الزوج الطبيب المريض
الأحد، 18 أكتوبر 2020 08:30 م
كنت بالصدفة في محكمة الاحوال الشخصية عندما سمعت عن قضية طلاق مثيرة، وشدنى الفضول لمتابعة القضية وتفاصيلها، وبالفعل حضرت الجلسة التي بدأت بوقوف سيدة تحتضن طفلين صغيرين.
وقفت السيدة أمام القاضي وقالت في هدوء "بعد عشر سنوات زواج كنت فيها الزوجة الصالحة المخلصة الحنونة اقوم بواجباتي باعتراف زوجي، وكنت وفية لاسرته وحياته، وانجبت له طفلين هما الآن في المرحلة الاولي في الدراسة، وجدت نفسي وحيدة بالبيت، فزوجى يعمل طبيب ويقضى كل وقته بين المستشفى والعيادة ثم النوم، وفكرت بعد نصيحة من اسرتي أن اعود إلي عملي، فأنا أيضاً طبيبة مثله، وحصلت علي الاجازة بعد حملي والولادة، ولم احزن وقتها، وكان وقتي كله بالبيت وحيدة وانقطعت عن عملي، والغريب أن زوجى ارتبطى بى وقت أن كنت أعمل، وكان معجب بعملي، وهو ما جعلنى دوماً اتسأل لماذا يرفض الآن عملي؟.. فانا احب عملي كما احب بيتي وزوجي والطفلين.. العمل هو كياني ودراستي الطويلة الشاقة في كلية الطب حتي اصبحت طبيبة، هل يا سيدي المحترم القي بهم في صندوق القمامة حتي اعجب هذا الرجل؟!".
وأضافت الزوجة "عندما فاتحت زوجى بشأن عملي لم يعترض، لكن انهال علي بالضرب.. تخيل ضربني انا الطبيبة!.. ما هذا الزمن الذي نعيش فيه فقد اهانني امام اطفالي الصغار، والمؤلم المدهش أنه بعد ذلك امتنع عن الانفاق علي والطفلين، وامتنع عن الحضور بالبيت.. هذا هو زوجي وانا اخاف من هجره، فلا أريد الطلاق، وكل ما أريده أن يعود زوجى للبيت".
انهت الزوجة حديثها وجلست تبكي بعدما اثارت دهشة الجالسين بكلماتها البسيطة في عرض قضيتها، وبعدها قام الزوج من مكانه بعد أن ثارت الجلسة والمستمعين علي كلمات المرأة المسكينة.
الزوج هو رجل انيق فارع الطول اسمر اللون، قال وهو يشير لزوجته "انني ارفض عودتها للعمل فالبيت في حاجة اليها، كيف يعود الطفلين من المدرسة ويظلان في الشارع حتي تعود الست الهانم الدكتورة من المستشفى، وكيف نطمئن لوجود طفلين صغيرين بمفردهما حتي نعود نحن الاثنين من العمل.. انني رجل مقتدر ولا ابخل علي اولادي ولا بيتي.. نعم اعلم أنها طبيبة لكن قبلت الزواج مني لان تكون في البيت فهي اصبحت ام وزوجة فلماذا تعمل؟!.. وانا زوجها واريدها زوجة فقط وليست طبيبة ما الخطأ في هذا.. أنني احافظ علي بيتي وزوجتي.. وهذا هو شرطي فقط لكي انفق عليها، فلن اطلقها حفاظا علي الطفلين لكن لن انفق عليها طالما خرجت عن ارادتي".
جلس الطبيب ثم تحدث الشهود وقالوا معلوماتهم التي أكدت ما قالته الزوجة بامتناعه عن الأنفاق عليها وعلي الطفلين، وأن الزوج لن يدخل البيت اذا خرجت للعمل واعتبر هذا تمرد عليه، وبعد أن استمعت للجميع أصدرت المحكمة حكمها بإقرار نفقة خمسة الاف جنية للزوجة والأطفال، وتضمنت حيثيات الحكم أن المبدأ هو أن النفقة دين علي الزوج من تاريخ امتناعه عن الانفاق علي زوجته، وهناك اسباب حددها القانون تسقط فيها النفقة عن الزوجة وهي اما بخروجها من المنزل دون أذن زوجها او امتناعها عن طاعته او رفضها الذهاب إلي منزل الزوجية، وفي هذه الدعوى عندما تزوجت كانت طبيبة ووافق علي ذلك ولم يرفض او يمنعها عن العمل، لذلك فإن قراراها العودة للعمل ليس سببا للامتناع عن الانفاق عليها.