين لكافة المستشفيات، والشركات الموردة، كما أنه سيتم إعداد مؤشر يومي إلكتروني حول هذا الشأن، بهدف الاطمئنان على توافر الأوكسجين في كل المستشفيات، كما استعرضت الوزيرة موقف توافر الأكسجين، ونتائج اجتماعاتها مع الشركات المنتجة للأكسجين، مشددة على أن لدينا حاليا مخزونا كافيا، والشركات تزيد من إنتاجها. 

لكن التصريحات الرسمية وكل البيانات بالإشارة إلى عدم نقص الاكسجين، لم توقف الأسئلة المترددة على ألسنة المواطنين والغضب من الفيديو، لكن أوقفت زحف منشورات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي ما لبثت أن وجدت ضالتها في ناحية أخرى بعد تسريب صورة لوزيرة الصحة قيل إنها أثناء حضورها لحفل زفاف أحد المعارف، وظهر عدد كبير في قاعة الزفاف مع عدم وجود إجراءات احترازية.

لكن واقعة صورة وزيرة الصحة في حفل الزفاف لم تكن بقدر مأساة الفيديو وتأثيره في المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن على أرض الواقع فلم ترد أي شكوى من أي مستشفى وفقا للبيانات الرسمية من نقص الأكسجين.

حتى إنه وزارة الصحة والسكان في تأكيد دوري على الأمر تفيد بتوافر مخزون كاف من غاز "الأكسجين الطبي" بجميع المستشفيات التي تستقبل مرضى كورونا بمحافظات.

اقرأ أيضا: تجار الدم.. تناقض الإخوان بين تفجير معهد الأورام والمتاجرة بمستشفى الحسينية

وفي تتابع على مدار اليومين الماضيين، تصرح وزيرة الصحة إن الدولة لا تألو جهدًا في الحفاظ على صحة المواطنين في ظل مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، ويوجد حاليًا في الموجة الثانية 363 مستشفى تواجه جائحة فيروس كورونا، ويوجد 34 ألف سرير متاحين للمرضى حاليًا، ويمكن مضاعفة الرقم في أي وقت، ويوجد مخزون من الأدوية يكفي 10 شهور.

وتؤكد الوزيرة وجود مخزون لأكثر من 350 ألف لتر أكسجين طبي ورفع كفاءة شبكات الأكسجين بالمستشفيات ، وأن أي حالة تحتاج إلي جهاز تنفس صناعي ورعاية مركزة تذهب إلى مستشفيات الوزارة حتى لو لم تشخص فيها، ويتم امداد المستشفيات بالأكسجين بشكل مستمر وتوفير مخزون استراتيجي كاف لتلبية جميع احتياجات القطاع الصحي خاصة لمرضى فيروس كورونا، كما تم زيادة عدد "تانكات" الأكسجين والاسطوانات بجميع المستشفيات، فضلاً عن القيام برفع كفاءة جميع شبكات الغازات الطبية بالمستشفيات والصيانة الدورية لمنع حدوث أي أعطال أو تسريبات بأجهزة الغازات الطبية تؤثر على تلقي المرضى للخدمة الطبية.
 
مع تحذيرات مصحوبة بحملات أمنية من قيام بعض المواطنين باللجوء إلي شراء أو تخزين الأكسجين واستخدامه في علاج الحالات الحرجة بكورونا، دون اشراف طبي، إلى جانب محاربة مافيا التجارة بآلام البشر الذين يعبئون الأكسجين لبيعه في السوق السوداء.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق