"عدم كفاية الضمانات".. الثغرة الأكثر خطورة في قانون الشهر العقاري لنقل الملكية
الثلاثاء، 01 ديسمبر 2020 10:19 ص
بادر المشرع بإصدار القانون رقم 186 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الشهر العقاري، في سبيل تسهيل إجراءات تسجيل العقارات بنظام "الشهر العقاري" الشخصي دون نظام السجل العيني، وطبقا لما جاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، فإنه جاء حرصًا من الدولة على دفع عجلة التنمية في المجال العقاري، لذا تسعى الدولة لإيجاد حلول للمشكلات التي تواجه التصرفات في مجال الاستثمار العقاري.
مميزات تعديلات قانون الشهر العقارى
وتعد مشكلة صعوبة إجراءات نقل الملكية من أبرز هذه المشكلات، وقد قام مشروع القانون بالعمل على حل هذه المشكلة، وذلك عن طريق إضافة مادة مستحدثة برقم - 35 مكررًا - إلى القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري، تضمنت طريقًا مستحدثًا لنقل الملكية، وأن ما جاء فى المادة 35 مكرر، من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري تضمنت تلك المادة طريقًا مستحدثًا لنقل الملكية، وذلك عند وجود حكم نهائي يكون سندًا لطلب الشهر العقاري، ويثبت إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية، أو نقله، أو تقريره، أو تغييره، فأوجب على أمين المكتب إعطاء رقمًا وقتيًا شهرًا أو قيدًا في سجل خاص لكل منهما يعد لذلك بعد سداد الرسم المقرر.
ويتحول الرقم الوقتي إلى رقم نهائي، وتترتب عليه الآثار المترتبة على شهر المحرر أو قيده، وذلك عند عدم الاعتراض عليه أو رفض الاعتراض، وإتاحة المادة المضافة الاعتراض على صدور الرقم الوقتي أمام قاضي الأمور الوقتية خلال شهر من تاريخ نشره بإحدى الصحف اليومية واسعة الانتشار على نفقة صاحب الشأن، على أن يصدر القاضي قرارًا مسببًا بقبول الاعتراض والغاء الرقم أو برفض الاعتراض وذلك خلال سبعة أيام من تاريخ رفع الاعتراض إليه مقرونًا بالمستندات المؤيدة له، ويكون القرار الصادر في هذا الشأن نهائيًا، وبذلك يُفتح باب جديد لتسجيل الملكية، ويطبق الأحكام النهائية، ويحترم حجيتها.
قانون الشهر بين تسهيل الإجراءات وفتح الثغرات لمافيا العقارات
في التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على حزمة من الإشكاليات بشأن تعديلات قانون الشهر بين تسهيل الإجراءات وفتح الثغرات لمافيا العقارات، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تُحقق هذه التعديلات الغرض المرجو منها، أم تفتح الباب على مصراعيه للتلاعب بقصد سلب أملاك الحقيقيين الغائبين أو الموجودين خارج البلاد؟ وهل تكفل الضمانات التي قررها المشرع عدم النيل من حقوق الملاك الأصليين؟ وماذا عن العقارات الخاضعة لنظام السجل العيني والتي أغفل المشرع ذكرها؟ وسوف يجيب على تلك التساؤلات الخبير القانوني والمحامى بالنقض حازم عيسوى.
أولًا: أثر التعديلات التي استحدثتها المادة "35" مكررًا على حقوق الملاك الأصليين:
الأثر الأول: فتح الباب على مصراعيه لشهر الأحكام التي لم يختصم فيها الملاك الأصليين.
فقد أوجبت الفقرة الأولى من المادة "35" مكرر على أمين المكتب إعطاء الطلب رقمًا وقتيًا شهرًا أو قيدًا في سجل خاص لكل منهما يُعد لذلك بعد سداد الرسم المقرر، إذا كان سند الطلب حكمًا نهائيًا يثبت إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية، أو نقله، أو تقريره، أو تغييره، أو زواله، وهذا النص على إطلاقه لم يقيد أمين المكتب بالحقوق العينية للمالك الأصلي، ولم يشترط كما كان الحال عليه في ظل الفقرة الأخيرة للمادة "23" من قانون الشهر عدم تعارض المحرر مع مستندات الحقيقي أو صاحب الحق العيني – وفقا لـ"حازم".
فلم تكن هذه الأحكام تقبل الشهر في ظل الفقرة الأخيرة المضافة للمادة 23 من قانون الشهر وهذا ما قررته المذكرة الإيضاحية لذلك القانون حيث جاء بها:
أضاف المشروع فقرة أخيرة إلى المادة "23" من مقتضاها عدم الاعتداد في بحث الملكية أو الحقوق العينية بالمحررات المشهرة، إذا كانت تتعارض مع مستندات المالك الحقيقي أو صاحب الحق، ذلك أنه لا يكفي في نظام التسجيل الشخصي أن يكون المحرر مشهرًا حتي ينتقل الحق الوارد به، وإنما يجب أن يكون التصرف صادراً من صاحب الحق لأن الإشهار لا يصحح التصرف الباطل.
وذلك حماية للملاك وغيرهم من أصحاب الحقوق العينية من عصابات اغتصاب الأراضي التي توصلت إلى شهر المحررات على الرغم من صدورها من غير أصحاب الحقوق، ومعنى تلك الإضافة أنه أصبح لمصلحة الشهر العقاري المفاضلة بين المحررات والاعتداد بالمحرر الصادر من صاحب الحق الحقيقي دون غيره من المحررات ولو كانت مشهرة، وتصحيحًا لهذه الأوضاع والتزاماً بالمبادئ المتقدمة فقد كان العمل يجري بمكاتب الشهر العقاري، بناءً على ما أفتى به مجلس الدولة على عدم الاعتداد في بحث الملكية أو الحقوق العينية بالمحررات المشهرة إذا كانت تتعارض مع مستندات المالك الحقيقي أو صاحب الحق".
كذلك أصبح من الواجب شهر الأحكام المنتهية صلحًا ولم يمثل فيها المالك الأصلي على الرغم من كونها لا تحمل حجية الأحكام، بحسب ما استقر عليه قضاء محكمة النقض بقولها: "أن تصديق القاضي على الصلح أساسه سلطته الولائية مؤدى ذلك ما حصل أمامه من اتفاق وتوثيقه ليس له حجية الشئ المحكوم فيه، وإن أعطى شكل الأحكام عند إثباته، طبقا للطعن رقم 3075 لسنة 60 ق، إلا أنه وفي ظل التعديل السابق ذكره أصبح من الواجب شهر تلك الأحكام الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه للاحتيال وغصب أملاك الغير.
الأثر الثاني في منتهى الخطورة:
عدم كفاية الضمانات التي وضعها المشرع لأصحاب الحقوق العينية والملاك الأصليين.
فقد أوجب التعديل تحويل الرقم الوقتي إلى رقم نهائي، ويترتب عليه الآثار المترتبة على شهر المحرر أو قيده، وذلك عند عدم الاعتراض عليه أو رفض الاعتراض، فقد كفل المشرع لأصحاب الحقوق العينية والملاك الأصليين الاعتراض على صدور الرقم الوقتي أمام قاضي الأمور الوقتية خلال شهر من تاريخ نشره بإحدى الصحف اليومية واسعة الانتشار على نفقة صاحب الشأن.
وهذا الميعاد قصير جدًا، خاصة وأن طريقة إعلان صاحب الشأن تكون من خلال النشر بالصحف اليومية، والتي أصبحت في ظل التقنيات الحديثة وسيلة غير فعالة لتحقق العلم اليقيني للكافة ناهيك عن عدم معقولية اطلاع الملاك الأصليين يوميًا على الصحف واسعة الانتشار لضمان عدم التعامل على أملاكهم بمعرفة الغير، أضف لذلك وجود نسبة كبيرة من الملاك الأصليين في إقامة شبه دائمة خارج البلاد، الأمر الذي يتيح لعصابات الاستيلاء على العقارات التصرف في عقاراتهم في ظل التعديلات الجديدة بأحكام كانت فيما مضى لا تقبل الشهر، مما يُعد إهدارًا لحقوق الملكية، وفتح الباب لعصابات الاستيلاء على العقارات – الكلام لـ"عيسوى".
الآثر الثالث والثغرة الأشد خطورة:
هي صدور قرارًا نهائيًا من قاضي الأمور الوقتية في غيبة الملاك الأصليين:
فقد أوجب التعديل صدور القرار بتثبيت أو إلغاء الرقم الوقتي خلال ميعاد قصير قدره سبعة أيام من تاريخ العرض عليه، وهو ميعاد لا يُمكن قاضي الأمور الوقتية الغير متفرغ لنظر الأمور الوقتية التي يفصل فيها بجانب قيامه بأعباء أخرى بالمحكمة، من فحص الملكية بدقة تكفل له إصدار قرار نهائي يمس حقوق الملاك الأصليين حال علمهم بوجود تلك الإجراءات وهو أمر شديد التوقع، فقد يقوم أحد المحتالين بتسخير من يعترض على الشهر الوقتي حتى إذا ما صار القرار نهائيًا تحول الرقم الوقتي لرقم دائم.
وتكمن الخطورة أيضًا في كون القرار الذي يصدره قاضي الأمور الوقتية نهائيًا، أي لا يجوز الطعن عليه، علي رغم من كونه قرارًا مسببًا؟! فما جدوى تسبيب القرار إذن ما لم يكن هناك رقابة عليه من خلال طرق الطعن المقررة قانونًا، وهو ما يثير شبهة عدم دستورية هذا النص الذي حصّن القرار الوقتي من الطعن عليه.
العقبة الأخيرة:
ميعاد قصير لحظر التعامل على العقارات غير المشهر سند ملكيتها
فقد - أوجب التعديل على شركات الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الشركات والجهات والوزارات والمصالح الحكومية عدم نقل المرافق والخدمات، أو اتخاذ أي إجراء من صاحب الشأن يتعلق بالعقار إلا بعد تقديم السند الذي يحمل رقم الشهر أو القيد.
ونصت المادة الثانية على أن يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به بعد ستة أشهر لتاريخ نشر هذا القانون الحاصل في 5 سبتمبر2020م أي تنتهي المهلة في شهر أبريل عام 2021 م، وهو ميعاد قصير جدًا في ظل ظروف المنظومة القضائية الحالية فالحصول على حكم ابتدائي قد يستغرق من سنتين لثلاث سنوات، ناهيك عن مدة من عام لعامين أمام محكمة الاستئناف حتى يصير الحكم نهائي، يلي ذلك مواعيد وإجراءات شهر الحكم النهائي التي قد تستغرق من عام لعامين أمام مأموريات الشهر العقاري التي تعاني في الفترة الحالية من قصور شديد في الإمكانيات التقنية والبشرية والمادية.
ويبقى السؤال:
ويبقى السؤال الحائر: ماذا عن موقف أصحاب وشاغلي العقارات الغير مشهرة والخاضعة لنظام السجل العيني بكل ما يحمله نظام القيد بالسجل العيني من معوقات وتعقيد في الإجراءات، مع شركات الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الشركات والجهات والوزارات والمصالح الحكومية التي أوجب عليها التعديل عدم نقل المرافق والخدمات، أو اتخاذ أي إجراء من صاحب الشأن يتعلق بالعقار؟
نص تعديلات القانون
يشار إلى أنه صدر فى سبتمبر الماضى القانون رقم ١٨٦ لسنة ٢٠٢٠ بتعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري، ونصت المادة الأولى من القانون على أن تضاف مادة جديدة برقم (35 مكرراً) إلى القانون رقم (114) لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري نصها الآتي:
مادة "35" مكررأ:
إذا كان سند الطلب حكماً نهائياً يثبت إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية، أو نقله، أو تقريره، أو تغييره، أو زواله، يجب على أمين المكتب إعطاء الطلب رقماً وقتياً شهراً أو قيداً في سجل خاص لكل منهما يُعد لذلك بعد سداد الرسم المقرر، ويتحول الرقم الوقتي إلى رقم نهائي، ويترتب عليه الآثار المترتبة على شهر المحرر أو قيده، وذلك عند عدم الاعتراض عليه أو رفض الاعتراض.
ويكون الاعتراض على صدور الرقم الوقتي أمام قاضي الأمور الوقتية خلال شهر من تاريخ نشره بإحدى الصحف اليومية واسعة الانتشار على نفقة صاحب الشأن، ويصدر القاضي قراره مسبباً بقبول الاعتراض وإلغاء الرقم أو برفض الاعتراض، وذلك خلال سبعة أيام من تاريخ رفع الاعتراض إليه مقرونا بالمستندات المؤيدة له، ويكون القرار الصادر في هذا الشأن نهائيا.
وعلى شركات الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الشركات والجهات والوزارات والمصالح الحكومية عدم نقل المرافق والخدمات، أو اتخاذ أي إجراء من صاحب الشأن يتعلق بالعقار إلا بعد تقديم السند الذي يحمل رقم الشهر أو القيد.
وتحدد اللائحة التنفيذية إجراءات وقواعد تنفيذ أحكام هذه المادة.
ونصت المادة الثانية على أن يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به بعد ستة أشهر لتاريخ نشر.